مستشار للمالكي: زيارته الأخيرة لكردستان إيذان ببدء حقبة جديدة من العلاقات

مجيد: رؤية مشتركة تبلورت أثناء اللقاءات تجاه المخاطر والتحديات

نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي خلال زيارته الاثنين الماضي لمتحف لضحايا الهجوم الكيماوي في حلبجة بكردستان (أ.ب)
TT

قال مستشار لنوري المالكي إن زيارة رئيس الوزراء العراقي الأخيرة إلى كردستان كانت بمثابة الإيذان ببدء حقبة جديدة في العلاقات بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة إقليم كردستان في أربيل، لكنه أقر في الوقت نفسه بأن التحديات كبيرة.

وقال ياسين مجيد، المستشار الإعلامي للمالكي، لوكالة «رويترز»، إن اللقاءات والاجتماعات التي أجراها المالكي في مجمع دوكان قرب السليمانية مع رئيس الجمهورية، جلال طالباني، ورئيس إقليم كردستان، مسعود بارزاني، «شكلت مرحلة جديدة من العلاقة، بسبب ما يمكن تسميته (الرؤية المشتركة) التي تبلورت أثناء اللقاءات تجاه المخاطر التي تواجهها العملية السياسية والتجربة الديمقراطية من تحديات». وأضاف: «تولدت قناعة بأن هناك تحديات كبيرة ومهمة، خاصة أن العراق مقبل على انتخابات برلمانية، وهناك انسحاب للقوات الأميركية. هناك قناعة ورؤية مشتركة لمواجهة هذه التحديات».

ومثلت زيارة المالكي لكردستان، ولقاؤه بارزاني تحديدا، كسرا لأكثر من عام من الجمود، كان الاثنان يتحدثان خلاله بالكاد. ومع استعداد القوات الأميركية للانسحاب من العراق بحلول عام 2012، ينظر إلى الخلاف بين إقليم كردستان والحكومة المركزية التي يقودها الشيعة على أنه أكبر تهديد لاستقرار البلاد الهش.

وفي حين تراجع العنف الطائفي الذي كاد يمزق العراق دارت مواجهات حادة بين القوات الكردية والعراقية في الأراضي المتنازع عليها التي يعيش بها مزيج من العرب والأكراد وجماعات عرقية أصغر حجما. وضغطت واشنطن التي تدخلت قواتها عدة مرات لنزع فتيل الخلاف من أجل الوصول إلى تسوية قبل أن تعود قواتها إلى الوطن لكنها شعرت بخيبة أمل بسبب بطء التقدم. وحاول جو بايدن، نائب الرئيس الأميركي، وروبرت غيتس، وزير الدفاع، في زيارتين قاما بهما في الآونة الأخيرة للعراق، تسليط الضوء على مدى إلحاح المشكلة.

وقال مارك لينش، الباحث في مجلة «فورين بوليسي»: «الجميع كانوا يحذرون من أن الانقسام العرقي بين العرب والأكراد هو الأكثر خطورة، لكن الساسة العراقيين لم يتصرفوا من هذا المنطلق». وأضاف: «حقيقة أن المالكي أخذ بزمام المبادرة أخيرا تظهر أنه كان هناك الكثير من الضغط الأميركي. وحاول غيتس، وبايدن، وآخرون تنبيهه إلى أن فرصته للتحرك على وشك أن تنتهي. الأميركيون ينسحبون، لهذا خير له أن يتحرك بسرعة».

وواقعيا يبدو الوصول إلى اتفاق أبعد من أي وقت مضى، حيث لم يتفق المالكي وبارزاني إلا على إجراء مزيد من المحادثات، وتشكيل لجنة مشتركة لبحث الخلافات. وقال مجيد إن من المقرر أن يزور وفد كردي رفيع المستوى بغداد قريبا. وقال فؤاد حسين، رئيس ديوان الرئاسة في إقليم كردستان، إن هذه خطوة أولى في اتجاه طيب، لكن يجب أن يكون المرء واقعيا، لأن الطريق طويل. وأضاف أن من السابق لأوانه تقديم تنازلات.

ويقع مصير كركوك، التي تنتج خُمس النفط العراقي، وأراض أخرى متنازع عليها، في قلب المشكلة. ويعتبر الأكراد كركوك موطن أجدادهم، ويريدون ضمها داخل حدودهم، وهي الفكرة التي رفضها المالكي لأنه يخشى فقد النفط، كما يخشى فقد تأييد العرب والتركمان الذين يسكنون المنطقة. وهذه المسألة حساسة بالنسبة للأكراد لأن الرئيس العراقي الأسبق، صدام حسين، طرد الآلاف منهم من كركوك وأراض حدودية أخرى لتعزيز سيطرته على هذه المناطق خلال فترة حكمه. وخلال الحملة الانتخابية التي سبقت انتخابات كردستان، التي جرت في 25 يوليو (تموز)، وفاز فيها بارزاني بنسبة 70 في المائة من الأصوات، قال إنه لن تكون هناك تنازلات بشأن كركوك، وإن على العراق الالتزام بالخطة التي ينص عليها الدستور الذي وضع عام 2005 بإجراء تعداد للسكان ثم استفتاء على مصير المنطقة. وترفض بغداد ذلك قائلة إن الأكراد تدخلوا بعنف لقلب أي نتيجة. وحاولت الأمم المتحدة إقناع بارزاني بالتخلي عن هذا الطلب الذي تخشى من أنه قد يؤدي إلى نشوب حرب.

لكن في حين لم يظهر المالكي أو بارزاني أي رغبة في التنازل، فإن محللين يقولون إن هذه ربما تكون مناورة قبل المحادثات. ويقول أنتوني كوردزمان، من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية: «حين يكون لديك موقف تفاوضي قائم على الحد الأقصى من المطالب.. وإلى أن تحرز نوعا من التقدم.. فإنه سيبدو غير مرن، وهذا لا يعني أنه غير مرن».

كما ترفض بغداد عقود النفط التي وقعها الأكراد، بشكل مستقل، مع مؤسسات في إقليمهم، بوصفها غير قانونية. لكن هناك الانتخابات التي يواجهها المالكي في يناير (كانون الثاني).

ويقول محللون إنها يمكن أن تجعله راغبا في التوصل إلى تسوية مع الأكراد، خاصة أن العلاقات بين حزبه، وهو حزب الدعوة، مع حليفه القوي، المجلس الأعلى الإسلامي العراقي، ضعفت في العام المنصرم. وقال زهير الجزائري، رئيس تحرير وكالة أنباء «أصوات العراق»، إن المالكي يحتاج بالفعل إلى تهدئة الوضع مع الأكراد قبل الانتخابات القادمة، لأنه ربما يحتاج إلى حزب أو حزبين كرديين لتقوية ائتلافه مجددا.

كما تم إحراز تقدم في عدد من المجالات الأخرى. وفي يونيو (حزيران) بدأ العراق تصدير النفط من الحقول الكردية التي كان قد ندد بالتعاقدات بشأنها، بوصفها غير قانونية، مما أثار الآمال بأن هذه الخلافات يمكن أن تذوب في نهاية المطاف.