اختلاف العادات وراء المواجهات بين السكان والصينيين في الجزائر

TT

تتخوف سلطات العاصمة الجزائرية من نشوب معارك شوارع أخرى داخل ما صار يعرف بـ«تشاينا تاون»، في الضاحية الشرقية للعاصمة، بعد حادثة تعرض أحد سكان الحي لضرب مبرح على أيدي صينيين الأحد الماضي. ويقول سكان إن الصينيين سيصيرون غالبية في الحي بعد نحو سنة، إذا استمر زحفهم بالكثافة التي يشهدها حاليا. وتتميز علاقات الطرفين بتوتر حاد بسبب اختلاف الثقافة والتقاليد.

وزارت «الشرق الأوسط» حي ماكودي الذي يبعد عن وسط العاصمة بنحو 15 كيلومترا، والشهير بـ«تشاينا تاون»، حيث يعيش سكانه حالة احتقان كبيرة إثر حادثة الأحد التي وقعت على خلفية مشادات كلامية بين أحد السكان ووافد جديد من الصين، ينتمي إلى فرع شركة مختصة في الهندسة المعمارية.

وقال مراد صايفي (شاب يقيم بماكودي منذ 7 سنوات) إن أهل الحي «أبلغوا مسؤولي بلدية باب الزوار (التي تنتمي إليها ماكودي إداريا) منذ زمن بعيد، أن إقامة الصينيين بيننا أمر غير مرغوب بها بسبب عاداتهم التي لا تمت بصلة إلى عوائدنا وثقافتنا، وتحدث والدي من قبل مع مسؤولي الشرطة ودعاهم لتوجيه تحذير لهم حتى يتوقفوا عن شرب الخمر في العلن وتنظيم جلسات القمار التي غالبا ما يترتب عنها شجار في بيوتهم، الأمر الذي يؤذينا ويزعجنا كثيرا».

ويذكر صاحب إقامة بناها في ماكودي، ولم يسكنها بسبب رفض أبنائه مغادرة بيتهم القديم بوسط العاصمة، أنه أجّرها لمهندس صيني بمبلغ 10 آلاف يورو شهريا، «وكنت أحسب أنه سيسكن الفيلا مع زوجته وابنته كما أوهمني، لكن فوجئت بعد التوقيع على عقد الكراء عندما بلغني أحد أبناء الحي أن المهندس أجّرها بدوره لأربعين عاملا صينيا. وتأكدت من أحدهم أنه يأخذ 400 يورو شهريا عن كل واحد منهم». ويضيف: «في الوقت الذي كنت أعتقد فيه أنني أنجزت صفقة تجارية مربحة أصبح المهندس الصيني هو الرابح في القضية. وقد اتصلت به لأطلب فسخ العقد خوفا على الفيلا التي لا يمكن أن تبقى على حالتها إذا عاش فيها 40 شخصا لمدة ثلاث سنوات، وهي فترة الكراء».

ويسعى فريق من سكان الحي، وخصوصا المتدينين منهم، لإقناع البلدية ومديريتَي التجارة والضرائب باتخاذ إجراءات لوقف الأنشطة التجارية التي يمارسها الصينيون في مستودعات إقامات ماكودي المؤجرة، بدعوى أنها غير قانونية. ويفيد سكان أن العشرات من ورشات صناعة الملابس وشتى أنواع الأواني المنزلية، تشتغل دون انقطاع في الحي حتى في ساعات متأخرة من الليل، وهو أمر يزعج سكان ماكودي بسبب الضجيج الذي تحدثه آلات النسيج والخياطة.

وقال شخص ملتحٍ يسكن الحي: «أنا لا ألوم الصينيين بقدر ما ألوم مالكي الفيلات المؤجرة، فهم يعلمون أن ثقافتهم تختلف عن ثقافتنا ولكن الطمع في جني مال وفير لاستكمال بناء فيلاتهم بسرعة هو ما يدفعهم إلى تأجيرها، ولأنهم يعلمون أن الصينيين يسددون المبلغ المطلوب منهم دون مناقشة».

وللدفاع عن أنفسهم، طلب صينيو ماكودي من سفارتهم التدخل لدى وزارة الخارجية الجزائرية لوقف ما سموه «تحرش» سكان الحي بهم. وذكر عامل بورشة نسيج يتحدث بالعربية العامية، في لقاء معه بالحي: «أنا لا أفهم لماذا يكرهنا أهل الحي، فنحن مسالمون ولم نعتدِ على أحد. جئنا إلى الجزائر كي نشتغل لنضمن قوت أطفالنا هناك (يقصد الصين)، وما شأن هؤلاء الناس إن كانت عاداتنا تختلف عن عاداتهم؟ ليس ضروريا أن ننتمي إلى نفس الدين والثقافة حتى نعيش في مكان واحد، المهم هو أن يحترم كل منا الآخر، ولغاية ثبوت العكس فإننا نحن الضحية لا هم».