الناطق باسم الحكومة العراقية: على سورية الاختيار بين علاقة طيبة مع العراق.. أو احتضان من يعادونه

الخارجية الأميركية لـالشرق الأوسط»: العلاقات العراقية ـ السورية مؤشر هام في سياستنا تجاه دمشق

الرسام العراقي صادق جعفر جاسم (يمين) يرسم أمس وإلى جانبه مريض عراقي آخر اسمه معتز في غرفة بمستشفى في عمان حيث يعالجان من جروح أصيبا بها في أعمال العنف في العراق (رويترز)
TT

فيما ألمح رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إلى أن سورية تتحمل المسؤولية عن تفجيرات الأربعاء وان العراق كان سيرد بالمثل «لولا قيمنا وحرصنا ورغبتنا على التوصل إلى اتفاق مع هذه الدولة للتخلص من هؤلاء الذين يؤوونهم»، قال صادق الركابي، مستشار رئيس الوزراء إن ما قصده المالكي «هو أن باستطاعة أي دولة أن تقوم باستضافة معارضين لدولة أخرى وكما تستضيف سورية معارضين للعراق فإن بإمكان العراق أن يستضيف المعارضة السورية». لكنه أضاف «أن الحكومة العراقية لم تلعب نفس لعبتهم». وعما إذا رفضت سورية تسليم العراق من تعتبرهم مسؤولين عن التفجيرات الأخيرة، قال الركابي «إن الحكومة يمكن أن تعمل باتجاهين، الأول هو التطلع إلى تعاون سورية في هذا الأمر، والآخر من خلال إطار الأمم المتحدة سيما أن الأخيرة لديها قرارات سابقة حول موضوع الإرهاب في العراق وتحديدا القرار (1618) الذي يحث جميع الدول على أن تبدي تعاونا فعالا لضبط مرتكبي الأعمال الإرهابية ومن يرعاها وتقديمهم إلى العدالة، فضلا عن قرار آخر لمجلس الأمن المرقم (1483) الذي يتحدث عن مرتكبي الجرائم الفارين في دول الجوار وبالتالي فإننا نجد من حقنا أن نطالب مجلس الأمن والمجتمع الدولي بالوقوف مع الشعب العراقي ضد من يتربص به».

وعن زيارة المالكي الأخيرة إلى سورية التي وصفت بالناجحة وكيف ستكون العلاقات بعد استدعاء سفراء البلدين لفت الركابي إلى أن «العراق دوما كان يعبر عن رغبته بإقامة أفضل العلاقات مع الدول المجاورة بما فيها سورية، سيما أننا كنا نلتزم ضبط النفس والصبر طوال السنوات الماضية، الأمر الذي يحتم علينا الآن تحمل مسؤولية الدفاع عن شعبنا». وعما إذا كان المالكي قدم لسورية قائمة بمطلوبين، أكد مستشار رئيس الوزراء «أن الموضوع الأمني كان في مقدمة الملفات التي بحثت بين المالكي ورئيس الجمهورية السوري بشار الأسد خلال زيارته الأخيرة» رافضا الكشف عن المزيد. من جانبه قال المتحدث باسم الحكومة العراقية علي الدباغ «أبلغنا الجانب السوري بأننا مستعدون لعقد اتفاقية استراتيجية معكم لكن بشرط تسليم المجرمين وطرد المنظمات الإرهابية من أراضيكم، لكنهم رفضوا». وأكد الدباغ لـ«الشرق الأوسط» أن «الدولة العراقية لا تقايض حياة ودماء مواطنيها بعلاقة مع أي بلد وبالخصوص سورية، وحياة مواطنينا ودماؤهم أهم من أي علاقة مع أي بلد آخر، وبالتالي الآن الدولة العراقية وبعد الذي حدث لن تتهاون في وضع العلاقات في الإطار الذي يجب أن تكون فيه، ونتحرك تحركا دوليا من اجل أن يدرك العالم أن هناك جرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة تنطلق من بعض دول المنطقة ويجب أن يكون هناك جهد دولي يعين العراق على وقف هذا النوع من الجرائم التي تنطلق من هذه الدولة». وقال «الآن وصلت علاقتنا إلى نقطة التمايز والتفاضل وعلى الحكومة السورية أن تختار إما بين أن تكون على علاقة طيبة مع العراق أو أن تحتفظ بأشخاص يعادون الشعب العراقي». وبشأن الاتفاقية الأمنية بين البلدين، قال الدباغ «لدينا اتفاق أمني مع سورية عبر اجتماعات واتفاقية وزراء داخلية العرب لتسليم وتبادل المجرمين، حتى أن هناك مطلوبين من الإنتربول لكن سورية ترفض تسليمهم، وهناك إرهابيون متهمون بجرائم الإرهاب موجودون على الأراضي السورية لكن الأخيرة ترفض تسليمهم أيضا».

وبشأن وجود قوائم تحمل أسماء محددة تطالب الحكومة العراقية بهم الجانب السوري، قال الدباغ «بالتأكيد، هناك قوائم تحمل أسماء مطلوبين أعطيت للجانب السوري، والآن لن نقبل بغير أن يتم تسليم هؤلاء المتهمين بجرائم الإرهاب وطرد المنظمات التي تعمل ضد العراق ولن نقبل بأقل من ذلك».

وكان المالكي قد دعا أول من أمس، في كلمة خلال توزيع تعويضات فورية على العوائل المتضررة من التفجير، المسؤولين السوريين إلى طرد من دعاهم بـ«الفئة المجرمة». مضيفا «لقد كشفت اعترافات الذين قاموا بهذا العمل الإرهابي، أن هذه العملية ليست من نتاجات محلية، إنما قامت بها دول، مضيفا في الوقت ذاته، التأكيد أن من قام بالتفجير «هو حزب البعث وتنظيم القاعدة الذي شاركه في الجريمة». وانتقد المالكي جهات لم يسمها قال إنها استغلت التفجير، موضحا بالقول «عتبنا ليس على هؤلاء المجرمين، وإنما على من استغل هذه الجريمة وجعلها فرصة لتصفية الحسابات». إلى ذلك، قالت جامعة الدول العربية أمس إن أمينها العام عمرو موسى يجري اتصالات مع كل من دمشق وبغداد من أجل احتواء التوتر بين البلدين. وطالب موسى في بيان صحافي أمس بتكثيف الحوار والاتصالات الهادئة بين العاصمتين الشقيقتين توخيا لحسن إدارة الأمور وتحقيقا للتعاون ومنعا للتصعيد حماية للعلاقات بين البلدين ومصالحهما. وقال موسى إنه يتابع عن كثب التطورات والاتصالات العراقية السورية في هذا الموضوع، مؤكدا أن الجامعة العربية ستظل مستعدة للمساهمة في عملية تفاهم وتواصل تصب في مصلحة العلاقات بين العراق وسورية بصفة خاصة والعلاقات العربية بشكل عام.

وفي واشنطن قالت مسؤولة في الخارجية الأميركية في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن العلاقات العراقية ـ السورية «تعتبر مؤشرا هاما للولايات المتحدة في سياسة الانفتاح التي تتبعها إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما تجاه دمشق». وقد ذكر مسؤولون أميركيون مرات عدة أن تعامل سورية مع العراق ومدى تعاونها على الصعيد الأمني جزء أساسي من الحوار الأميركي مع سورية ويعتبر مؤشرا مهما على استعداد سورية لـ«لعب دور إيجابي» في المنطقة. وأكدت المسؤولة هذا الموقف مجددا أمس، قائلة إن «الحوار مع سورية والعراق حول مصادر القلق الأمني المتعلق بحدودهما المشتركة يمثل خطوة مهمة من التزام الرئيس لتواصل مبدئي مع سورية ومواصلة التنسيق الوثيق مع العراق». وامتنعت عن الخوض في قرار العراق وسورية سحب سفيريهما والمطالبة العراقية من سورية بتسليم عناصر مشتبه بضلوعهم في التخطيط للتفجير الدامي الذي هز بغداد. واكتفت بالقول: «منذ عام 2003، نشعر بقلق في ما يخص قضية المقاتلين الأجانب الذين يدخلون العراق ونسعى إلى معالجة هذا التحدي من خلال التعاون والحوار»، مضيفة: «هذه خطوة مهمة في معالجة القضية من خلال التعاون والحوار بين الحكومتين العراقية والسورية». ومن غير المعلوم إذا كان سحب السفراء سيعني انتهاء الحوار العراقي ـ الأميركي ـ السوري حول أمن الحدود، وهو ما قد بدأ الأسبوع الماضي بعد زيارة وفد أمني دبلوماسي أميركي إلى دمشق. وأوضحت الناطقة: «نحن نتشاور بشكل فعال مع المسؤولين السوريين والعراقيين حول كيفية المضي قدما في تطبيق التعاون الثلاثي».