الصين تحكم قبضتها على المعادن النادرة وتقيد تصديرها

بكين تهيمن على 93% من إنتاج عناصر الأرض النادرة وتزعج الشركات الغربية

TT

من المقرر أن تحكم الصين قبضتها على السوق بالنسبة لأكثر المعادن النادرة الثمينة في العالم.

وتحتفظ الصين حاليا بحوالي 93 في المائة من إنتاج ما يسمى بعناصر الأرض النادرة، وما يزيد على 99 في المائة من إنتاج عنصرين منها، وهي مهمة من أجل عدد كبير من الصناعات التكنولوجية صديقة البيئة والتطبيقات العسكرية مثل الصواريخ.

ولاحظ دينغ شياوبينغ نائب مدير معهد باوتو أبحاث المعادن الأرضية النادرة المتصل بالحكومة أن الشرق الأوسط يملك البترول، ولكن الصين تملك عناصر أرضية نادرة. وكما فعلت منظمة الدول المصدرة للبترول، بدأت الصين تفرض قوتها. وتضمن القيود الصارمة على الإنتاج والصادرات، في جزء من خطة وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات، أن الصين تمتلك إمدادات تلبي احتياجاتها التكنولوجية والاقتصادية الخاصة، وتجبر المزيد من المصنعين على نقل صناعاتهم إلى الصين من أجل الوصول إلى المعادن.

وفي كل من الأعوام الثلاثة الماضية، قللت الصين من كمية المعادن النادرة التي يمكن تصديرها. وتأتي حصة التصدير في العام الحالي لتصبح أقل كمية مصدرة حتى الآن. ولكن الأمر الذي بدأ يزعج الحكومات الغربية والشركات متعددة الجنسيات بالفعل على حد سواء هو إمكانية فرض المزيد من القيود على الصادرات.

ومن المؤكد أن المسؤولين الصينيين سيواجهون ضغوطا من أجل تناول تلك القضية في مؤتمر يعقد يوم الخميس في بكين. فما سيقولونه قد يؤثر على ما إذا كان المشرعون الأستراليون في الأسبوع المقبل سيوافقون على صفقة مع شركة صينية للاستحواذ على حصة الأغلبية في منجم رئيسي للمعادن الأرضية النادرة.

وقد زادت التوترات بالفعل نتيجة لاعتقال مديرين في شركة ريو تينتو البريطانية الأسترالية العملاقة في مجال التعدين. وصاغت وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات الصينية خطة تستمر ستة أعوام لإنتاج المعادن النادرة، وقدمتها إلى مجلس الدولة، وهو ما يوازي مجلس الوزراء، وفقا لما صرح به أربعة مسؤولين في صناعة التعدين والذين ناقشوا الخطة مع مسؤولين صينيين. وتسربت بعض التفاصيل في الخطة، بعضها متناقض، ولكن يبدو أنها تقترح فرض المزيد من القيود الصارمة على الصادرات، والمزيد من الضوابط المشددة على المناجم المضرة بالبيئة.

ويجبر مسؤولو بكين شركات الصناعة العالمية على نقل المصانع إلى الصين بالحد من كمية المعادن النادرة المتوفرة خارج الصين. ويقول تشانغ بيشين، نائب مدير معهد باوتو أبحاث المعادن الأرضية النادرة المتصل بالحكومة: «سيصبح استخدام المعادن النادرة في الصين أكبر بكثير من الصادرات».

وتستخرج بعض من المعادن المهمة من أجل الصناعات التكنولوجية صديقة البيئة باستخدام وسائل تلحق أضرارا خطيرة بالبيئة المحلية. وتسود الصين الإنتاج العالمي من المعادن الأرضية النادرة إلى حد ما بسبب استعدادها حتى الآن لتحمل أعمال التعدين التي تسبب تلوثا شديدا ولقلة التكلفة.

ولم تجب الوزارة على طلبات متكررة للتعليق في الأيام الثمانية الماضية. ومن المقرر أن يتحدث جيا ينسونغ، المدير العام في الوزارة، عن نوايا الصين يوم الخميس في مؤتمر المعادن الثانوية والمعادن الأرضية النادرة 2009 في بكين. وحتى فصل الربيع الماضي، بدا أن قبضة الصين على إنتاج المعادن النادرة قد تضعف في الأعوام الثلاثة المقبلة، حيث كان من المقرر افتتاح منجمين أستراليين يبلغ إنتاجهما معا ربع الإنتاج العالمي.

واستطاعت شركات تعدين تملكها الحكومة الصينية في الربيع الماضي جمع المال اللازم لإنهاء إنشاء المنجمين ومصانع المعالجة التي تملكها الشركتان. ووصلت الشركات الصينية إلى صفقتين لشراء 51.7 في المائة من ليناس و25 في المائة من أرافورا.

وقد وافق المشرعون الأستراليون بالفعل على صفقة أرافورا، التي تنتظر حاليا الموافقة النهائية من حاملي الأسهم في 17 سبتمبر (أيلول). وأجل المشرعون اتخاذ قرار بشأن ليناس مرتين، ويحل الموعد النهائي لاتخاذ القرار يوم الاثنين المقبل.

وقال ماثيو جيمس، نائب الرئيس التنفيذي في ليناس، إن الشركة المنتظر أن تستحوذ على ليناس وافقت على عدم إدارة الأعمال اليومية للشركة، ولكن سيكون لها أربعة مقاعد في مجلس الإدارة.

وقد نتج عن توقعات فرض قيود صينية زيادة في أسعار أسهم بعض المنتجين غير الصينيين المتاحة للتداول في الأسبوعين الماضيين. وبالإضافة إلى المنجمين الأستراليين، تحاول شركة أفالون للمعادن النادرة في تورونتو افتتاح منجم في شمال غرب كندا، وتحاول شركة موليكورب مينرالز إعادة فتح منجم في ماونتن باس في كاليفورنيا. وكانت شركة يونوكال تملك منجم ماونتن باس، الذي توقفت عمليات التعدين فيه في عام 2002، بسبب ضعف الطلب والتأخير في المراجعة البيئية. وقد استحوذت شركة كنوك الصينية المملوكة للدولة على المنجم تقريبا في عام 2005 في عرضها غير الناجح لشراء يونوكال، التي اشترتها بدلا منها شركة شيفرون. وحاول مشترون صينيون إقناع شيفرون ببيع المنجم لهم في عام 2007، ولكن باعته شيفرون إلى شركة موليكورب مينرالز الأميركية الخاصة.

وينتج منجم واحد في باوتو، في منطقة منغوليا الداخلية في الصين، نصف المعادن النادرة في العالم. ويأتي معظم النسبة الباقية، وخاصة بعض من المعادن النادرة الأكثر ضرورة من أجل منتجات من توربينات الرياح إلى سياراتبريوس، من مناجم صغيرة كثير منها غير مرخصة في جنوب الصين.

وتنتج الصين ما يزيد على 99 في المائة من الديسبروسيوم والتيربيوم، و95 في المائة من النيوديميوم. وتعد تلك المواد ضرورية من أجل العديد من الصناعات التكنولوجية ذات الطاقة الصديقة للبيئة، ومنها المغناطيس الخفيف القوي المستخدم في توربينات الرياح، وأيضا بعض التطبيقات العسكرية.

ومن أجل الوصول إلى المواد، يضخ حامض قوي في ثقوب، حيث يذيب بعضا من المعادن النادرة تحت الأرض، ثم يتم ضخ المادة الذائبة في مستنقعات صناعية ذات سدود، وفقا لخبراء في مجال التعدين.

وقد لعبت شركة جنرال موتورز والقوات الجوية الأميركية أدوارا رئيسة في تطوير مغناطيس المعادن النادرة. وما زال ذلك المغناطيس يستخدم في المحركات الكهربائية التي تتحكم في مراوح الإرشاد الموجود على جانبي الصواريخ، كما أوضح جاك ليفتون، الكيميائي الذي ساعد على صناعة بعض من المغناطيس في البداية. ولكن يزداد الطلب حاليا بسبب توربينات الرياح والسيارات الهجين.

* خدمة «نيويورك تايمز»