روسيا وجورجيا تتبادلان الاتهامات بالتسبب في الحرب بينهما وميدفيديف يؤكد على استقلالية قراراته

في الذكرى السنوية الأولى للحرب بين موسكو وتبيليسي.. اوباما وبايدن يتصلان برئيسي البلدين لحثهما على الهدوء

TT

في الذكرى الأولى للحرب التي شنتها روسيا على جورجيا، تبادل البلدان الاتهامات بالتسبب في النزاع المسلح، فيما حرص الرئيس الروسي ديميتري ميدفيديف على التأكيد أنه اتخذ بنفسه كل القرارات خلال الحرب، في إشارة إلى رئيس وزرائه القوي فلاديمير بوتين.

وقال ميدفيديف في مقابلة تبثها شبكة «ان تي في» التلفزيونية، ونشر الكرملين مقاطع منها قبل بثها: «اتخذت القرارات وحدي... لم أجر مشاورات مع أحد. تلقيت معلومات من وزارة الدفاع، حللتها واتخذت القرارات»، دون أن يذكر بوتين الذي يرى الخبراء انه ما زال يمسك بالقسم الأكبر من السلطات في روسيا. ورأى ميدفيديف الذي دخل الكرملين قبل بضعة أسابيع من اندلاع النزاع أن «المشاورات لا تسهل الأمر إطلاقا، إذ إن شخصا واحدا هو الرئيس مسؤول عن كل الإجراءات التي تتخذ». وقال إن الهجوم الذي شنته روسيا ردا على هجوم جورجيا ليل السابع إلى الثامن من أغسطس (آب) لاستعادة السيطرة على جمهورية اوسيتيا الجنوبية الانفصالية الجورجية كان «أصعب» قرار اتخذه.

وفي تفسير آخر للأحداث، أكدت جورجيا في تقرير نشر أول أمس، أنها تحركت عسكريا للتصدي «لاجتياح روسي واسع النطاق».

وجاء ذلك في وقت أعلن فيه محققون بالنيابة العامة في روسيا، أن جورجيا شنت الحرب على منطقة اوسيتيا الجنوبية الانفصالية الموالية للروس «للقضاء على الشعب الاوسيتي». وأضاف المحققون في بيان أن «الأدلة التي جمعت وحجم العدوان الجورجي والاستعدادات العسكرية والسياسية والترويجية تسمح لنا بالقول إن هدف غزو اوسيتيا الجنوبية كان القضاء على الشعب الاوسيتي». وتتهم النيابة مجددا «أعلى السلطات السياسية والعسكرية» في جورجيا بـ«التخطيط» لهذه الجرائم. وأضافت الوثيقة أن «التحقيق يكشف عددا كبيرا من انتهاكات حقوق الإنسان والمواطن التي ارتكبها الجانب الجورجي بحق المدنيين في اوسيتيا الجنوبية والجنود الروس لحفظ السلام».

واتهمت روسيا مرارا جورجيا بأنها خططت لارتكاب «إبادة» في اوسيتيا الجنوبية في حين قتل 162 مدنيا فيها في النزاع. وقتل 67 جنديا روسيا في الحرب حسب ما أعلنت النيابة أمس في حين ذكرت حصيلة سابقة نشرت في فبراير (شباط) مقتل 64 عسكريا. وبحسب السلطات الروسية شنت جورجيا ليل السابع إلى الثامن من أغسطس (آب) هجوما على منطقة اوسيتيا الجنوبية الانفصالية التي تفلتت من سيطرة تبيليسي منذ سقوط الاتحاد السوفياتي السابق وحرب شنت مطلع التسعينات. وتقول روسيا إنها تدخلت لدعم هذه المنطقة الموالية لها وحققت انتصارا على الجيش الجورجي قبل أن تعترف باستقلال اوسيتيا الجنوبية وابخازيا، الجمهورية الانفصالية الجورجية الثانية. من جهتها نفت تبيليسي مجددا في تقرير نشر أول أمس أن تكون من بادر إلى الحرب متهمة روسيا بمهاجمة جورجيا. وكتبت السلطات الجورجية في التقرير «في السابع من أغسطس (آب) 2008 شنت القوات المسلحة الروسية (...) هجوما كبيرا ومنسقا ومتعمدا على جورجيا». وأضاف التقرير أن «الحكومة الجورجية خلصت إلى انه لم يبق أمامها من خيار سوى إطلاق عملية عسكرية للتصدي لما تحول إلى غزو كانت أهدافه تتجاوز خلافا حول منطقتين جورجيتين» انفصاليتين.

وفي أجواء الاتهامات المتبادلة، أحيت كل من جورجيا وروسيا أمس الذكرى الأولى للحرب التي دارت بينهما من اجل السيطرة على اوسيتيا الجنوبية، وقد التزم الجورجيون والاوسيتيون دقيقة صمت تكريما لضحاياهم. وجرت مراسم الذكرى على خلفية تصعيد في التصريحات بين روسيا وجورجيا اللتين تبادلتا في الأيام الأخيرة الاتهامات بالقيام بـ«استفزازات» وبالتحضير لنزاع جديد. ووضعت القوات الروسية المنتشرة في اوسيتيا الجنوبية في حال «التيقظ الشديد». وأعرب الاتحاد الأوروبي عن قلقه حيال التوتر بين جورجيا واوسيتيا الجنوبية وكثفت بعثة الاتحاد الأوروبي التي تشكل الوجود الدولي الوحيد في المنطقة دورياتها عشية موعد الذكرى.

وأجرى الرئيس الأميركي باراك اوباما اتصالا بالرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف فيما اتصل نائبه جو بايدن بساكاشفيلي لحثهما على لزوم الهدوء. وانتهى النزاع الذي أوقع مئات القتلى بوقف إطلاق نار تم التفاوض عليه مع الاتحاد الأوروبي. ومكنت هذه الحرب الخاطفة روسيا من إعادة تأكيد موقعها كقوة كبرى في المنطقة حيث تسعى الولايات المتحدة لزيادة نفوذها. من جهتها، فقدت تبيليسي خمس أراضيها وتبددت فرصها في الانضمام إلى صفوف منظمة حلف شمال الأطلسي الذي كان يسعى إليه ساكاشفيلي المؤيد للغرب.

وفي وقت تواصل فيه موسكو وتبيليسي تبادل الاتهامات بالتسبب بنشوب النزاع، من المتوقع أن يصدر الاتحاد الأوروبي بحلول نهاية سبتمبر (أيلول) تقريرا حول أسباب النزاع.