الأفغان منقسمون قبل الانتخابات بين برنامجَي «أفغان ستار» و«قرآن ستار»

محطة «تولو» المستقلة تحقق سبقا بإحياء التراث الثقافي

تعتبر قناة «تولو» المستفيدة من البرنامجين وذلك بعد أن حققا نسبة مشاهدة عالية جدا فيما يعتقد البعض أن الحالة تدل على صراع ثقافي بين القيم وسط المجتمع الأفغاني (أ.ف.ب)
TT

يبدو أن الخلافات السياسية بأفغانستان، أخذت أبعادا جديدة، وهو ما تجلى عبر عرض برنامجين على قناة «تولو» المستقلة بأفغانستان، أحدهما بعنوان «أفغان ستار»، الشبيه ببرنامج المسابقات الموسيقية الأميركي، فيما يكتفي الجانب المتدين من المجتمع بمشاهدة برنامج «تراتيل»، أو «قرآن ستار»، الذي يتبارى فيه المتسابقون بجودة ترتيلهم وحفظهم.

وانقسم مشاهدو قناة «تولو» الأفغانية إلى فريقين أحدهما يشجع برنامجا للمواهب الغنائية بعنوان «أفغان ستار»، بينما يشجع الجانب المتدين برنامج «تراتيل»، أو «قرآن ستار»، الذي يتبارى فيه المتسابقون بجودة ترتيلهم وحفظهم للقرآن الكريم. و«تولو» إحدى المحطات الوليدة بعد سقوط طالبان نهاية عام 2001، وكانت حكومة حركة طالبان قد حظرت البث التلفزيوني، كما أن حكومة المجاهدين التي سبقت حكومة طالبان كانت قد حظرت ظهور النساء كمغنيات أو مقدمات برامج، إلا أنه في ظل قيادة الرئيس حميد كرزاي الذي يحظى بدعم من الغرب، ازدهر التلفزيون، مع ظهور 17 محطة خاصة في السنوات الست الماضية، 11 منها مقرها كابل. كما تقدم العديد من شركات التلفزيون الكابلي مزيجا من الأخبار والبرامج الموسيقية الشعبية والمسلسلات المستوردة والمسلسلات الشعبية، وهي تحظى بشعبية كبيرة وتجذب الآلاف إلى المقاهي ومحلات بيع الآيس كريم، كما أن البرامج التلفزيونية التي تتطلب اتصال المشاهدين تحظى بشعبية كبيرة أيضا. تمكنت محطات التلفزيون من تثبيت أقدامها في الساحة السياسية، لا عن طريق إذاعة تحقيقات إخبارية ولكن أيضا باتخاذ جانب في الجدل العرقي واللغوي، الذي يعكس الانقسامات في أفغانستان. وبينما تستعد أفغانستان للانتخابات الرئاسية 20 أغسطس (آب) الجاري فإن بعض مالكي المحطات والصحافيين يؤكدون أن الحظر على البرامج التلفزيونية جزء من صراع سياسي للهيمنة على الموجات الهوائية، وقد فتح زعماء الأحزاب السياسية محطاتهم التلفزيونية للمرشحين للانتخابات. و«أفغان ستار» الذي بدأ نسخته الرابعة شهد حضورا جماهيريا كبيرا مما أثار عاصفة من الانتقادات في الأوساط المحافظة وهو الأمر الذي يدل بحسب بعض الآراء على مدى شعبية البرنامج الترفيهي بحسب موقع «سي إن إن». ويبلغ متوسط مشاهدي «أفغان ستار» 11 مليون مشاهد, ويعتبره الكثيرون برنامجا يشجع على إحداث تغيير اجتماعي مما دعا مجلس العلماء المسلمين بالبلاد إلى شن حملة ضخمة على البرنامج معتبرا أنه «لا يمت بصلة» إلى الثقافة الأفغانية. هذا الأمر دفع قناة «تولو» إلى تبني برنامج آخر يتوافق مع رغبات المحافظين في البلاد بحيث يتبارى فيه الشباب حول مدى حفظهم وإتقانهم للقرآن, وأطلق عليه اسم «قرآن ستار»، فازت فيه فتاة تُدعى ذرة محمدي (16 سنة) وظهرت على القناة وهي ترتدي حجابها الأسود التقليدي، لتحصل على جائزة البرنامج وقدرها 3500 دولار. وتعتبر قناة «تولو» المستفيدة من البرنامجين وذلك بعد أن حقق البرنامجان نسبة مشاهدة عالية جدا فيما يعتقد البعض أن الحالة تدل على صراع ثقافي بين القيم وسط المجتمع الأفغاني. جدير بالذكر أن محطة «تولو تي في» الأفغانية، تعد أكثر المحطات التلفزيونية الأفغانية شعبية، حيث تذيع بعض أغاني البوب المصورة بالإضافة إلى برامج الترفيه والأخبار. لم يكن أحد يتصور قبل خمس سنوات تقريبا أن يدور جدل في أفغانستان بشأن أداء قناة تلفزيونية تبث من داخل البلاد حيث كانت حكومة طالبان تفرض قيودا صارمة على المشهد الإعلامي. في الوقت نفسه فإن الجدل الذي أثارته وتثيره قناة تلفزيونية خاصة يكشف العديد من جوانب المشهد السياسي والإعلامي في هذه الدولة التي ما زالت تعاني الحرب المستمرة عبر أكثر من عشرين عاما. ويلفت الانتباه عدد الذين حضروا للمشاركة في الموسم الرابع من «أفغان ستار»، الذي أثار عاصفة من الاعتراضات في الأوساط المحافظة، وهو الأمر الذي يدل، بحسب بعض الآراء، على مدى شعبية البرنامج الترفيهي. من جهته أشار جاهيد محسني، الذي أطلق قناة «تولو»، إلى أنه يحاول عبر «أفغان ستار» أن يعيد إحياء التراث الثقافي بالبلاد، مؤكدا أنه بهذا يشجع على إحداث تغيير اجتماعي، وموضحا أنه لا يريد أن يؤثر على الناس بطريقة لا يرغبونها، خصوصا أن محطته التلفزيونية هي تجارية بالدرجة الأولى. وحول الرواج الشديد لـ«أفغان ستار» ذكر محسني أن «الشباب الأفغان يشبهون أقرانهم حول العالم، فهم لم يأتوا من المريخ»، مضيفا أن «الفن يجري في عروق الأفغان منذ قرون، ولا يزال كذلك». وكان «أفغان ستار» قد تعرض لحملة من قِبل مجلس العلماء المسلمين بالبلاد، الذين اعتبروا البرنامج الترفيهي «لا يمت بصلة» إلى الثقافة الأفغانية، ليقوم محسني، بعد لقائه بوفد من المجلس بإطلاق برنامج «قرآن ستار» يتبارى فيه الشباب حول مدى حفظهم وإتقانهم للقرآن. المفاجأة أنه في نهاية البرنامج، فازت عذرة محمدي (16 سنة) بالمسابقة وهي ترتدي حجابها الأسود التقليدي، لتحصل على جائزة بمقدار 3500 دولار. وبالنسبة إلى محسني، فإن قناة «تولو» لا تزال مستفيدة من الوضع الراهن، إذ حقق «قرآن ستار» و«أفغان ستار» نسبة عالية من المشاهدات، فيما رأى خبراء أن الحالة تدل على أن هناك صراعا «ثقافيا» بين القيم وسط المجتمع الأفغاني.