مخاوف غربية من تقدم إيران نوويا مستفيدة من الوقت الذي تتيحه الدبلوماسية

دبلوماسي غربي: الزيادة المستمرة في إنتاج اليورانيوم المنخفض تقود لقنبلة نووية

رجال دين إيرانيون خلال صلاة الجمعة في جامعة طهران أمس (أ.ف.ب)
TT

قال دبلوماسيون إن الوكالة الدولية للطاقة الذرية لم تحرز تقدما في إقناع إيران بالسماح بمراقبة على نطاق واسع لمحطتها لتخصيب اليورانيوم، الآخذة في التوسع بسرعة، لضمان عدم تحويل المواد لتستخدم في أغراض التسليح. ويشير محللون إلى أن إيران جمعت ما يكفي من اليورانيوم منخفض التخصيب لإخضاعه لمزيد من التنقية ليصل إلى المستوى عالي التخصيب، اللازم لتصنيع قنبلة. وقفز معدل الإنتاج مع ارتفاع عدد أجهزة الطرد المركزي ثمانية أمثال على مدار العام المنصرم.

ويقول دبلوماسي بارز من غرب أوروبا، معتمد لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية لـ«رويترز»: «الزيادة المستمرة في إنتاج اليورانيوم منخفض التخصيب في نطنز تمثل تقدما على مسار يمكن أن ينتهي إلى امتلاك إيران القدرة على إنتاج سلاح نووي».

وتقول إيران إنها لا تريد إلا طاقة نووية سلمية حتى يتسنى لها تصدير مزيد من النفط، لكنها تخزن اليورانيوم منخفض التخصيب من دون وجود محطات للطاقة النووية لتستهلكه، وقد حدت من نطاق عمليات التفتيش.

وانهارت آمال الغرب في إيران أكثر «اعتدالا»، مستعدة للتفاوض، على الحد من أنشطتها النووية، والقبول بمراقبة أكثر صرامة من وكالة الطاقة، حين أخمدت المؤسسة الدينية اضطرابات شعبية بشأن مزاعم عن تزوير في انتخابات الرئاسة التي جرت في يونيو (حزيران)، وقادت إلى تنصيب الرئيس محمود أحمدي نجاد لولاية ثانية. ويقول ديفيد أولبرايت، وهو رئيس مؤسسة بحثية أميركية تراقب الانتشار النووي: «إيران لا تستجيب لطلبات الوكالة الدولية للطاقة الذرية الخاصة بالشفافية. إيران ترى هذا جزءا من المفاوضات مع القوى الكبرى، إلى أن يكون هناك بعض منها المفاوضات لن يفعلوا أي شيء».

وقالت وكالة الطاقة في يونيو (حزيران) إن محطة نطنز تتجاوز قدرة المفتشين على مراقبتها بكفاءة، أي التحقق من عدم حدوث أي انحرافات عن التخصيب السلمي. وكان هناك، حينذاك، نحو خمسة آلاف جهاز للطرد المركزي، تخصب اليورانيوم، كما كان يجري تركيب 2400 جهاز أخرى في وحدة الإنتاج نفسها تحت الأرض. وربما ستكون الدفعة التالية قد بدأت بتنقية الوقود النووي على مدار الساعة بحلول موعد إعداد التقرير القادم لوكالة الطاقة في أواخر أغسطس (آب) فضلا عن تجهيز عدد مماثل لتركيبه.

وقال مسؤول في الأمم المتحدة، طلب عدم نشر اسمه، لـ«رويترز»: «هذه المحطة قيد الإنشاء، وتعمل في الوقت نفسه، وهذا وضع غير مألوف للغاية بالنسبة للمراقبين، لهذا يجب على وكالة الطاقة التكيف لتكون لديها صورة كاملة لنقاط التغذية والناتج، وتقوم بتعديل وإضافة كاميرات». ولتحويل التخصيب إلى أغراض التسلح سيكون على إيران إعادة معايرة أجهزة الطرد المركزي لتنتج يورانيوم عالي التخصيب، وتحول هذا اليورانيوم إلى فلز، ثم تعمل على تصغير حجمه ليركب في رأس حربي. ومن غير المرجح، بشدة، أن تقوم إيران بذلك في محطة نطنز، لأن من شبه المؤكد أن وكالة الطاقة ستلاحظه وتدق جرس الإنذار.

لكن لا يحق لمفتشي الأمم المتحدة التجول في أي مواقع غير المواقع النووية المدنية المعلنة من جانب إيران، ويجعلهم هذا غير قادرين على التحقق من أن إيران ليس لديها مشروع نووي عسكري مواز في مكان ما بهذه الدولة الشاسعة، الخاضعة لسيطرة أمنية محكمة.

وتتراوح تقديرات الغرب للمدة التي يمكن أن تستغرقها إيران لتصبح دولة نووية بين ستة أشهر وخمسة أعوام، ويرجع هذا التباين إلى الغموض السياسي الذي تتسم به إيران ومقاومتها للاختراق المخابراتي. وزاد محمد البرادعي، مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، من المخاوف، في يونيو (حزيران)، حين تخلى عن المحاذير الدبلوماسية المعتادة، وقال إنه الآن واثق من أن هدف إيران هو إظهار أنها قادرة على إنتاج قنابل نووية في فترة زمنية قصيرة بعد صدور الأمر بذلك لردع الأعداء، مثل الولايات المتحدة وإسرائيل.

وكان الرئيس الأميركي، باراك أوباما، قد أمهل إيران حتى سبتمبر (أيلول) لقبول عرض معدل بإجراء محادثات مع القوى الست، ينطوي على حصولها على مزايا تجارية إذا أرجأت التخصيب، وإلا تواجه عقوبة أشد قسوة. ولم تقدم طهران ردا ملموسا لعدة أشهر، فيما يقول دبلوماسيون إنها محاولة لكسب الوقت لتوسعة نطاق التخصيب. والآن، مع انشغال المؤسسة الدينية بالاحتجاجات التي أعقبت الانتخابات، تبدو إيران أقل ميلا من أي وقت مضى للتفاوض.

ويقول تريتا بارسي، رئيس المجلس القومي الإيراني الأميركي: «من المرجح أن الاضطراب السياسي جعل إيران غير قادرة على اتخاذ قرارات بهذا الحجم. يجب إعادة النظر في توقيت المحادثات». وأفسح الغياب العنيد لأفق دبلوماسي الطريق لمناقشات أميركية وأوروبية غير رسمية بشأن توسيع نطاق العقوبات لاستهداف قطاع تكرير النفط الحساس بإيران، في محاولة لإجبار الجمهورية الإسلامية على الجلوس إلى طاولة المفاوضات.

لكن سيكون من الصعب فرض حظر على صادرات البنزين لإيران بسبب معارضة روسيا والصين، الشريكتين التجاريتين الكبيرتين لطهران، والخلافات داخل الاتحاد الأوروبي الذي يخشى من اتخاذ طهران إجراء انتقاميا، وتوقف إمدادات النفط الإيراني، فضلا عن حدود إيران غير المحكمة التي يسهل التهريب عبرها. وكان أوباما قد تفادى الضغوط الإسرائيلية بشن هجمات عسكرية ضد إيران. ويشعر معظم المسؤولين الغربيين بأن هذا سيلهب منطقة الشرق الأوسط، ويفاقم من الإرهاب على مستوى العالم، ويؤدي إلى ارتفاع شديد في أسعار النفط، ولن يؤدي إلا إلى إرجاء لا وقف «الانفلات» النووي الإيراني.

وفي الشهر الماضي أذكت واشنطن المخاوف الإسرائيلية بأنها ربما استسلمت لفكرة التعايش مع إيران نووية، حين قالت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، إن من الممكن أن تقيم الولايات المتحدة مظلة دفاعية مع حلفائها في الشرق الأوسط، بحيث تصبح إيران «غير قادرة على الترويع أو الهيمنة.. متى تمتلك سلاحا نوويا».

وسارع مسؤولون مقربون من أوباما إلى نفي وجود أي سيناريو «للاحتواء»، وأشاروا إلى أنه يجري بحث المواجهة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي إبان الحرب الباردة قائلين إن هذا رأي كلينتون الشخصي. وقال الدبلوماسي البارز من غرب أوروبا: «لا يزال هناك اعتقاد قوي بأن إيران المسلحة نوويا ليست النهاية الوحيدة المحتملة».

وأضاف: «لا تزال هناك قناعة بأن من الممكن إقناع إيران بالثمن الذي لا ينطوي على حكمة، وغير القابل للاستمرار بسعيها إلى الوصول إلى تلك الوجهة. يظل هدفنا هو الإثناء».