مؤتمر فتح تحول إلى فرصة لتبادل الاتهامات والشتائم

تيار دحلان يتهم قريع بالاتفاق مع حماس على عدم إخراج الفتحاويين من غزة لإسقاطه

TT

لا أحد في مؤتمر فتح السادس يعرف من سيخرج منتصرا من هذه «المعركة»، فالحرس القديم يشعر أنه لا يسيطر تماما كما أراد، والجيل الشاب يتشكك دوما في أن تيارات فتح المتنفذة ستلتقي وتتقاطع بهدف إقصائه. وحتى أولئك الذين ترشحوا من الأجيال القديمة ومن الشباب، لا يثقون تماما بالفوز، وقال أحمد عبد الرحمن، الناطق باسم فتح لـ«الشرق الأوسط»، وهو أحد مستشاري عباس، ويعتبر من الجيل القديم، «المؤتمر ليس تحت السيطرة حتى الآن».

أما عزام الأحمد رئيس كتلة فتح البرلمانية، فوصف أجواء المؤتمر بالصعبة وقال إنه «معوّم»، رغم أنه ترشح للجنة المركزية.

وحتى حسام خضر، القيادي المعروف بجرأته في فتح، وهو أحد الشباب الأكثر عفوية وجماهيرية في فتح، قال لـ«الشرق الأوسط» بعدما ترشح للمركزية، إنه غير واثق من الفوز، بسبب أن متنفذين في فتح يعتقدون أن المركزية ملك لهم. وفي كواليس المؤتمر، لم تتوقف الاتهامات لحظة لتيارات مختلفة، محسوبة على متنفذين في الحركة بأنها تلتقي وتتقاطع وتختلف من أجل إسقاط الآخرين. بل ذهب تيار القيادي المثير للجدل محمد دحلان ووسائل إعلام تابعة له، باتهام مفوض التعبئة والتنظيم في فتح، أحمد قريع، بأنه اتفق مع حماس على عدم إخراج الفتحاويين من غزة بهدف إسقاط دحلان.

وبحسب مصادر في المؤتمر، فإن دحلان يلتزم إلى حد كبير الصمت، وكانت اتهامات مبطنة وجهت له ولفريقه بأنهم المسؤولون عن سيطرة حماس على القطاع وهزيمة فتح. حتى أنه عندما تحدث سمير المشهراوي، القيادي المقرب من دحلان، قال له آخرون إن مكانه ليس هنا في المؤتمر، بل في الخارج، واتهموه بأنه مشارك في هزيمة فتح في القطاع، فهمّ المشهراوي بالخروج، قبل أن يمنعه زملاؤه.

البعض يقول إنه يجب إسقاط كل اللجنة المركزية، والبعض الآخر يقول إنه يجب الإبقاء على الرئيس الفلسطيني فقط، والبعض يرفع شعار «الوفاء» للقادة التاريخيين في فتح، أبو مازن وأبو علاء وأبو ماهر غنيم وآخرين، أما خضر فاعتبر أنه «ما خرب فتح إلا قانون الوفاء». ويأمل العميد يوسف الشرقاوي، بإحداث تغيير في قيادة فتح، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «سنحاول إسقاطهم، لكن من كنا نعتقد أنهم أكثر جرأة يلتزمون الصمت، النتائج غير مضمونة».

وبالأمس، تقسمت فتح إلى قبائل وجماعات، في سباق محموم مع الوقت، لتشكيل «كوتات». وكان لافتا أن غالبية أعضاء اللجنة المركزية الحالية، رشحوا أنفسهم مرة أخرى، حتى أولئك الذين قالوا إنهم لن يترشحوا أو استقالوا، مثل الطيب عبد الرحيم وحكم بلعاوي.

أما الذين ترشحوا للمركزية، فيصفهم الفتحاويون بالحيتان، ومن بينهم ناصر القدوة، توفيق الطيراوي، مروان البرغوثي، جبريل الرجوب، محمود العالول، الحاج إسماعيل جبر، محمد اشتية، حسين الشيخ، سلطان أبو العينين، محمد المدني، صائب عريقات، عزام الأحمد، عثمان أبو غربية، نبيل شعث، حكم بلعاوي، منير مقدح، أحمد قريع (أبو علاء)، محمود الناطور (أبو الطيب).

وتحول المؤتمر إلى فرصة لتبادل الاتهامات بين مسؤولين، حتى عن ساحات خارجية، ممن رشحوا أنفسهم للجنة المركزية، مثل ساحة لبنان، حيث وجه السفير الفلسطيني هناك، عباس زكي، اتهاما شبه مباشر، لسلطان أبو العينين، أمين سر التنظيم في لبنان، بالمسؤولية عن اغتيال القيادي كمال مدحت، وهو نائب عباس زكي.

زكي لم يسم سلطان أبو العينين صراحة، لكنه قال إن مسؤولين فلسطينيين وفتحاويين هم المسؤولون عن اغتيال مدحت، وقال أحد أعضاء المؤتمر لـ«الشرق الأوسط»، منعنا أبو العينين من الرد. وقال أبو العينين خارج قاعة المؤتمر للصحافيين إنه سيتابع قضية مدحت حتى لا يتهم أبرياء ويبقى متهمون طلقاء. وبالطبع ردت جماعة أبو العينين على زكي، واتهمته بأنه المسؤول عن خراب المخيمات وتدمير مخيم نهر البارد. وتخلل المؤتمر شتائم للجنة المركزية وشتائم بين تيارات مختلفة، بينها تيار أبو العينين وتيار زكي، وتيارات مع دحلان وضده.

وبعيدا عن كل هذه الاتهامات المباشرة، يقبع القيادي في فتح مروان البرغوثي في سجن إسرائيلي ويوجه رسائل مكتوبة للمؤتمر تطالبهم بمحاسبة جريئة عن أخطاء الماضي.

وحتى جماعة مروان يشتكون من أن قياديين نافذين يحاولون تهميش قضيته، لكن آخرين مناصرين له، يقولون إنه سينجح في اللجنة المركزية لا محالة. وقررت اللجنة المركزية الحالية، إبقاء عدد مقاعد اللجنة كما هو، أي 23 مقعدا، وذلك بعد الاتفاق على رفع السرية عن عضوين كان يتم تعيينهما من قبل اللجنة.

وسيتم انتخاب 18 عضوا للجنة المركزية، بحيث تقوم اللجنة المنتخبة بتعيين 5 أعضاء آخرين في أول اجتماع لها. ويعتبر أعضاء اللجنة المركزية أعضاء في المجلس الثوري الذي كان عدد أعضائه 123 عضوا قبل أن يتبنى المؤتمر توصية من لجنة الأسرى باعتماد 20 أسيرا وأسيرة من داخل السجون أعضاء في المجلس الثوري لحركة فتح زيادة على العدد المقرر للمجلس، وذلك كتكريم رمزي لهم ووفاء لتضحيات الأسرى ونضالاتهم، ويتم اختيارهم من قبل الأسرى أنفسهم.

واقتربت اللجان الخاصة بالمؤتمر من نهاية عملها، ومن المفترض أن اللجنة السياسية عرضت في جلسة مساء أمس تقريرها النهائي على المؤتمر.

وقال نبيل شعث، عضو اللجنة المركزية، إن البرنامج السياسي الذي سيعرض على المؤتمر يؤكد حق الشعب الفلسطيني في جميع أشكال النضال والمقاومة لاستعادة حقوقه.