مصادر إيرانية: رسالة ثانية من أوباما لطهران حول الحوار النووي

أسبوعان حاسمان لطهران وواشنطن لمعرفة كيف ستسير الاستراتيجية حيال إيران

TT

وسط ضغوط على إيران لإعلان موعدا لبدء المفاوضات النووية مع الغرب، قالت مصادر إيرانية مطّلعة إن الرئيس الأميركي باراك أوباما أرسل رسالة ثانية إلى القيادة الإيرانية حول الحوار بين طهران وواشنطن. وذكر موقع «تابناك» الإيراني الذي يتبع القائد السابق للحرس الثوري محسن رضائي، أن القيادة الإيرانية تسلمت رسالة ثانية من أوباما حول الحوار مع أميركا. ولم يذكر الموقع، المعروف بمصادره القريبة من صانعي القرار في إيران، تاريخ إرسال الرسالة أو محتواها بدقة. كما لم يذكر الموقع إلى من وُجهت رسالة أوباما، إلى المرشد الأعلى لإيران آية الله على خامنئي أم إلى الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، لكن يرجح أن تكون الرسالة أرسلت إلى المرشد الأعلى لإيران شخصيا لا إلى مكتب الرئيس الإيراني. وكان أوباما قد أرسل قبل الانتخابات الإيرانية بوقت قصير رسالة إلى القيادة الإيرانية حول الحوار المباشر بين أميركا وإيران، ووفقا لموقع «تابناك» فقد ردت طهران على الرسالة الاولى، موضحة موقفها من القضايا في المنطقة والعالم ووجهة نظرها في العلاقات مع أميركا.

ورفض البيت الأبيض التعليق على الرسالة الثانية. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض تومي فيتور لـ«الشرق الأوسط»: «هناك عدة طرق استخدمناها للتواصل مع الإيرانيين. لكننا لا نناقش تفاصيل أو طرق تلك الاتصالات».

وكان لافتا أن القنوات التلفزيونية الإيرانية من بينها «برس تي في» أذاعت خبر رسالة أوباما الثانية، على الرغم من عدم وجود تأكيد رسمي إيراني. وقالت «برس تي في» في تعليقها على الخبر: «خطوة أوباما غير مجدية لأنها تأتي في نفس الوقت الذي تبحث فيه بريطانيا وألمانيا وفرنسا عقوبات جديدة على إيران بسبب برنامجها النووي». وأمام الإدارة الأميركية نحو أسبوعين فاصلين فيما يتعلق بالملف الإيراني، وربما من هذا المنطلق توجهت إدارة أوباما لإرسال الرسالة الثانية للإيرانيين بالرغم من انتقادات واشنطن الشديدة للطريقة التي عومل بها المتظاهرون بعد الانتخابات الإيرانية. ومع أن أحمدي نجاد قال بعد أسابيع من انتخابه إنه سيواصل سياسة متشددة فيما يتعلق بالملف النووي، إلا أن مصدرا إيرانيا مطلعا قال لـ«الشرق الأوسط» إن القيادة الإيرانية شعرت بالقلق الشديد عندما قال أوباما في يوليو (تموز) الماضي إن المباحثات الأميركية ـ الإيرانية المباشرة «ستتجمد» بعض الوقت، وإن دول 5+1 هي التي ستواصل بحث الملف الإيراني، وتوقع المصدر الإيراني أن تقدم كل من طهران وواشنطن خطوات ثانوية للمساعدة في بدء اتصالات ذات معنى.

وهناك سيناريوهان أساسيان متوقعان خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، الأول أن تتفق إيران والدول الغربية على محادثات نووية بجدول زمني محدد، وهذا سيناريو متفائل جدا. أما السيناريو الثاني فهو أن تضع طهران شروطا صعبة للتفاوض أو تساوم كثيرا، مما يفتح الباب لفرض عقوبات جديدة عليها خلال سبتمبر (أيلول)، وهو الموعد الذي حدده أوباما لطهران للرد على الدعوات الغربية للحوار، وهذا سيناريو متشائم وسيعقد الأمور بينهما. وبين هذين السيناريوهين يمكن أن يرضى الطرفان بتقديم إشارات إيجابية للحوار، على أن يبدأ الحوار الفعلي في أكتوبر (تشرين الأول) أو بعد ذلك بقليل. لكن في كل الحالات يريد الأوروبيون أن تجلس إيران على مائدة التفاوض في أقرب فرصة ممكنة، حتى وإن كان ذلك لمناقشة قضايا أقل أهمية من وقف تخصيب اليورانيوم، خصوصا أن طهران لم تجلس مع دول 5+1 منذ أكثر من 9 أشهر الآن.

وقال مصدر أوروبي في لندن قريب من الملف الإيراني إن دول 5+1 لا تريد أن تبدأ اللقاءات مع الإيرانيين خلال اجتماعات الجمعية العامة في نيويورك، بل قبل ذلك، موضحا لـ«الشرق الأوسط»: «كبير المفاوضين الإيرانيين سعيد جليلي هو الشخص المكلف الحوار مع الغرب، وهو قال إن طهران راغبة في الحوار. الأنسب أن يتم هذا خلال الفترة القصيرة المقبلة، لا أن يتم الانتظار على نهاية سبتمبر (أيلول)». ويعتقد أن الرغبة الأوروبية لعقد اجتماع مع الإيرانيين قبل اجتماعات الأمم المتحدة تعود في جانب منها إلى الرغبة في تفادي الحوار المباشر مع أحمدي نجاد الذي سيكون رئيس الوفد الإيراني في اجتماعات الجمعية العامة.

ومع أنه لا يتوقع أن تنخرط واشنطن فورا في أي حوار مباشر منفرد مع إيران، كما هو الحال في سورية، فإن الأسبوعين المقبلين سيكونان أول تطبيق عملي للاستراتيجية الأميركية حيال طهران. ولم تعلن أميركا أفكارا محددة حتى الآن، إلا أن مسوؤلا بالخارجية الأميركية قال سابقا لـ«الشرق الأوسط» إن السياسة حيال إيران «ما زالت تتبلور، وإنها تتأثر بالعوامل المتغيرة داخليا وإقليميا»، وذلك في إشارة إلى أزمة الانتخابات الإيرانية التي أدت إلى تعطل سياسة فتح الأبواب بين طهران وواشنطن بعد 30 عاما من القطيعة. كما أن فريق دنيس روس مسؤول الملف الإيراني في مجلس الأمن القومي الأميركي لم يستقر كليا بعد، فمنذ انتقل روس من الخارجية الأميركية إلى البيت الأبيض لم يتمكن الكثيرون من مساعديه ومستشاريه من الانتقال معه بعد، بانتظار ترتيبات داخلية في مجلس الأمن القومي. ومن بين 4 مساعدين كان من المفترض أن ينتقلوا معه من الخارجية إلى البيت الأبيض لم ينتقل حتى الآن سوى بن فيشمان مساعده الخاص، بينما ما زال اثنان من مستشاري روس وهما ديفيد بام وجمال هلال ينتظران نقلهما إلى مكاتب في مجلس الأمن القومي.