طالبان باكستان تعتمد على خطف الصبيان وتجنيدهم لتعزيز قواتها

تقوم بغسيل مخ للأطفال في معسكرات وادي سوات

صبية باكستانيون ملثمون يتحدثون للإعلام عن عمليات تجنيدهم وتكليفهم بالقيام بعمليات استطلاع عن مواقع الجيش الباكستاني (أ.ف.ب)
TT

رفع الصبي، الذي يبلغ من العمر 14 عاما وانتشر حول ذقنه حب الشباب، اللثام ليكشف عن وجهه، متحدثا عن اثني عشر يوما قضاها داخل معسكر تدريب تابع لحركة طالبان. وبدأ بالحديث عن اليوم الذي قام فيه ستة مسلحين ملثمين باختطافه وهو يجمع البصل داخل مزرعة بوادي سوات. وقال الصبي إنهم وضعوا عصابة على عينيه واقتادوه إلى مدرسة فتيات مهجورة، حيث كان يقوم مع العشرات من الصبيان الباكستانيين الآخرين بتسلق التلال لمدة ساعتين ونصف الساعة كل يوم وينصتون إلى مدربين تابعين لحركة طالبان يمجّدون في الجهاد ضد الجيش الباكستاني. وكان بعض الصبيان قد انضموا طوعا إلى هذه المعسكرات. ولكن يحلم آخرون، مثل الصبي ذي الأربعة عشر ربيعا، بالهروب منها. ويقول الصبي: «كانوا يتحدثون عن الجهاد كثيرا ويقولون لنا إنه المهمة الأولى لنا، ويقولون إن علينا ألا نسمح لأي شخص بأن يمنعنا من القيام بذلك وإذا وقف آباؤنا في الطريق قيل لنا إنه يمكننا أن نقتلهم». ويعد هذا الصبي واحدا من أكثر من مائة صبي يقول الجيش الباكستاني إن حركة طالبان جندتهم أو اختطفتهم واحتجزتهم داخل العديد من معسكرات التدريب. ورتب الجيش للقاء يجمع أربعة من الصبيان مع صحافيين بمدرسة مهجورة في مدينة مينغورا، أكبر المدن بوادي سوات.

وتقول قيادات في الجيش الباكستاني إنهم ليسوا متأكدين من عدد الصبيان الذين ما زالوا مع حركة طالبان، ولكن من تمكن من الهرب عاد إلى آبائه الذين قاموا بدورهم بإخطار السلطات. ويقول الجيش إنه قام سريعا بالنزول إلى المعسكرات التي كان يحتجز فيها الصبيان ولكن كانت عناصر حركة طالبان قد رحلت قبل وقت طويل. ويقول قادة باكستانيون إنهم ما زالوا يحاولون من خلال ما يدلي به الصبيان معرفة ما يمكن أن يكون صحيحا وما يمكن أن يكون محض مبالغات. ويزعم بعض الصبيان أن ما يصل إلى 400 شاب كانوا داخل المعسكرات، وهو ما يؤكد شكوك الجيش. ويقول شبان آخرون إن أطفالا يبلغون من العمر سبع أو ثماني سنوات داخل هذه المعسكرات، وهو زعم يقول عنه مسؤولون بالجيش إنهم لا يمكنهم التثبت منه. ولكن، يعتقد الجيش أن هؤلاء الأطفال كانوا ضمن موجة من عمليات التجنيد التي قامت بها حركة طالبان في الجزء الأول من العام الجاري عندما سيطر مسلحوها على وادي سوات شمال البلاد واستخدموا عمليات الاختطاف وضرب الأعناق بهدف بث الرعب في قلوب سكان المنطقة. واستمرت حركة طالبان في سيطرتها على وادي سوات حتى مايو (أيار)، عندما بدأ الجيش هجومه عليها. ونجحت حملة الجيش في تطهير المراكز الحضرية والمدن بسوات على الرغم من أن قيادات محلية تابعة لطالبان ما زالت موجودة على نطاق واسع، وهناك قتال مستعر داخل المناطق الريفية. ويقول الرائد بالجيش نصير خان إنه كان يتم تدريب العديد من الشباب على القيام بعمليات استطلاع لرصد تحركات القوات الباكستانية حتى يتمكّن المسلحون من وضع قنابل على جوانب الطرق لإلحاق أكبر ضرر ممكن بهذه القوات. ويضيف إنه يحتمل القيام بتدريب آخرين حتى يكونوا مسلحين أشداء. ويقول خان إن الصبيان الخمسة الذين اجتمع بهم قالوا له إن حركة طالبان اختطفتم وأخذتهم إلى المعسكرات. ويقول الفريق نديم أحمد إن تسعة صبيان أجرى مقابلات معهم، جميعهم من عائلات فقيرة في مدينة مينغورا، قالوا له إن ما جذبهم إلى ذلك الوعود بـ«طعام طيب وحياة رغدة». وقال: «قيل لهم إن ما يريدونه يمكنهم القيام به، كانت هذه دعوة لجمع الحشود ولم يكن ذا صلة بالدين ولكنه كان ماديا بدرجة أكبر».

ويقول أحمد إن الأطفال الذين تحدث معهم تحرروا من الأوهام وهربوا بعد ثلاثة أسابيع، مشيرا إلى أنه سوف يتم التعامل معهم كحالات تحتاج إعادة التأهيل وليس كجنائيين. ولم يقل أي من الصبيان الذين اجتمع بهم إنه تدرب كي يقوم بهجمات انتحارية، ولكن يقول أحمد إن حركة طالبان تعتمد غالبا على الصبيان في القيام بمثل هذه الهجمات وإن بعضا ممن كانوا ضمن الموجة الأخيرة من المجنّدين الشباب ربما تدربوا في النهاية على القيام بهجمات انتحارية. ويعتقد أن الانتحاري الذي قتل عالم الدين سرفراز نعيم في لاهور خلال يونيو (حزيران) كان يبلغ من العمر 16 أو 17 عاما. ووقع هجوم انتحاري في مصلى شيعي في بيشاور قتل تسعة أشخاص ونفّذه انتحاري يعتقد أن عمره 16 عاما، حسب ما تقوله السلطات. ويقول أحمد: «الانتحاريون ليسوا إرهابيين متمرسين ولكنهم أطفال تختارهم (عناصر) طالبان وتقوم بعمل غسيل مخ لهم، وهؤلاء الصبيان مجرد سلع استهلاكية لحركة طالبان». وتحدث انتحاريون تمكنت القوات الباكستانية وقوات الشرطة من إلقاء القبض عليهم عن عملية تثقيف موسعة يقوم مسلحو طالبان من خلالها بإقناع الصبيان بأنهم يؤدّون مهمة دينية وأنهم محظوظون لأن هذه الفرصة أتيحت لهم. ويقول أحمد: «يحكون لهم قصصا عن الارتقاء إلى السماء وأن هذا العالم لا قيمة له وأن السماء هي الحياة الحقيقية. ويقولون لهؤلاء الصبيان أنتم تقومون بخدمة إلى هؤلاء الأبرياء الذين يموتون لأنهم يرتقون إلى السماء أيضا».

وداخل مدرسة مظلمة في مدينة مينغورا يتولى الإشراف عليها الجيش الباكستاني، تحدّث الصبيان الأربعة عن اختطافهم على يد مسلحين تابعين لحركة طالبان في فبراير (شباط) وهروبهم في النهاية من المعسكرات داخل غابات خارج مدينة ماتا، التي تقع على بعد ستة أميال شمالا. ولم يدل أي من الصبيان بأسمائهم، وجميعهم كان يرتدي كابات مثل التي يرتديها لاعبو البيسبول وأوشحة يغطون بها وجوههم، ولكن خلال المقابلة وجدوا أن الأوشحة متعبة ولذا وضعوها جانبا. وقال أحد الصبيان، يبلغ من العمر 16 عاما، إنه كان يلعب الكريكيت مع صديقين له في قرية تشوبريال عندما دنا منهم مسلحون ملثمون وهم يتحدثون إليهم متهمين إياهم بالتعدي على أرض تابعة لحركة طالبان. وأضاف أنه تم وضع عصابات على أعينهم واقتيدوا إلى معسكر كان يتدرب فيه نحو 150 صبيا آخرين. وأشار إلى أن الظروف داخل المعسكر كانت صعبة حيث كان الطعام شحيحا وفي بعض الأحيان كانت وجبة الغذاء عبارة عن رغيف خبز يتقاسمه أربعة صبيان. وكان على المجنّدين الاستيقاظ قبل شروق الشمس لأداء صلاة الصبح وبعد ذلك يتسلقون التلال.

* خدمة «لوس أنجليس تايمز» خاص بـ«الشرق الأوسط»