جراحة إصلاح الفقرات المتضررة بالأسمنت العظمي.. غير مفيدة

انهيار أسطورة فائدتها لآلاف المصابين بمرض هشاشة العظام

TT

العمليات الجراحية التي تجرى على نطاق واسع، التي يحقن فيها أسمنت عظمي في عظام العمود الفقري بهدف تعزيز متانتها، ليست أفضل من أي عملية وهمية تجرى على تلك العظام، وفقا لدراستين من فريقين منفصلين من الباحثين، نشرت نتائجهما أول من أمس في مجلة «نيو إنغلاند جورنال أوف ميديسن».

وتجرى في الولايات المتحدة 80 ألف عملية من «عمليات الجراحة التعويضية للفقرات» بحقن أسمنت عظمي نحو التشققات الحاصلة في عظام العمود الفقري، الناجمة عن مرض هشاشة العظام.

وقد أحدثت هذه النتائج هزة بين صفوف الأطباء لأن العمليات التي تم تطبيقها لأول مرة في أوائل التسعينات قد تم تقبلها على نطاق واسع، واعتبرت فعالة جدا في تخفيف الآلام وتحسين حركية المصابين، وخصوصا من كبار السن. وقد تضاعف عدد العمليات خلال السنوات الست الماضية.

وتحدث التشققات في العمود الفقري عادة نتيجة الإصابة بهشاشة العظام، وتبلغ كلفة العملية نحو 3 آلاف دولار، تغطي الهيئات الصحية الحكومية ثلثي هذا المبلغ.

وبسبب التقبل الكبير لهذه العمليات فقد كان من الصعب على الباحثين تسجيل متطوعين من المرضى لإجراء تجارب سريرية، لأن المصابين كانوا متخوفين من خضوعهم لعمليات وهمية.

وتأتي هذه النتائج في وقت يطالب فيه الرئيس أوباما بتوسيع نطاق أبحاث المقارنة بين فاعلية الطرق، أي إجراء اختبارات لكل طريقة ومقارنتها مع طريقة أخرى للتأكد من أفضلها وأقلها كلفة.

وقال الدكتور جيمس إن. ونشتاين الباحث في كلية دارتموث للطب في هانوفر بولاية نيوهامبشير في مقالة تحريرية مصاحبة لنتائج الدراستين إنها (النتائج) سوف تقدم دعما قويا لتوسيع الاختبارات.

وقد سجلت إحدى الدراستين التي موّلتها مراكز الصحة الوطنية بالدرجة الأساسية وأشرف عليها الدكتور ديفيد كالميس من مايوكلينيك ـ وهو أحد مؤسسي طريقة العمليات الجراحية بالأسمنت العظمي ـ 131 مصابا، خضع 68 منهم لعملية جراحية، فيما خضع 61 آخرون لعملية وهمية تم خلالها تنميل (تخدير) الظهر، وضغط الجراحون عليه كما لو أنهم كانوا يحقنون الأسمنت فعلا، كما تم تعريض هؤلاء المصابين لرائحة الأسمنت المميزة لشمها.

وأفاد أفراد المجموعتين من المصابين بحدوث تخفيف ملموس لآلامهم، وتحسن في نوعية الحياة وفي تنفيذ وظائفهم خلال فترة المتابعة.

أما فريق الدكتورة راشيل بوشبايندر في جامعة موناش الأسترالية فقد أجرت دراسة مماثلة على 71 مريضا، وتوصلت إلى نفس النتائج. وقد موّلت الحكومة الأسترالية دراستها كما حصلت على منحة مالية من شركة أميركية لإنتاج الأسمنت العظمي.

ويشك كالميس في أن التحسن الذي أدى إلى تخفيف الآلام لدى المصابين قد تم بفضل التأثيرات البعيدة للأدوية التي استخدمت لتخدير الظهر في أفراد المجموعتين، ولذلك فإنه يستعد للإعداد لإجراء تجارب أخرى حول فوائد مثل هذا التخدير.

كما أن من المحتمل أن تنتج الكثير من الفوائد من العملية الوهمية.. أي إحساس المريض بأنه تعرض لشيء ما من العلاج.

وقال الدكتور تاي ثاياناثان جراح العمود الفقري في مركز تشابمان الطبي في أورانج إنه، رغم هذه النتائج المخيبة للآمال فإن الجراحين لن يمتنعوا على الأكثر عن إجراء مثل هذه العمليات في الوقت القريب، لأنها تؤدي حقا إلى تخفيف الآلام، حتى ولو كان ذلك يتم عبر عمليات وهمية. وأضاف: «إلا أن النتائج تغير الطريقة التي سنتوصل من خلالها إلى اتخاذ قرار مشترك بموافقة المريض»، لأنه يجب إخبار المرضى بوجود فوائد مماثلة من العمليات الوهمية.

* خدمة «لوس أنجليس تايمز» خاص بـ«الشرق الأوسط»