«مؤسسة النقد السعودي» تؤكد رسميا سلامة النظام البنكي من تعثر مجموعتي سعد والقصيبي

الجاسر يلمح بانخفاض أرباح الربع الحالي ويكشف عن نمو الإقراض.. وأكدآمال بلاده بعودة الإمارات وعمان إلى مشروع الوحدة النقدية

الدكتور محمد الجاسر محافظ مؤسسة النقد السعودية يطمئن على وضع النظام المصرفي («الشرق الأوسط»)
TT

أكدت مؤسسة النقد العربي السعودي ـ البنك المركزي ـ سلامة النظام البنكي لديها من تعثر مجموعتي سعد والقصيبي السعوديتين في تصريحات رسمية تطرح لأول مرة حيال إشكالية ديون المجموعتين وعلاقتهما بالبنوك السعودية.

وقال الدكتور محمد الجاسر محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي في تصريحات أطلقها، أمس، أن «ساما» لا ترى أي مخاطر تهدد النظام المصرفي بسبب مجموعتي سعد والقصيبي. مفيدا أن البنك شكل لجنة لدراسة أوضاع المجموعتين المتعثرتين واتخاذ ما يلزم من إجراءات.

وأفاد الجاسر أن الدولة اتخذت جميع الإجراءات الملائمة بتشكيل لجنة عليا لمتابعة الوضع ولا تزال تواصل عملها، وترفع بجميع الدراسات والتقارير حيالها، إلا أنه لا توجد مخاطر تهدد النظام المصرفي جراء ديون المجموعتين.

ولم يستبعد الجاسر في مؤتمر صحافي عقد بمقر مؤسسة النقد في العاصمة الرياض، أمس، أن يكون هناك تأثيرات على ربحية البنوك، مضيفا أن الحكومة ماضية في دراسة المجموعتين واتخاذ الإجراء المناسب.

وكان الجاسر حضر بصحبة الدكتور إبراهيم العساف وزير المالية لتسليم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بمدينة جدة، أول من أمس، التقرير السنوي الخامس والأربعين لمؤسسة النقد العربي السعودي الذي تضمن نمو الاقتصاد الوطني خلال العام الماضي وزيادة الناتج المحلي الإجمالي وتعزز دور القطاع الخاص.

ولفت الجاسر إلى أن البنوك السعودية لديها احتياطات عالية وقاعدة رأسمالية تدعمها لمجابهة أي ظرف، بيد أنه توقع انخفاضا في الأرباح بشكل طفيف لن يضر بسلامة المصارف أو قدرتها على توفير التمويل اللازم.

وأكد الجاسر عدم وجود معلومات في المؤسسة حول شركات عائلية أخرى متعثرة في الوقت الراهن، موضحا في الوقت ذاته أن السرية المصرفية ليست وليدة اليوم في المملكة، إلا أن الأعراف المصرفية تحتم أن يكون هناك مؤشرات وتأكيدات تحسم مسائل كالتعثر والإفلاس.

وبين الجاسر أن دور «مؤسسة النقد» هو ضمان سلامة إدارة العمل المصرفي وضوابط تستدل بها على إدارة الأصول والخصوم، مشددا على مراقبتها بشكل صارم لعدم التعرض للمخاطر في مقدمتها عمليات «ليفريجينغ» وعدم تجاوز نسبة الإقراض على الأصول بمعدل 8 أضعاف في وقت ظهرت الأزمة جراء بلوغها 80 ضعفا في أنظمة بنكية عالمية.

وطمأنت مؤسسة النقد، أمس، على معطيات السياسة النقدية والمالية ووضع السيولة والرقابة في النظام المصرفي السعودي، مؤكدة في الوقت ذاته ببروز بوادر تنامي مؤشرات الإقراض وتواصل معدلات الصرف والسحوبات من الأفراد.

وأفصح محافظ مؤسسة النقد عن تصاعد عمليات الإقراض خلال العام الحالي وتحديدا في يونيو (حزيران) ويوليو (تموز) وفقا لآخر المعلومات لتعود إلى النمو مجددا بعد انعكاسات الأزمة الائتمانية العالمية، مشيرا إلى أن المصارف السعودية لا تواجه أي معوقات في عمليات الإقراض ولديها قاعدة مالية كبيرة، ولكنها تبحث عن الفرص الجيدة.

وأضاف الجاسر أن عمليات الإقراض الهائلة متواصلة في النمو التراكمي منذ عام 2006 وحتى 2008 قبل أن يبدأ في تسجيل انخفاض في النمو مع تداعيات الأزمة وإعادة البنوك والمستثمرين النظر في أصولها وقدراتها المالية، مشيرا إلى أن العام الحالي شهد عودة مجددة لتنامي التمويل، مفيدا أن القطاع الخاص غير النفطي سيظل قريبا من معدل نموه في العام السابق.

وأفاد الجاسر أن البنوك لا تزال تواصل الإقراض والتمويل، بيد أنها تعمل على الاستفادة من الودائع في الإقراض، وبالتالي لا تفضل الدخول في عمليات طويلة الأمد، إلا أن الدولة بنت مدخرات حكومية عالية لتمكنها من الصرف على المشاريع طويلة الأجل.

وأوضح الجاسر أن هناك شبه إجماع من اقتصادات العالم على تجاوز الأزمة، بينما يبقى النقاش عن مرحلة الانتعاش وما هي السياسات النقدية والمالية والرقابية والإشرافية وسط تخوف دولي من التردد في اعتماد سياسات مصرفية مشددة، مفيدا أن العالم يترقب اعتماد السياسات المتفق عليها في اجتماعات واشنطن ولندن.

وأكد الجاسر على مضي بلاده في السياسة النقدية المتعلقة بربط الريال بالدولار إذ استشهد بإجماع مجلس إدارة صندوق النقد الدولي مؤخرا، الذي يضم 54 دولة و124 خبيرا، على نجاح سياسة سعر الصرف في السعودية وأنها كانت الأنسب للاقتصاد السعودي في الوقت.

وحول ملف العملة الخليجية الموحدة، ألمح الجاسر إلى أن السعودية تأمل في انضمام الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان إلى الوحدة النقدية المزمعة لدول الخليج، إذ لفت خلال المؤتمر الصحافي أن بلاده لم تفقد الأمل في عودة الإمارات وعمان للانضمام إلى مشروع الوحدة النقدية.

وأشار الجاسر إلى أنه قد أسيء تفسير الموعد النهائي للوحدة النقدية في عام 2010، وأوضح أن ذلك الموعد يتعلق بتحديد الآليات التي ستساعد على تشكيل الوحدة، مفيدا أن البلدان الأربعة ستمضي قدما في اتخاذ الإجراءات القانونية التي من شأنها أن تسمح بتدشين المجلس النقدي، الأمر الذي قد يحدث عام 2010 لا سيما ما يخص عمل المجلس النقدي واستكمال آليات العمل.

وأضاف المحافظ أن مجلس الوزراء السعودي أقر مؤخرا نظام الوحدة النقدية بين دول مجلس التعاون، ويثبت قناعة المملكة بهذا المشروع لمواطني دول مجلس التعاون، مشيرا في هذا الصدد أن الأمل لا يزال قائما بعودة الإمارات وعمان لمشروع دول الخليج.

وأبان الجاسر أن من المتوقع أن يستمر التراجع في أسعار الإيجارات في السعودية في ظل زيادة المعروض من الوحدات السكنية، موضحا أن الإيجارات قد تنخفض بسبب رد الفعل القوي من جانب قطاع الإنشاء لمواجهة نقص الوحدات.