المتسوقون الصينيون يفوقون الروس والعرب في لندن

تراكم الثروات بين أبناء الطبقة العليا لا يزال قويا

يتوافد متسوقون من الصين على متاجر راقية في حي وست اند في لندن متحدّين الكساد الاقتصادي (رويترز)
TT

يتوافد متسوقون من الصين على متاجر راقية في حي وست اند في لندن متحدّين الكساد الاقتصادي ليتجاوز ما ينفقونه مشتريات أفراد من أسر عربية مالكة ويحلون محل أثرياء روس ويرفعون المعنويات بعد تسعة أشهر من الكساد.

وتفيد بيانات شركات رد الضرائب أن ما ينفقه السائحون الصينيون يزيد على ثلاثة أو أربعة أمثال ما أنفقوه قبل عام في مناطق التسوق الراقية في لندن.

وفي بوند ستريت الذي يشتهر بمتاجر تبيع أزياء كبار مصممي الأزياء والحلي مثل «دي بيرز» و«غراف» تشير بيانات الشركات التي ترتب رد ضريبة المبيعات للسائحين إلى أن المتسوقين الصينيين يتفوقون الآن على كبار المشترين من دول الخليج وروسيا والولايات المتحدة وأثرياء نيجيريا.

وتقول ليليان وانغ (28 عاما) التي تعمل في مصرف في بكين وهي تسير في أكسفورد ستريت (أحد شوارع التسوق الرئيسية في لندن): «نبحث عن سلع عالية الجودة تحمل علامة تجارية. لست شديدة الولع كالآخرين كي اشتري 12 حقيبة يد لوي فيتون. ولكني واثقة بأنها أرخص منها في بكين. كما أن تراجع قيمة الإسترليني ساعد على رخص الأسعار».

وأوضحت وكالة «رويترز» أن برنامج تحفيز اقتصادي قيمته 585 مليار دولار وحجما قياسيا لقروض مقدمة من البنوك المملوكة للدولة من المرجح أن يجعل الصين تسجل هدف النمو الذي وضعته الحكومة وهو ثمانية في المائة هذا العام وهو أعلى معدل في أي اقتصاد كبير.

وعوضا عن ذلك تراجع الطلب على الصادرات ودعم زيادة الدخول التي جعلت من المتسوقين الصينيين، بصفة خاصة الأثرياء، مصدر ربح قوي للعلامات التجارية الفاخرة في أوروبا.

وتقول ليندا يويه من جامعة أكسفورد «لا يزال نمو الدخل.. بصفة خاصة لدى الطبقة العليا وأيضا نتيجة تراكم الثروة.. قويا في الصين».

وتابعت: «لذا ربما يجد الصينيون الأثرياء أن الجنيه الضعيف يجعل بريطانيا مكانا أكثر جاذبية للتسوق».

وانتعش الإسترليني من مستوياته المتدنية في أوائل هذا العام مقابل عملات مثل الدولار واليوان ولكنه لا يزال دون مستوياته في منتصف عام 2008.

وتعاني بريطانيا من كساد منذ الربع الأخير من عام 2008 حين انكمش إجمالي الناتج المحلي بأسرع معدل منذ عام 1980. وأظهر مسح لاتحاد الصناعات البريطاني أن مبيعات التجزئة انخفضت بمعدل أكثر حدة من التوقعات في أغسطس (آب).

ويقول ريتشارد بيركس من مجموعة «مينتل» لأبحاث السوق إنه لن يكون للسائحين من الصين والشرق الأقصى تأثير يذكر على الاقتصاد البريطاني ككل في مثل هذه الظروف.

وأضاف: «سيكون التأثير كبيرا بالنسبة لبعض المتاجر وربما يؤثر بشكل ملموس على مبيعات التجزئة في لندن. ولكن لن يمثل أهمية تذكر للبلد ككل».

وتعكس حقائب التسوق التي تحملها وانغ نمط إنفاق مختلف للزائرين من الصين مقارنة بغيرهم من المتسوقين الأثرياء؛ فقد اشترت حلة لزوجها ثمنها 900 إسترليني (1472 دولارا) وزوجا من الأحذية لنفسها أرخص ثمنا كلفها 50 جنيها إسترلينيا.

وتجتذب العلامات التجارية الباهظة وسلع أرخص على حد سواء الصينيين.

فعلي سبيل المثال وظفت متاجر تجزئة راقية موظفي مبيعات يتحدثون الصينية لمواجهة توافد عملاء صينيين، غير أن الفنادق الفخمة في لندن لم تستفد من هذا السيل بعد على حد قول تشارلز وانغ من «ترافكو» للرحلات السياحية.

ويضيف: «ما زلت تجد أن أغلبية المتسوقين الصينيين يقيمون في فنادق أربعة نجوم في لندن، ولكنهم في الوقت نفسه ينفقون بسهولة آلاف وآلاف الجنيهات الإسترلينية على علامات تجارية مثل لوي فيتون وجوتشي وأرماني وبربيري».

وثمة دلائل على إقبال صيني قوي على الأدوات الرياضية والأثاث.

ولكن يبدو أن سلعا معينة تتمتع بجاذبية عالمية، ويقول برونو باربا المتحدث باسم متجر «سلفريدجيز»: «يشترك جميع العملاء من الصين والشرق الأوسط في غرامهم بالإكسسوارات الباهظة، سواء كانت حقائب يد وحلي راقية أو ساعات».

وارتفع الطلب على المجوهرات في الصين ثاني أكبر مستهلك للذهب في العالم بنسبة ستة في المائة في الربع الثاني من عام 2009 مقارنة بما كان عليه قبل عام ومقابل تراجع 31 في المائة في الهند وتسعة في المائة للطلب العالمي على الذهب.

وذكر باربا أن العملاء الصينيين يأتون ضمن أكبر خمس مجموعات من حيث الإنفاق بغض النظر عن الموسم. والاتجاه أكثر وضوحا في أماكن أخرى.

وأوردت شركة «غلوبل ريفند» التي تقوم بترتيب رد ضريبة المبيعات للسائحين زيادة بنسبة 164 في المائة في مبيعات لعملاء صينيين في بوند ستريت في أول سبعة أشهر من عام 2009 مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.

وانخفض إنفاق الروس بنسبة 27 في المائة. ويبلغ متوسط قيمة مشتريات الروسي 1295 جنيها إسترلينيا، وهو لا يزال أعلى من الإنفاق المعتاد للمتسوق الصيني عند 972 جنيها إسترلينيا.

وقال نيجل داسلر نائب رئيس المبيعات في بريطانيا في «غلوبل ريفند»: «على الرغم من التراجع، فإننا نتوقع أن يستمر اتجاه نمو إنفاق الصينيين حتى نهاية عام 2009. إن 70 في المائة من إنفاقهم السياحي على التسوق».

وتشير أرقام مماثلة من شركة «بريمير تاكس فري» أن حجم مشتريات متسوقين صينيين قامت الشركة بترتيب رد ضريبة المبيعات المستحقة عليها ارتفع إلى 3.9 مليون إسترليني في بوند ستريت في أول سبعة أشهر من العام الحالي من أقل من مليون إسترليني قبل عام.

ويتجاوز هذا رقم إجمالي مشتريات سائحين من الكويت وقطر والسعودية والإمارات التي بلغت 3.1 مليون إسترليني ومشتريات سائحين من الولايات المتحدة بلغت 8.1 مليون إسترليني ومن نيجيريا 1.7 مليون إسترليني.

وانخفضت مشتريات السائحين الروس الذين احتلوا مقدمة القائمة في العام الماضي إلى 1.7 مليون إسترليني من 9.1 مليون إسترليني في أول سبعة أشهر من عام 2008.

ولكن من غير المؤكد أن يعود السائحون الصينيون على غرار ما يفعله زائرون أثرياء يأتون كل عام بغض النظر عن أسعار الصرف.

وزيارة لندن عادة سنوية لكثير من أثرياء الخليج ومن بينهم الصحافي الكويتي محمد خالد. ويقول وهو يحتسي القهوة في شارع ايدجوير بالقرب من عدد كبير من أشهر المتاجر في لندن إنه زار بريطانيا على مدار السنوات العشر الماضية للتسوق وهربا من حرارة الجو الشديدة. ويقول: «آتي إلى هنا كل عام. يعشق الكويتيون لندن بكل تأكيد».