بيل كلينتون يعود بالصحافيتين الأميركيتين من كوريا الشمالية وسط تساؤلات حول مستقبل علاقة البلدين

الزعيم الكوري الشمالي طلب حضور الرئيس السابق لإطلاق الصحافيتين

الصحافيتان الاميركيتان بعد وصولهما الى الولايات المتحدة تتحدثان للصحافة والى جانبهما بيل كلينتون وآل غور (أ.ب)
TT

عاد الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون إلى الولايات المتحدة يوم أمس بإنجاز سياسي ودبلوماسي، إذ أنجز مهمة الوساطة لإطلاق الصحافيتين الأميركيتين لورا لينغ ويونا لي اللتين كانتا مسجونتين في كوريا الشمالية منذ مارس (آذار) الماضي وصدر عفو رئاسي عنهما. وبينما عاد كلينتون ومعه الصحافيتين إلى لوس انجليس صباح أمس على متن طائرة خاصة، دارت تساؤلات حول تأثير هذه الحادثة على العلاقات بين البلدين المتخاصمين على المدى البعيد، خاصة في ما يخص الملف النووي الكوري الشمالي. وقد شدد المسؤولون في الإدارة الأميركية على عدم الربط بين القضيتين، إلا أن هناك نقاط تشابه بين زيارة كلينتون والرئيس الأسبق الأميركي جيمي كارتر لهذا البلد الشيوعي، الذي لا تربطه بواشنطن علاقات دبلوماسية قبل 15 عاما. وكان كارتر حينها قد نجح في إقناع كيم سونغ- ايل بقبول الدخول في مفاوضات حول أسلحتها النووية مقابل مساعدات ضرورية للبلد الفقير.

وكان كلينتون التقى خلال زيارته الخاطفة إلى بيونغ يانغ الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ ايل، وحصل منه على وعد بإطلاق سراح الصحافيتين الأميركيتين لورا لينغ ويونا لي. وأفادت صحيفة «واشنطن بوست» أمس ان زيارة كلينتون جاءت بناء على طلب كيم بعد أن رفضوا وساطة نائب الرئيس خلال ولاية كلينتون، آل غور. ويذكر أن غور يملك قناة «كارانت تي في» التي تعمل لصالحها الصحافيتان، وقد عمل جاهداً منذ اعتقالهما لإطلاقهما. واعتقلت الصحافيتان في 17 مارس إثر دخولهما بشكل غير شرعي الأراضي الكورية الشمالية عبر الصين، وكانت بيونغ يانغ قد اتهمتهما بالتجسس عليها. وحكم عليهما القضاء الكوري الشمالي بالسجن 12 عاما مع الأشغال الشاقة لعبورهما الحدود من دون ترخيص و«تحقير» النظام وارتكاب «جريمة خطيرة». وعبر اوباما في كلمة مقتضبة بالبيت الأبيض عن شعوره «بارتياح استثنائي» لعودة الصحافيتين إيونا لي ولورا لينغ إلى الولايات المتحدة. موضحاً انه اتصل بعائلتي الصحافيتين. وأشاد اوباما بعمل كلينتون وغور، قائلاً «إدارته والولايات المتحدة بشكل عام تشعران بالامتنان لكلينتون وآل غور لعملهما الاستثنائي». وأضاف اوباما «على الأميركيين جميعهم الامتنان لكل من الرئيس السابق كلينتون ونائبه السابق غور على انجازهما الهائل» .معتبراً أن عودة الصحافيتين «مصدر سعادة ليس فقط لعائلتيهما بل للبلد كله».

وقالت الصحافية لينغ بعد وصولها إلى الولايات المتحدة وخروجها من الطائرة: «الـ140 يوما السابقة كانت أكثر الأيام صعوبة ومرارة، نحن ممتنتان جداً بأننا حصلنا على عفو حكومة كوريا الشمالية، وسعيدتان كثيرا بالعودة إلى وطننا». وأضافت، «قبل 30 ساعة كنا أنا ويونا لي سجينتين في كوريا الشمالية». موضحة، «كنا نخشى أن في أي لحظة سنرسل إلى معسكر أعمال شاقة، وفجأة قالوا لنا بأننا سنذهب إلى اجتماع، دخلنا الى قاعة، ورأينا الرئيس بيل كلينتون أمامنا». وعبرت لينغ عن امتنانها لفريق بيل كلينتون وفريقه و«رجال الأمن السري الأميركيين الذين سافروا نصف الطريق حول العالم لتأمين إطلاق سراحنا». وشكرت لينغ أيضاً الرئيس اوباما والدبلوماسيين السويديين الذين يمثلون الولايات المتحدة في بيونغ يانغ مع انقطاع العلاقات بين البلدين. وعلق الناطق باسم البيت الأبيض روبرت غيبس أن «الرئيس الأسبق كلينتون سيروي وقائع مهمته للجان مجلس الأمن القوم». وتابع، «اطلع على الوقائع قبل (المهمة)، وسيروي ما حصل بعدها، وأنا واثق من انه سيتحادث والرئيس (اوباما) في وقت ما». موضحا أن اوباما لم يتحدث مع كلينتون حول المهمة قبل مغادرته إلى بيونغ يانغ. وكان الرئيس الكوري الشمالي قد عقد مأدبة عشاء على شرف كلينتون، واستمر اللقاء 3 ساعات لكن لم تخرج معلومات عن طبيعة الحوار الذي دار بينهما. وقد ظهر كيم جونغ ايل بصحة جيدة في الصور المتلفزة مع كلينتون بعد أشهر من التساؤلات حول صحته إثر جلطة دماغية بداية العام، كما أنها كانت فرصة للزعيم الكوري الشمالي أن يحصل على شرعية دولية واهتمام دولي لإعلانه عن العفو الشخصي للصحافيتين. وبعد انتهاء محنة الصحافيتين الأميركيتين، تدور التساؤلات عن واقع العلاقات بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية. وعلى النطاق الرسمي، تشدد واشنطن على موقفها بأنه يجب حل قضية الملف النووي الكوري الشمالي من خلال المحادثات السداسية، التي تشارك فيها الكوريتان والولايات المتحدة والصين ويابان وروسيا. وكانت كوريا الشمالية انسحبت من تلك المحادثات وتسعى إلى حوار مباشر وثنائي مع واشنطن، مطالبة برفع اسمها من لائحة الدول الداعمة للإرهاب وتخفيف العقوبات عليها. وأعلنت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، التي تقوم بجولة افريقية، انه يعود لكوريا الشمالية ان تضع حدا «لاستفزازاتها» وتحسن علاقاتها مع الولايات المتحدة بعدما أفرجت عن صحافيتين أميركيتين حكمت عليهما بالسجن مع الأشغال الشاقة. وقالت كلينتون خلال مؤتمر صحافي «إن مستقبل علاقاتنا مع الكوريين الشماليين يتوقف حقا عليهم». معتبرة أن الإفراج عن الصحافيتين بفضل مهمة زوجها الرئيس السابق بيل كلينتون في بيونغ يانغ لا يرتبط بملف كوريا الشمالية النووي. وقالت «لديهم الخيار ما بين الاستمرار في طريق الاستفزاز الذي يعزلهم أكثر عن الأسرة الدولية، أو أن يقرروا استئناف المفاوضات السداسية» حول نزع الأسلحة النووية في شبه الجزيرة الكورية.

ومن جهة أخرى، أثيرت تساؤلات حول دور بيل كلينتون في الإدارة الحالية، إذ لا يتمتع بمنصب محدد، لكن التقى باوباما مرات عدة وزوجته هيلاري كلينتون تقود الدبلوماسية الأميركية. وقال غيبس، «لدينا احترام كبير للرئيس كلينتون وما أنجزه في إدارته.. انه شخص الرئيس اوباما يستشيره، ويعتبر الرئيس انه ساهم بشكل كبير في أمن الطبقة». رافضا الخوض في تفاصيل المهمة التي أوليت إلى كلينتون في ما يخص بيونغ يانغ.