إيران ترفض الانتقادات الأوروبية.. وتعتبر المحاكمات مطابقة للقانون الدولي

ساركوزي: الإفراج عن ريس أولوية.. كوشنير: محاكمات طهران «عرض» شهدناه «في ظروف أخرى»

المتحدث باسم الخارجية الإيرانية حسن قشقوي يتحدث في مؤتمر صحافي أمس في طهران (أ.ف.ب)
TT

أعلنت إيران أمس أنها لن تقبل «تدخلا» أجنبيا في شؤونها الداخلية ردا على انتقادات بعض الدول الغربية لمحاكمة أشخاص اعتُقلوا بتهمة المشاركة في التظاهرات عقب الانتخابات الرئاسية، بينهم موظفو سفارات محليون ومواطنة فرنسية. في وقت أكدت فيه الرئاسة الفرنسية أن الرئيس نيكولا ساركوزي يعتبر الإفراج عن الباحثة الفرنسية الشابة كلوتيلد ريس التي تُحاكَم في إيران «هدفا أولويا» ويضاعف «وساطاته لدى كل الذين يمكن أن يمارسوا تأثيرا».

وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية حسن قشقوي في لقائه الأسبوعي مع الصحافيين إن المحاكمة تجري طبقا «للقوانين الدولية» ورد الدول الغربية «غير شرعي ويثير الاستغراب». وأضاف: «إننا سنتصدى بشدة لأي تدخل» أجنبي. وأكد قشقوي أن «مواقفهم لا علاقة لها بمسؤولياتهم الشرعية». وقال قشقوي في تصريحاته التي نقلتها وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية «إيرنا»: «هذه الفرنسية (ريس) جاءت لتدريس اللغة الفرنسية في جامعة أصفهان التقنية.. وشاركت بعد ذلك في تظاهرات طهران والتقطت صورا. هذا لا علاقة له بتدريس الفرنسية، هل كانت تريد تعليم الفرنسية للمتظاهرين؟».

وأضاف أنها «أرسلت ألف رسالة إلكترونية وصورة (من التظاهرات)، فماذا يعني ذلك؟». وبدأت محاكمة مائة شخص تقريبا في الأول من أغسطس (آب) أمام المحكمة الثورية بطهران التي تلاحقهم لمشاركتهم في تظاهرات الاحتجاج على إعادة انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد في الانتخابات المطعون فيها في 12 يونيو (حزيران). ومثلت السبت بين المتهمين الباحثة الفرنسية الشابة كلوتيلد ريس والموظف الإيراني في السفارة البريطانية حسين رسام والموظفة الإيرانية في سفارة فرنسا نازك افشر.

وقال المتحدث إن «المحاكمة تدل على أن هذه المرأة والشخصين الآخرين (موظفان محليان) يحاكَمون طبقا للقوانين الدولية»، مؤكدا أن «للمتهمة محاميا والمحاكمة شرعية تماما». وتابع أن تصريحات حسين رسام ونازك افشر تشير إلى تدخل الدول الأجنبية. وقال: «هذه التصريحات التي أدلى بها إيرانيان هي دليل على التدخل الأجنبي في شؤون إيران الداخلية». وتابع: «إن حسين رسام أدلى باعترافاته أمام المحكمة بعد أن أُفرج عنه. لا أحد يمكنه القول إنها انتُزعت بالقوة».

وقال قشقوي إن المحاكمات شأن قانوني داخلي لإيران وهو أمر لا يخص الاتحاد الأوروبي. ورفض اتهامات بإجبار المتهمين على الاعتراف جبريا. وأضاف قشقوي أنه وفقا لاتفاقية الأمم المتحدة عام 1961 فإنه من غير المسموح للدبلوماسيين المشاركة في الأحداث السياسية الداخلية خصوصا في حالة إذا كان الوضع القانوني غير واضح. وانتقد المتحدث أيضا وزير الخارجية السويدي كارل بيلدت الذي قال إن هذه المحاكمات تمثل تحديا للاتحاد الأوروبي بأكمله. وقال قشقوي إن «هذا التعليق الذي يفيد بأن عملية قانونية في بلد ما تمثل تحديا في الوقت نفسه لـ27 دولة أخرى أمر يتجاوز حدود أي منطق قانوني». وأضاف أنه كما أن طهران لم تتدخل مطلقا في القضايا القانونية والقضايا الخاصة بالانتخابات في دول الاتحاد الأوروبي فإنها تتوقع من الاتحاد الأوروبي أن يفعل المثل.

وأكدت الرئاسة الفرنسية أمس أن الرئيس نيكولا ساركوزي يعتبر الإفراج عن الشابة الفرنسية كلوتيلد ريس «هدفا أولويا». وقالت مصادر في محيط الرئيس إن «رئيس الجمهورية يتابع باهتمام كبير تطور ملف كلوتيلد ريس». وأضافت أنه «ضاعف وساطاته لدى كل الذين يمكن أن يمارسوا تأثيرا بهدف تسوية سريعة والإفراج عنها». وتابعت: «إنه الهدف الذي يحتل الأولوية في هذه القضية».

وقال وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير في تصريحات أمس إن الجلسة التي مثلت خلالها كلوتيلد ريس أمام المحكمة الثورية في طهران «عرض رأيناه في ظروف أخرى». وقال كوشنير في حديث لصحيفة «لوباريزيان»: «لم يكن هناك محام واحترام الدفاع كان محدودا جدا، هذا أقل ما يمكن قوله». ورأى كوشنير أن الاعترافات التي أدلت بها أمام المحكمة: «أمليت عليها على الأرجح.. أنها طريقة قديمة نعرفها جيدا: لم تكن وحدها بل كان متهمون آخرون في تلك القاعة والجلسة بثها التلفزيون».

وبشأن كلوتيلد ريس قال: «اتهموها بالتحريض على التظاهر. وكأن شابة فرنسية في الثالثة والعشرين (عند اعتقالها في الأول من يوليو/تموز) تستطيع تحريض تظاهرات ملايين الأشخاص. هذا عبث». وتابع: «لم تكتب تقريرا بل مذكرة مقتضبة جدا وشخصية وصفت فيها ما يجري وموجَّهة إلى مدير المعهد الفرنسي للأبحاث الإيرانية». وتابع كوشنير أن «كل تلك الاتهامات لا أساس لها وغير منطقية، إنها ادعاءات كاذبة». وفي ما يتعلق بالفرنسية الأخرى نازك افشر صرح كوشنير أنها «قالت السبت أمرا صحيحا وهو أنه إذا حاول متظاهرون ملاحَقون اللجوء إلى السفارة، فالأوامر تقضي بفتح الأبواب لهم. إنها أوامر كل الأوروبيين. إنها تقاليدنا الديمقراطية». وأكد أن فرنسا «ستواصل الضغط من أجل استعادتهما الحرية التي تستحقانها». وتابع: «بالتأكيد هناك أمل، لكن متى؟ مع الأسف لا أدري». وأضاف أن المطلب «جماعي» وأن «المطالب بالإفراج أوروبية وآمل أن تبلغ هدفها».