العرب في إسرائيل يقررون الإضراب احتجاجا على تفاقم السياسة العنصرية

هجمة متجددة ضدهم تنعكس في كل مجالات الحياة وتهدد وجودهم في أرضهم

TT

قرر قادة الجماهير العربية في إسرائيل (فلسطينيي 48)، أمس، إعلان إضراب عام في المرافق الاقتصادية والتعليمية، وذلك احتجاجا على سياسة التمييز العنصري التي يتعرض لها المواطنون العرب في كل المجالات التي تديرها حكومة اليمين بقيادة بنيامين نتنياهو وتحرص على تصعيدها في الشهور الأخيرة بشكل خطير.

وسيتم الإضراب في أول أكتوبر (تشرين الأول) القادم، وهذا ليس صدفة، ففي هذا التاريخ يحيي فلسطينيو 48 عادة ذكرى 13 فلسطينيا من أبنائهم قتلوا برصاص الشرطة الإسرائيلية خلال المظاهرات التي جرت في بداية انتفاضة الأقصى عام 2000. ففي حينه خرج الشباب العرب في معظم القرى والمدن العربية في إسرائيل في مظاهرات تضامنية مع فلسطينيي القدس المحتلة، احتجاجا على قتل سبعة مصلين في باحة المسجد الأقصى كانوا يحتجّون على زيارة أرييل شارون الذي كان في حينها زعيم المعارضة، وقمعت الشرطة هذه المظاهرات بقوة السلاح. وكان رئيس الحكومة حينها إيهود باراك، فأعلن عن تشكيل لجنة تحقيق رسمية في أسباب إقدام الشرطة على هذا القتل. وترأس اللجنة القاضي ثيودور أور فأصدر تقريرا أدان فيه القتل وأوصى بمحاكمة بعض القتلة وحذر من سياسة التمييز العنصري المتبعة ضد العرب منذ قيام إسرائيل، وأوصى أيضا بوضع خطة ذات جدول زمني لتحقيق المساواة للعرب. ولكن التقرير وضع على الرف ولم يطبق منه سوى القليل.

وقال رامز جرايسي، رئيس بلدية الناصرة ورئيس اللجنة القطرية لرؤساء البلديات العربية، في ختام اجتماع للجنة المتابعة العليا، أمس، إن العرب يعانون من سياسة التمييز طيلة 61 سنة، ولكن حكومة نتنياهو ومنذ تسلمها السلطة في مارس (آذار) الماضي، تظهر عزمها على تشديد السياسة العنصرية بدلا من سد هوة التمييز. وأوضح محمد زيدان، رئيس لجنة المتابعة العربية، أن الحكومة بدأت في سن مجموعة من القوانين العنصرية التي تزيد من التعقيدات في حياة المواطنين العرب لدرجة باتت تهدد الوجود العربي في الوطن. وإزاء سياسة كهذه لا بد من رد جماهيري يفرض على الحكومة إعادة النظر في سياستها ويوقف المد العنصري الذي تدفع إليه بشكل جارف.

وكان قادة المواطنين العرب قد هددوا في نهاية الأسبوع الماضي بإعلان «العصيان المدني» وإثارة قضاياهم في المؤسسات الدولية المختلفة، ردا على قرار وزير التعليم، جدعون ساعر، إلزام التلاميذ العرب بإنشاد النشيد القومي الإسرائيلي «هتكفا/ الأمل» في طوابير الصباح. واعتبروا هذا القرار عملية صهينة للتعليم العربي وقرروا التصدي لها بكل قوتهم.

وجاء اجتماع لجنة المتابعة أمس من أجل اتخاذ القرارات التنفيذية لهذا التهديد، ولكن الوزير ساعر تراجع عن قراره وادعى، في افتتاح السنة الدراسية في مدينة شفا عمرو، أن الأمر ينطوي على سوء تفاهم وأنه شخصيا لم يعلن أنه يريد إنشاد «هتكفا» في المدارس العربية، بل فقط في المدارس اليهودية.

ورافق ساعر أيضا رئيس الوزراء نتنياهو، فقال إنه يريد تحسين أوضاع المواطنين العرب وتحقيق المساواة لهم وإقامة علاقات ودية معهم. وقال: «نحن نريد السلام مع الأمة العربية بأسرها، ولكن إذا لم نفلح في صنع سلام مع مواطنينا العرب فلن نستطيع الوصول إلى سلام مع أحد». ومع ذلك اجتمع قادة العرب في إسرائيل، أمس، وبحثوا التطورات السياسية تجاههم وقرروا أن تراجع الوزير وتصريحات نتنياهو لا تكفي، وأن الحكومة طرحت على الكنيست عدة مشاريع قوانين تمس المواطنين العرب وانتماءهم القومي، مثل معاقبة المؤسسات التي تحيي ذكرى النكبة الفلسطينية وتمنح امتيازات للمواطنين الذين لا يخدمون في الجيش الإسرائيلي وخصخصة نحو 800 ألف دونم من الأراضي العربية المصادرة. وأشاروا إلى أن الحكومة ترصد ميزانية للتعليم العربي لا تزيد عن 3% من ميزانية التعليم في إسرائيل، علما بأن عدد الطلاب العرب يبلغ 25% من مجموع الطلبة، وأن هناك نقصا في الغرف الدراسية يبلغ نحو 10 آلاف غرفة، فإذا استمرت الوزارة في وتيرة البناء الحالية فإن هذا النقص يحتاج إلى 51 سنة حتى يتم سده. وقال النائب محمد بركة، رئيس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، إن العرب في إسرائيل يشعرون أن الحكومة الحالية تضع خطة لترحيلهم، تبدأ بتصعيد السياسة العنصرية ضدهم وتيئيسهم حتى يرحلوا أو حتى يسهل ترحيلهم. وأكد أن جميع الأحزاب العربية الوطنية تقف في جبهة واحدة ضد هذه السياسة حتى تتغير بشكل ملموس ومحسوس.