عمار الحكيم.. سياسي «الوراثة»

أعداؤه يتهمونه بـ«استغلال» نفوذ والده

TT

عندما غادر عمار الحكيم، النجل الأكبر لزعيم المجلس الأعلى الإسلامي، مدينته النجف، مكرها، مع والده عبد العزيز الحكيم وبقية أفراد عائلته، هربا من بطش نظام صدام حسين عام 1979، كانت ذاكرته قد احتفظت جيدا بصور الحياة في مدينته النجف التي ولد فيها عام 1971، وبمشاهد مساجدها، خاصة ضريح الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ومكتباتها وأزقتها وأسواقها، وكانت هذه الصور والمشاهد تنبض في ذاكرته وتبعث حية وهو في غربته في إيران. كما حافظ بقوة على سلامة ونقاء لغته الأم، العربية، بل وبلهجته النجفية، لغة ولهجة، خالصة لا تشوبها أي مفردة فارسية على الإطلاق.

عمار الحكيم كان يدرك جيدا أن هذه الصور والمشاهد المختزنة في الذاكرة الفتية، واللغة العربية بلهجتها المحلية لمدينته هما مفتاحا باب العودة إلى وطنه ومدينته وأهله، فهو ما نسى يوما، أو تناسى، أنه سيعود إلى العراق، ويكمل دراسته الحوزوية في دور العلم بمدينة النجف، بل كان يغذي ذلك الأمل بقوة وبلا تردد، كما أنه كان يتابع بدقة أخبار بلده ويديم الاتصالات مع ناسه في الداخل.

وكان على عمار الحكيم أن يجمع بين العلوم الفقهية ويتقدم بها، من جهة، وأن يتقن العمل السياسي على يدي عمه ووالده، مؤسسا المجلس الأعلى للثورة الإسلامية (قبل أن يتغير اسم التنظيم إلى المجلس الأعلى الإسلامي)، فهو سياسي بالوراثة.

وحسب سيرته الذاتية، فإنه «أكمل دراسته الأكاديمية، ودرس المعارف الإسلامية (الفقه والأصول وعلم الرجال والفلسفة والمنطق والتفسير)، حتى تجاوز مرحلة المقدمات ثم السطوح ثم شرع في دراسة السطوح العليا التي تعد أعلى المراحل العلمية في الحوزات العلمية للمذهب الجعفري، وتلقى فيها الدروس على يد عمه محمد باقر الحكيم، وكبار المراجع الشيعة في العالم الذين يتخذون من قم مقرا لهم».

يتمتع عمار الحكيم بتنوع ثقافي واجتماعي منفتح حيث كانت جدته (أم والده) اللبنانية، الأصل حريصة على أن تبقى ذهنية الفتى متنوعة ومنفتحة لكل ما هو ثقافي وإبداعي ضمن حدود الدين الإسلامي، وكان ذلك سببا رئيسيا من أسباب نجاحه في بناء علاقات متوازنة ورصينة مع جميع أطياف المجتمع العراقي، وبجميع مذاهبهم وأديانهم وقومياتهم، ويدل على ذلك حرص قادة وشخصيات سياسية عراقية كردية وسنية، وحتى من غير المسلمين العراقيين، على السفر إلى مدينة النجف وتقديم العزاء لنجل زعيم المجلس الأعلى الإسلامي، عبد العزيز الحكيم الذي توفي الأسبوع الماضي.

وعند عودته إلى العراق مع عائلته عام 2003، انشغل في تنظيم أمور الفتية والشباب من كلا الجنسين، في جميع مناطق العراق، فأسس بعد مقتل عمه محمد باقر الحكيم مؤسسة «شهيد المحراب» التي مقرها الرئيسي في مدينة النجف الأشرف، وهي اليوم أكبر مؤسسة ثقافية على مستوى العراق، حيث لديها أكثر من 80 فرعا ومكتبا في عموم البلد، وتشرف على الكثير من المدارس والمعاهد والمراكز الثقافية والعلمية.

عمار الحكيم، الذي انتخب أمس من قبل قيادة المجلس الأعلى لرئاسة التنظيم الشيعي السياسي، له أنصاره، وفي المقابل له أعداؤه الذين يقولون إنه «أصبح رئيسا للمجلس بالوراثة» ويوجهون له اتهامات حول «ثرائه الواسع»، واستغلاله لنفوذ والده، والمجلس الأعلى، الذي يعد أكبر تنظيم سياسي شيعي عراقي، و«مدعوم بقوة، ماديا ومعنويا من قبل إيران»، وأن «ميول عمار الحكيم لمناصرة إيران أكبر منها لمناصرة العراق»، وأنه «امتلك غالبية من قطع الأراضي السكنية في النجف» التي تعد عقاراتها هي الأغلى عراقيا، و«أنه يسعى لكسب أكبر عدد من الشباب من خلال مؤسسة (شهيد المحراب) للتبليغ الإسلامي»، ليتمتع «بنفوذ وسلطة المال وتأييد الشباب والقوة». عمار الحكيم متزوج من ابنة عمه محمد باقر الحكيم وله خمسة أبناء، أكبرهم أحمد وهو متزوج.