مغاربة المهجر يطالبون بحقهم في التصويت والترشح في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة

الحكومة تفضل صيغة أفضل من تجربة انتخابات برلمانية جرت في التسعينات

TT

طالب مهاجرون مغاربة يوجدون حاليا في بلادهم لقضاء عطلة الصيف، بضرورة تطبيق ما يطلقون عليه «حقوق المواطنة الكاملة» وذلك باشتراكهم في الحياة السياسية، ترشيحا وتصويتا، انطلاقا من مكان إقامتهم في الخارج، بما يسمح لهم بالوصول إلى مراكز صنع القرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي. ووجه المهاجرون المنخرطون في منظمات للمهاجرين المغاربة في المهجر مذكرة في الموضوع، إلى مجلس الجالية المغربية بالرباط (هيئة حكومية استشارية) عقب سلسلة من الاجتماعات.

وقال عبده المنبهي، رئيس جمعية المركز الأورومتوسطي للهجرة والتنمية بهولندا، ومقرر لجنة «المواطنة والمشاركة السياسية» في مجلس الجالية المغربية، إن موقف جمعيات الهجرة من المشاركة السياسية موقف واضح، وهو التمسك بممارسة حقوق المواطنة، كما هو منصوص عليه في الدستور. وأضاف المنبهي في تصريح لـ« الشرق الأوسط» أن المهاجرين المغاربة في الخارج لن يتنازلوا عن هذه الحقوق، وسيعملون من أجلها دائما إلى أن تصبح حقيقة ملموسة، مشيرا في الوقت نفسه «إلى أن هناك نوعا من التشنج لدى بعض المسؤولين، إزاء التعامل مع هذا المطلب السياسي في غياب أي تجاوب ملحوظ معه». وقال المنبهي إن تمسك المهاجرين بالمشاركة السياسية يعكس تشبثهم بجذورهم، ويعكس رغبة في المساهمة في مسيرة التطور التي تعرفها بلادهم، داعيا إلى الاستئناس ببعض التجارب في بعض البلدان، ذات التجربة العريقة في المجال الديمقراطي، مثل فرنسا وإسبانيا وإيطاليا وغيرها، والتي تتيح لمواطنيها في الخارج فرص المساهمة في الانخراط في العمليات الانتخابية. وانتقد المنبهي الحكومة المغربية وقال إنها «حرمت المهاجرين المغاربة من المشاركة في الانتخابات التشريعية التي جرت عام 2007، بدعوى أن هناك مشكلا تقنيا، يحول دون ذلك» وأشار إلى تراجع غالبية الأحزاب عن الشعارات التي كانت ترفعها في السابق حول إسهام الجالية المغربية في الحياة السياسية، بحجة وجود مذكرة «المنهجية التدريجية» التي تم التوقيع عليها من طرف أحزاب الأغلبية الحكومية في يونيو (حزيران) 2006، وتنص مذكرة «المنهجية التدريجية» على توفير الشروط والآليات والقواعد القانونية الخاصة بتفعيل مسألة تسجيل الأجيال الجديدة من أبناء الجالية المغربية في اللوائح الانتخابية لضمان حقها في التصويت والترشيح للانتخابات. واعتبر المنبهي أن هناك تباطؤا ملحوظا في تطبيق «المنهجية التدريجية» مما خلق جوا من الإحباط وسط المهاجرين.

وفي سياق ذي صلة أكد محمد عامر، الوزير المكلف الجالية المغربية بالخارج، أن المشاركة السياسية للمهاجرين مطروحة بإلحاح، وهي تحظى باهتمام الحكومة المغربية، مشيرا إلى أن البلاد سبق لها أن عاشت بداية التسعينات من القرن الماضي تجربة في هذا الصدد، من خلال انتخاب ممثلين للمهاجرين في البرلمان بشكل مباشر.

وقال عامر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن تقييم تلك التجربة وفق مقاربة موضوعية، أدى إلى إجماع حولها من طرف كافة القوى السياسية في المغرب، وضرورة التفكير في صيغة أفضل تكون أكثر فاعلية من حيث النتائج المرجوة.

وأضاف عامر أن الرغبة اليوم تتجه نحو إيجاد الصيغ المناسبة والملائمة والناجعة للمشاركة السياسية لأفراد الجالية المغربية بالخارج، مشيرا إلى أن من مهام مجلس الجالية المغربية بالخارج تقديم رأي استشاري حول الموضوع، بعد استشارة كافة الأطراف المعنية، سواء داخل الوطن أو خارجه، معبرا عن اعتقاده بأنه «ليست هناك أية جهة من الجهات، لها مصلحة ما في عدم مشاركة الجالية المغربية في كافة أوجه الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بالبلاد».

ومن جهته أكد الدكتور عبد الكريم بلكندوز، الباحث المتخصص في الهجرة، أن مسألة المشاركة السياسية للجالية المغربية مطروحة منذ مدة، مشيرا إلى أن العاهل المغربي الملك محمد السادس تطرق إلى هذا المطلب في خطاب ألقاه في نوفمبر (تشرين الثاني) 2005، وأعلن فيه عن اتخاذه عدة قرارات تخص الجالية المغربية بالخارج، ومنها إشراكها في التصويت بالنسبة للانتخابات البرلمانية، وخلق دوائر تشريعية انتخابية خاصة بها، انطلاقا من بلاد المهجر، لتكون ممثلة بالبرلمان، وإنشاء مجلس الجالية المغربية بالخارج.

ولاحظ بلكندوز أن قرار إنشاء مجلس الجالية أخذ طريقه إلى التنفيذ، حيث تم اختيار الأعضاء العاملين فيه بالتعيين وليس بالانتخاب، ودعا الحكومة المغربية إلى تفعيل ما سمته «المنهجية التدريجية»، والتخلص من «الكسل الإداري» والكف عن «المراوغة» على حد تعبيره في إصدار الصيغ القانونية والعملية الكفيلة بتمكين المهاجرين من المشاركة في الحياة السياسية وفي المؤسسات التشريعية للبلاد، وشدد على أن هذا الملف لا يهم الجهاز التنفيذي وحده فقط، بل يعني كذلك الجهاز التشريعي، وكافة مكونات المشهد السياسي والحزبي.

يشار إلى أن ندوة حول الحقوق السياسية للمهاجرين المغاربة في دول الإقامة والبلد الأصل كانت انعقدت في التاسع من مايو (أيار) الماضي في بولونيا الإيطالية، بمشاركة مغاربة مهاجرين في أوروبا ودول أخرى، وأصدرت توصيات دعت إلى تفعيل القرارات الملكية التي نص عليها خطاب نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2005، والمتجاوبة مع تطلعات المهاجرين في شقها السياسي، عبر تمثيلهم في المؤسسات التشريعية، وإنشاء دوائر انتخابية خاصة بهم بالمهجر. كما حثت التوصيات أيضا مجلس الجالية المغربية على الإسراع بتقديم مقترحات في هذا الصدد، مطالبة بتعديل قانون الانتخابات بما يتيح للمهاجرين التصويت في الانتخابات تفاديا لضياع فرصة المشاركة في الاستحقاقات المقبلة.

وأبرز المشاركون في اجتماع مدينة بولونيا بإيطاليا، ضرورة قيام الحكومة بتفعيل الحق الدستوري للمشاركة السياسية «وتوفير الشروط العملية لتنفيذه، والكف عن التماطل في تطبيق التوصيات التي ترفعها الجالية المغربية من كل المنابر والمبادرات والمناظرات»، موجهين الدعوة إلى مجلس الجالية للإسراع بوضع تصورات بشأن الموضوع. ولم يتسن الاتصال مع إدريس اليزمي، رئيس مجلس الجالية المغربية بالخارج، لمعرفة رأيه في الموضوع، وكذا ما تم بشأن اقتراحات يفترض أن تقدم إلى العاهل المغربي في موعد قريب، ترجح بعض المصادر أن يكون قبيل نهاية ديسمبر (كانون الأول) المقبل.