وزارة السياحة اللبنانية تراهن على السياحة البينية وتحذر من تكرار صيف 2006 مستقبلا

لأن السائح الخليجي الأكثر إنفاقا

TT

يتسابق وزير السياحة اللبناني إيلي ماروني، والمديرة العامة في الوزارة السيدة ندى السردوك، في الاعتزاز بالأرقام التي سجلها موسم السياحة في لبنان هذا العام، من دون أن يتناسيا بعض العراقيل التي تعيق التوسع السياحي المنشود، ولا سيما التقنين الكهربائي المتزايد، والتقنين في مياه الشرب ومياه الاستعمال المنزلي بنسب متفاوتة وبحسب المناطق، بالإضافة إلى زحمة السير الخانقة الناتجة بصورة خاصة عن بناء الأنفاق والجسور عند بعض التقاطعات، والتهاون في تطبيق قانون السير.

ويعتبر الوزير ماروني أن هذه العراقيل إذا استمرت فلا بد من أنها ستهدد المواسم السياحية المقبلة وتحرم لبنان من عائدات تعوض الأموال المرحّلة من لبنان للخدم والعمال الأجانب، وتعزز معيشة الجهاز البشري العامل في كل القطاعات المرتبطة بالسياحة.

وبعيدا عن هذه الهموم، لا يزال الوزير ماروني مُصرّا على تجاوز عدد السياح هذا العام المليونين، خصوصا أن هذا العدد قد تجاوز مليونا و85 ألف سائح حتى نهاية يوليو (تموز) المنصرم، على حد قوله.

أما المديرة العامة للوزارة فقد أجرت تقويما إيجابيا جدا لموسم الصيف، وأشارت إلى «توافد استثنائي» للسياح هذا الصيف، لافتة إلى أن شهر يوليو (تموز) الماضي شهد نحو 250 ألف سائح، في مقابل 216 ألف سائح في الشهر نفسه من العام الماضي، و127 ألفا في الشهر نفسه في عام 2007.

وقبل أن يعلن وزير السياحة الرقم النهائي للسياح في نهاية يوليو (تموز) كما أشرنا آنفا، أكدت السردوك أن الأرقام الأولية لعدد السياح في نهاية يوليو (تموز) الماضي توحي بتجاوز المليون سائح، علما بأن النصف الأول من العام الحالي شهد زيارة 760 ألف سائح، وبذلك يكون عدد السياح في الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي قياسيا ولم يتحقق نظير له.

وتعزو السردوك نجاح الموسم إلى جملة أسباب، أبرزها الاستقرار السياسي الذي تركه اتفاق الدوحة في مايو (أيار) 2008، وإجراء الانتخابات النيابية في أجواء هادئة، وهو ما أدى إلى حركة سياحية مميزة بعد الانتخابات، كما تدل الأرقام المسجلة خلال الشهرين اللذين أعقبا الاستحقاق النيابي، والتي بلغت 450 ألف سائح. وتنتظر المديرة العامة للسياحة وصول 300 ألف سائح في أغسطس (آب) الحالي، و250 ألفا في سبتمبر (أيلول)، لسببين اثنين: أولهما قدوم شهر رمضان، وثانيهما الألعاب الفرانكوفونية. كما تنتظر وصول 500 ألف بين شهري أكتوبر (تشرين الأول) وديسمبر (كانون الأول) المقبلين، وبذلك تكون السردوك قد توافقت مع الوزير على بلوغ عدد السياح هذا الموسم المليونين. ولا تخفي ما تعرفه عن بلوغ الحجوزات في الكثير من الفنادق 100% منذ بداية الموسم.

ولئن كان الرقم المسجل هذا الموسم قد ضرب كل الأرقام القياسية في لبنان، حتى أرقام عام 1974 الذي بلغ فيه عدد السياح 1.4 مليون سائح، فإن الوزير والمديرة العامة ينبهان إلى خطورة صيف آخر كصيف عام 2006 في ضوء التهديدات الإسرائيلية الأخيرة، ويشددان على ضرورة الإسراع في تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، «لكي يتمكن لبنان من الاستفادة إلى أقصى حد من الفرصة السياحية الذهبية المتوافرة هذا العام»، على حد قول السردوك.

وتعلق وزارة السياحة اللبنانية بكل كوادرها، والهيئات السياحية بكل نقاباتها واتحاداتها، أهمية بالغة على السياحة البينية العربية، باعتبار أن السياح العرب يمثلون معظم السياح الوافدين إلى لبنان، وفي الأردن يمثلون 50% من إجمالي عدد السياح، والشيء نفسه بالنسبة إلى سورية.

ويعتبر رئيس مجلس إدارة شركة «الضيافة القابضة» و«جنان للفنادق والمنتجعات»، سعيد أحمد محمد بن بطي، في دراسة لشركته تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منها، وهي أول شركة متخصصة في إدارة الفنادق الصديقة للبيئة في الشرق الأوسط، أن «السياحة البينية العربية تعد الأكثر إيرادا للدخل السياحي، فالسائح العربي أطول إقامة وأكثر إنفاقا، وهو ما يدفعنا إلى الإصرار على بلورة هذه الثقافة ورفدها بكل ما يلزم من خلال تحفيز الاستثمار السياحي العربي البيني، وتوفير بيئة استثمارية جاذبة للمستثمرين العرب، وتسهيل انتقال رؤوس الأموال العربية وتسهيل حركة السفر بين الدول العربية، وتسهيل عمليات إصدار التأشيرات السياحية، ولا سيما في ظل المساهمة الحيوية والاجتماعية لهذا القطاع في تشغيل مئات الآلاف من العاملين، إذ سيساهم النمو الكبير الذي تشهده المنشآت السياحية والفندقية في المنطقة العربية، في إحداث طلب متزايد على الكوادر البشرية، حيث تقدر توقعات المجلس العالمي للسياحة والسفر بأن يساهم القطاع السياحي في توفير 10.5 مليون وظيفة خلال عام 2009، في الدول العربية (الشرق الأوسط وشمال أفريقيا) وهو ما يمثل 10.1% من إجمالي القوى العاملة».

وتضيف الدراسة: «ولعل ما يدفع أكثر إلى التركيز على أهمية السياحة البينية العربية، الأرقام التي تطرحها الإحصائيات حول حجم إنفاق الدول الخليجية على الإجازة السنوية التي أصبحت بالنسبة إلى معظم الأسر الخليجية ضمن نسيج الثقافة المحلية، حيث يقدر ووفقا لإحصائيات عامة حجم إنفاق دول مجلس التعاون الخليجي على الإجازات السنوية بنحو 20 مليار دولار. وبحسب تلك المصادر فإن السعوديين يحتلون المرتبة الأولى في الإنفاق على إجازاتهم السنوية بواقع 8.5 مليار دولار، يليهم الكويتيون والإماراتيون بواقع 5 مليارات دولار لكل منهما، ثم القطريون بقيمة 600 مليون دولار، ثم المواطنون العمانيون بمقدار 400 مليون دولار، بينما يحتل البحرينيون المرتبة الأخيرة بواقع 300 مليون دولار».