رحيل الأم الفرنسية «الشجاعة»

جمعت أطفالها تحت سقف واحد.. وعثرت لهم على عائلة تبنتهم بعد وفاتها

ماري لور وأطفالها
TT

يخطف المرض الخبيث أرواح العشرات في فرنسا كل يوم، لكن وفاة ماري لور بيكا بسرطان الكبد، أمس، أثار موجة من الحزن في عموم البلاد. فهذه السيدة البالغة من العمر 36 سنة شغلت الرأي العام، خلال الخريف الماضي، عندما سعت لاختيار العائلة القادرة على تبني أطفالها الأربعة بحيث لا يتفرقون بعد رحيلها.

وكانت هذه الأم قد لقيت التعاطف عندما نشرت، في يونيو (حزيران) 2008، كتابا شرحت فيه مأساتها ورغبتها في أن يبقى أولادها الأربعة مجتمعين سقف واحد وفي كنف والدين يقبلان بتبنيهم معا. تتراوح أعمار الأطفال بين السنتين والإحدى عشرة سنة. وقالت ماري لور في كتابها: «لن أغادر الدنيا هادئة البال ما لم أطمئن على أن أولادي لم يتفرقوا بين عدة عائلات بالتبني». كما أبدت رغبتها بأن يواصل الأطفال حياتهم التي اعتادوا عليها وأن يذهبوا إلى المدارس نفسها وإلى دروس «الجودو» وأن يحافظوا على الأصدقاء السابقين. ماري لور كانت قد انفصلت قبل نحو سنة عن زوجها الذي يعمل سائقا. بل إنه هو الذي تركها بعدما عرف بمرضها. وعلى الرغم من أن من حق الأب الحصول على حضانة الأولاد، فإنه لم يعترض على رغبة زوجته المريضة، لا سيما أنهما حافظا على صلات طيبة بعد الطلاق. كذلك باع الزوجان سيارتهما وقدما ثمنها هدية لأطفالهما في آخر عيد ميلاد أمضياه معا، كما أوصت الراحلة بعائدات كتابها المعنون «شجاعة أُم» لأبنائها.

هذا، وصارح الأطباء ماري لور بيكا، قبل سنة، بانتشار المرض في جسدها وبأن حياتها باتت مهددة، ولن يقدّر لها العيش أكثر من ثلاثة أشهر. وبعدما نشرت الصحف مسعاها لإيجاد عائلة تتبنى أطفالها، تمكنت بمساعدة المعارف من العثور على زوجين لم ينجبا، غير أن دائرة التبني لم تسمح لهما سوى بتبني ثلاثة أطفال، وهو ما يسمح به وضعهما المالي. ولكن بفضل الحملة الصحافية التي قادتها صحيفة «ليبيراسيون»، أمكن تجاوز هذه العقبة، وظهر متبرعون لمساعدة الزوجين على الاضطلاع بمسؤولية أطفال ماري لور الأربعة: جولي (11 سنة) وتيبو (9 سنوات) وماتيو (5 سنوات) ومارغو (سنتان). وفي فبراير (شباط) الماضي انتقل الصغار للعيش مع الأبوين الجديدين بعدما تدهورت حالة أمهم الصحية. ولعلها فارقت الحياة مرتاحة بعدما حققت لأطفالها ما كانت تصبو إليه.