الرئيس الصومالي سيطلب مساعدات أميركية عاجلة ويعيد تعيين قائد الاستخبارات ونائبه

مسلحان يغتالان وزير إعلام بونت لاند.. ومؤتمر القادة العسكريين القدامى يختتم أعماله في واشنطن

مسلح إسلامي صومالي في نوبة مراقبة بمقديشو («الشرق الاوسط»)
TT

وصل الرئيس الصومالي إلى العاصمة الكينية نيروبي للقاء وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون التي وصلت إلى كينيا في إطار جولتها التي تشمل سبع دول أفريقية. وفي مؤتمر صحافي عقده الرئيس بمطار العاصمة قبيل مغادرته، صرح الرئيس بأهمية دعم الولايات المتحدة الانتقالية، واعتبر الرئيس شريف لقاءه مع كلينتون فرصة ذهبية لحكومته وللأميركيين أيضا، وأشاد شريف بأهمية دعم واشنطن للحكومة الانتقالية الصومالية، مؤكدا أن دعم واشنطن سيجعل الباب مفتوحا لباقي دول العالم للفت أنظارها إلى الصومال، ومساندة الحكومة الانتقالية في المجالات السياسية والأمنية والإنسانية. ومن المقرر أن يلتقي الرئيس مع الوزيرة كلينتون اليوم الخميس. وذكر الرئيس أنه سيطالب حكومة واشنطن بتقديم مزيد من الدعم العسكري وتدريب القوات الصومالية، ويرافق الرئيس الصومالي مجموعة من الوزراء والنواب.

وقال مسؤول صومالي إن الحكومة ترغب في تعزيز العلاقات الأمنية والعسكرية مع الولايات المتحدة لمواجهة ما وصفه بالتحديات الكبيرة التي تواجه السلطة في سبيل فرض سيطرتها على كامل الأراضي الصومالية.

وأوضح المسؤول، الذي طلب عدم تعريفه لـ«لشرق الأوسط»، من العاصمة الكينية نيروبي حيث كان من المفترض أن يلتقي أمس الشيخ شريف للمرة الأولى منذ توليه السلطة مطلع العام الجاري مع وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، على هامش اجتماعات المنتدى الثامن للتجارة والتعاون الاقتصادي الأميركي مع أفريقيا جنوب الصحراء، المعروف بمنتدى «أغوا»، أن الحكومة الصومالية ستطالب واشنطن بتقديم مساعدات أمنية وعسكرية عاجلة لمواجهة المتمردين الإسلاميين الذين يسعون للإطاحة بالحكومة. وكشف النقاب عن أن هذه المساعدات تتضمن مشاركة أميركية أكثر فعالية في إعادة تدريب قوات الأمن الصومالية، بما في ذلك الاستعانة بخبراء عسكريين من الجيش والمخابرات الأميركية.

وأضاف: «نرغب في تواجد أميركي محدود على الأرض، لا نتحدث عن عملية تدخل عسكري كامل، وإنما عدد معين من خبراء الأمن والاستخبارات يمكن أن يسهموا في تقديم المشورة والدعم الفني لقواتنا ومختلف أجهزتنا الأمنية».

وقبيل مغادرته العاصمة مقديشو، أعاد الرئيس الصومالي شريف شيخ أحمد تعيين قائد جهاز الاستخبارات الجنرال محمد شيخ حسن ونائبه الجنرال نور شربو، بعد 3 أسابيع من إقالتهما من منصبيهما على خلفية حادث اختطاف الخبيرين الأمنيين في العاصمة مقديشو. وكان الرئيس الصومالي قد أوقف المسؤولين عن عملهما الشهر الماضي بسبب فشل الأجهزة الأمنية في منع اختطاف خبيرين أمنيين فرنسيين اختطفتهما ميليشيات صومالية مجهولة من أحد الفنادق المحمية بالعاصمة، وقيل في حينه إن الأمر كان مجاملة للحكومة الفرنسية. وتأتي إعادة تعيين قائد جهاز الاستخبارات ونائبه بعد إعلان لجنة أمنية حكومية شكلت للتحقيق في حادث اختطاف الفرنسيين أنها لم تعثر على أي صلة بحادث الاختطاف مع أي من المسؤولين الحكوميين. وذكرت اللجنة أن الخاطفين كانوا ميليشيات لها علاقة مع الجماعات العارضة.

في هذه الأثناء دعت إريتريا إلى حوار حقيقي بالصومال، وقال وزير الإعلام الإريتري «علي عبده» إن الوقت حان لتعزيز حوار سياسي حقيقي في الصومال يضم جميع الأطراف الصومالية. وأضف عبده «إن هدف إريتريا هو أن ترى صومالا متحدا ومستقرا يسوده السلام، ولا يمكن تحقيق هذا بفرض حكومات خارجية على الشعب الصومالي»، وأضاف «أيا كانت القوة أو السلطة أو الأموال التي لديك فإنه لا يمكن فرض ما تحبه على شعب بأكمله، وهذا هو السبب في أن الشعب الصومالي ينتقل من حرب إلى حرب». وجدد الوزير الإريتري نفي بلاده التدخل في شؤون الصومال، مؤكدا أن أسمرة تدعم عملية سياسية حقيقية لا تخضع لأي تدخل خارجي، وتحترم اختيار شعب الصومال بأكمله.

واعتبر علي عبده أن الوقت الحالي هو أفضل وقت للسماح للصوماليين بأن تكون لديهم عملية سياسية حقيقية منذ 18 عاما، وإلا ستكون لدى المجتمع الدولي مشاعر الندم نفسها بعد 18 عاما. وفي تعليقه على زيارة وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون لأفريقيا ولقائها مع الرئيس الصومالي الشيخ شريف قال الوزير الإريتري إنه لا يعتقد أن فلسفة العصا والجزرة ستنجح في القرن الحادي والعشرين على حد تعبيره. وردا على التهديدات الأميركية بفرض عقوبات على أسمرة قال عبده أيضا «إن إثيوبيا هي التي يجب أن تُفرض عليها عقوبات لتدخلها في الصومال»، مضيفا أن اتهامات الأمم المتحدة وواشنطن ضد بلاده نشأت من مصالح معاكسة، ولا تستند إلى حقائق.

وفي واشنطن اختتم مؤتمر قادة وجنرالات الجيش الصومالي السابقين الذي نظمته الأمم المتحدة في الصومال بالتنسيق مع وزارة الدفاع الصومالية، وكان المشاركون قد بحثوا خلال مؤتمرهم كيفية إعادة إنشاء الجيش الصومالي المنهار، وبناء جيش صومالي نظامي جديد لإنهاء الفوضى في البلاد، كما بحث المشاركون في هذا المؤتمر سبل تعزيز المؤسسات الأمنية الحالية للحكومة الانتقالية.

وعقد القادة العسكريون القدامى، وكانوا نحو 40 من قادة القوات المسلحة الصومالية سابقا في أجهزتها المختلفة (الجيش، والشرطة، وجهاز الاستخبارات)، مؤتمرا استغرق 5 أيام، ناقشوا خلاله المشكلات الأمنية التي تواجه الحكومة الصومالية الحالية، ومن المقرر أن تتسلم وزارة الدفاع الصومالية توصيات واقتراحات المؤتمرين لتستعين بها في إعادة بناء جيش صومالي نظامي جديد. وكانت الحكومة الانتقالية قد أعربت عن رغبتها في الاستفادة من خبرات الضباط والقادة العسكريين القدامى، كما أنها تسعي لإقناع بعضهم بالعودة إلى البلاد والعمل مع وزارة الدفاع الصومالية وقيادة الجيش الصومالي الجديد الذي تعتزم الحكومة إنشاءه، إلا أن غالبية هؤلاء الضباط متقاعدون، ومعظمهم في ظروف عمرية لا تسمح لهم بقيادة الجيش.

إلى ذلك، عاد أمس قائد الجيش الصومالي الجنرال يوسف حسين عثمان (دومال) للظهور العلني للمرة الأولى منذ نحو شهرين، بعدما تردد في السابق أنه أصيب بجروح خلال اشتباكات عنيفة وقعت في شهر يونيو (حزيران) الماضي ضد المتمردين الإسلاميين الذين يسعون للإطاحة بالسلطة الانتقالية في الصومال.

ونفى الجنرال دومال في أول ظهور علني له منذ فترة طويلة نبأ إصابته، وقال للصحافيين خلال احتفال عسكري مقتضب في مقر تابع للجيش في العاصمة مقديشو «أنا سليم تماما، وصحتي على ما يرام، وليس في جسدي جرح واحد».

وكانت مصادر صومالية قد أبلغت «الشرق الأوسط» بأن الحكومة الصومالية تكتمت على خبر إصابة الجنرال دومال حتى لا تتأثر معنويات الجنود الموالين لها. ميدانيا، اغتال مسلحون مجهولون أمس في مدينة جالكعيو عاصمة إقليم مدغ بوسط الصومال (700 كم شمال مقديشو) وزير الإعلام في حكومة ولاية بونت «ورسمي عبدي شِرْوَعْ»، وأطلق مسلحان ملثمان عليه الرصاص بوسط المدينة فأردوه قتيلا ثم لاذوا بالفرار، ولم تعرف هوية المهاجمين، كما أن أي جهة لم تعلن مسؤوليتها عن حادث الاغتيال. وكانت مدينة جالكعيو قد شهدت سلسلة من عمليات الاغتيالات التي طالت مسؤولين أمنيين في حكومة ولاية بونت في الأشهر الأخيرة، ومن أبرز المسؤولين الذين تم اغتيالهم العقيد «ياسين فارح علمي»، رئيس فرع وحدة مكافحة الإرهاب في جالكعيو المعروفة بـPunt» ـland Intelligence ».

وكان محمد عبد الرحمن فراولي رئيس إقليم بونت لاند، قد أعلن تغيير اسم الإقليم إلى دولة، فيما بدا أنه خطوة تمهيدية لإعلان انفصال الإقليم عن الدولة الصومالية على غرار جمهورية أرض الصومال التي أعلنت انفصالها من طرف واحد عام 1991.

وقال فراولي في احتفال أقيم بمدينة جاروي عاصمة الإقليم إنه اعتبارا من مساء الأحد الماضي بات هذا هو الاسم الرسمي للإقليم بمناسبة مرور 11 عاما على إعلان تمتعه بالحكم الذاتي عام 1998.

وكان الإقليم قد دشن دستورا جديدا في شهر مايو (أيار) الماضي يمنحه حرية الانفصال عن الدولة المركزية في الصومال إذا ما فشلت جهود الحكومة المركزية الضعيفة حاليا في فرض الأمن والاستقرار.

وهدد فراولي بشن حرب ضد جمهورية أرض الصومال بسبب إقليم سول الحدودي المتنازع عليه بين الطرفين، وقال إن حكومته لن تسمح ببقاء أي جزء من أراضيها تحت سيطرة أرض الصومال، مشيرا إلى أن أهالي الإقليم سيتعاونون مع حكومته لاستعادته مجددا.

لكن محمد إبراهيم عقال رئيس جمهورية أرض الصومال الانفصالية هدد في المقابل بردع أي محاولة للاعتداء على سيادة الدويلة على أراضيها، مشيرا إلى أن حدود الإقليم هي نفسها التي وضعها الاستعمار البريطاني للبلاد.

إلى ذلك، أعلنت حركة شباب المجاهدين المتشددة والمناوئة للسلطة الانتقالية وللتواجد العسكري الأجنبي في الصومال، إعادة فتح مطار كيمسايو للعمل، في تحد واضح لمحاولة الحكومة الصومالية منع الحركة من استخدام المطارات والموانئ لاستلام شحنات سلاح واردة من الخارج.

وقال قيادي من الحركة إن المطار بات حاليا قيد الاستخدام، لافتا إلى أنه بإمكان شركات الطيران والمنظمات الإنسانية استخدامه في عملها اعتبارا من أمس.

كما أعلنت الحركة في بيان منفصل لـ«لشرق الأوسط» أن جيش الحسبة التابع لها في ولاية شابيلا الوسطى قام بحملة أمنية ضد قطاع الطرق في قرية بورو التي تبعد 18 كيلو مترا جنوب مدينة جوهر عاصمة الولاية، ردا على هجمات شنها هؤلاء ضد سكان محليين.

واعتبرت الحركة أن ولاية شابيلا الوسطى، واحدة من الولايات الإسلامية التي تتمتع بأمن غير مسبوق على مر تاريخها، تقع تحت سيطرتها، بعد طول عناء من بطش أيدي أمراء الحرب.