صنعاء: هناك دعم إيراني لوجستي للمتمردين في صعدة

هجوم بري واسع للجيش اليمني والسلطات تصف مبادرة الحوثيين بالبائسة

TT

شهدت محافظة صعدة اليمنية أمس أعنف قصف جوي ومدفعي منذ اندلاع الحرب السادسة بين الجيش اليمني والمتمردين الحوثيين، قبل ثلاثة أسابيع، في وقت أفاد شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» بوقوع اشتباكات ضارية بين قوات برية ومسلحين حوثيين في منطقة بني معاذ، بالقرب من مدينة صعدة. وفي مديرية حرف سفيان تحدثت مصادر محلية عن شن الجيش لهجوم بري واسع النطاق على معاقل الحوثيين من أكثر من اتجاه. وقالت المصادر إن الهجوم الحكومي أسفر عن سقوط عشرات القتلى والجرحى في أوساط المتمردين الحوثيين.

ورفضت السلطات اليمنية أمس المبادرة التي تقدم بها الحوثيون مساء أمس الأول والتي تقضي بوقف تام لإطلاق النار من جانب واحد. وطالبت الحكومة اليمنية الحوثيين بالالتزام بالنقاط الست التي أعلنتها اللجنة الأمنية العليا قبل ثلاثة أسابيع واشترطت لوقف الحرب الالتزام بها.

وقال وزير الإعلام الناطق باسم الحكومة اليمنية حسن أحمد اللوزي، إن مبادرة الحوثيين «تنم عن البؤس وتهدف إلى مخاطبة الخارج»، وجدد اللوزي اتهام إيران بدعم المتمردين الحوثيين وقال في مؤتمره الصحافي الأسبوعي أمس إن هناك دعما لوجستيا إيرانيا للمتمردين.

وقال مصدر في اللجنة الأمنية العليا إن المبادرة لم تأتِ بأي جديد وإن هناك نقاطا ستا سبق أن أعلنتها اللجنة الأمنية وإن على «تلك العناصر الالتزام بها دون أي انتقائية وإثبات حسن نيتها في الجنوح للسلم من خلال إيقاف الأعمال التخريبية كافة والتقطع في الطرقات والاعتداءات ضد المواطنين وأفراد القوات المسلحة والأمن وإزالة المتفجرات التي قامت بزرعها لإعاقة حركة السير في الطرقات».

وكان عبد الملك الحوثي، القائد الميداني للحوثيين أعلن مبادرة جاء فيها أنه «حرصا منا على استقرار الوضع وتهدئة الأجواء، ومن أجل حقن الدماء واستتباب الأمن وعودة النازحين والمتضررين من الحرب إلى بيوتهم وقراهم نقدم مبادرة لإيقاف الحرب ونعلن عنها على أن يتم فتح الطرقات ورفع المظاهر المسلحة وعودة الأمور إلى ما كانت عليه، ونضع هذه المبادرة من جانبنا طور التنفيذ منذ إعلانها».

وأضاف: «كما نذكر أن نجاح هذه المبادرة التي نعتبرها فوق كل الخلافات لمعالجات حقيقية لأوضاع متفاقمة يكون نجاحها بمدى التجاوب من قِبل السلطة، وذلك بإعلانها وقف الحرب وتطبيق ذلك على أرض الواقع.. وستكون هذه الخطوة هي لمصلحة شعبها لما فيه من خير للبلد من أجل أمنه واستقراره».

وطالبت اللجنة الأمنية الحوثيين بالالتزام بالشروط الستة التي وضعتها لوقف الحرب والتي تنص على: «الانسحاب من جميع مديريات وفتح الطرقات وجعلها آمنة، والنزول من الجبال والمواقع المتمترسين فيها، وتسليم المعدات التي قامت العناصر التخريبية بالسطو عليها، والكشف عن مصير المختطَفين الأجانب الستة. وحيث إن المعلومات تؤكد أن عناصر التخريب والتمرد وراء عملية الاختطاف، تسلم المختطفين من أبناء محافظة صعدة وغيرهم وعدم التدخل في شؤون السلطة المحلية بأي شكل من الأشكال».

إلى ذلك نفى مصدر عسكري يمني ما وصفه بـ« مزاعم عناصر التخريب والتمرد الخارجة على النظام والقانون» والتي تحدثت عن سقوط اللواء 105 في أيديهم واحتلال مواقعه والاستيلاء على أسلحته وذخائره، واعتبر المصدر العسكري حديث الحوثيين عن تحقيق هذا التقدم العسكري الكبير «فبركات إعلامية ليس إلا, للتغطية على هزائم عناصر التمرد في أكثر من منطقة وموقع بمحافظة صعدة وحرف سفيان بعد أن لقنهم أبطال القوات المسلحة الشجعان المرابطون في خنادق الشرف والواجب دروسا لن ينسوها». وذكر المصدر أن وحدات القوات المسلحة والأمن تواصل «مطاردة فلول عناصر التمرد والإرهاب في منطقة محضة، موضحا أنه تم تطهير مزارع الحسيني والكبرى العنقرة التي كانت تتمترس فيها عناصر التخريب والإرهاب وتكبيد تلك العناصر التخريبية خسائر كبيرة».

وفي سياق الاتهامات التي توجهها السلطات اليمنية للحوثيين، ذكر مصدر محلي أن «العناصر الإرهابية هددت أهالي قرية الطويلة القريبة من موقع وبار بالانضمام إلى صفوفها أو الخروج من القرية لتدميرها ونهب ممتلكات المواطنين فيها»، وأضاف أن «عصابات الحوثي التخريبية تواصل أعمال التقطع في الطرقات ونهب ما بحوزة المواطنين من سيارات وأموال ومواد غذائية»، وكذا قيام «عناصر التمرد والتخريب بمهاجمة عدة قرى في كدم والدقة وعصيدان والعشمية ووادي العين والزهرية ونهبت ممتلكات المواطنين».

على صعيد متصل بالحرب أيضا، أعربت منظمة هيومان رايتس ووتش عن قلقها البالغ جراء الأوضاع الإنسانية المتدهورة في شمال اليمن جراء الحرب. واتهمت المنظمة في بيان صادر عنها، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، السلطات اليمنية بإعاقة «دخول منظمات المساعدات الإنسانية إلى مناطق النزاع، مما أدى إلى القصور في الأدوية والأغذية وغيرها من المساعدات الإنسانية، وكذلك عدم توفر المعلومات الموثوقة عن أثر القتال على السكان المدنيين»، وذلك تحت ذريعة المخاوف الأمنية.

وذكر البيان أن معدلات الوفيات والإصابات في صفوف المدنيين غير معروفة، مشيرة إلى أن القانون الإنساني الدولي وما يتعلق منه بقوانين الحرب، يتطلب من أطراف القتال في كل الأوقات أن تميز بين المقاتلين والمدنيين، وأن توجّه الهجمات إلى المقاتلين فقط، أو الأهداف العسكرية المشروعة. وتحظر قوانين الحرب الهجمات التي تصيب المدنيين عن عمد أو بشكل عشوائي بالضرر. والأعيان المدنية، مثل المنازل والمدارس ودور العبادة، محمية بدورها من الهجمات، ما لم يتم استخدامها في أغراض عسكرية. وعلى أطراف القتال أيضا أن تسمح بالمساعدات الإنسانية وتضمن أن أي قيود مفروضة عليها هي قيود مؤقتة ومطلوبة للضرورة العسكرية القصوى».