طلاب غزة يعانون الاكتظاظ في المدارس ونتائج الحرب الإسرائيلية

70 تلميذا في الفصل ومخاوف من تكرار مجزرة مدرسة «الفاخورة»

TT

بعد عناء شديد نجح عبد الله سويريكي، 29 عاما، في إقناع زوجته تهاني بتسجيل نجلهما البكر محمد، ست سنوات، في مدرسة الفاخورة التابعة لوكالة «الأونروا» للاجئين، التي تبعد بضع عشرات من الأمتار عن منزل العائلة في مخيم جباليا، شمالي قطاع غزة.

وأصرت تهاني في البداية أن يسجل محمد في مدرسة أخرى تبعد عن المنزل بضع مئات من الأمتار، بسبب الانطباع الذي علق بذهنها عن هذه المدرسة التي تعرضت لقصف إسرائيلي خلال الحرب على القطاع، أسفر عن مجزرة قتل فيها ما لا يقل عن 48 شخصا كانوا يتحصنون فيها هربا من القصف. وقال سويريكي لـ«الشرق الأوسط»، في أثناء انتظاره خروج محمد من المدرسة لاصطحابه إلى البيت، إنه على الرغم من قصر المسافة بين المدرسة والبيت، فإن زوجته تصر على أن يصطحب ابنه من وإلى المدرسة أو تقوم هي بهذه المهمة بدلا منه. وأضاف أنه على الرغم من أنه أوضح لزوجته أن الأوضاع هادئة حاليا وأن إمكانية تعرض المدرسة للقصف مجددا تؤول للصفر حاليا، فإنها لم تقبل بتسجيل الطفل في الفاخورة إلا بعد أن وافق على شرطها.

ولم يكن عبد الله الوحيد الذي كان ينتظر عودة أبنائه من المدرسة، فرجال ونساء كثيرين كانوا ينتظرون خروج أبنائهم، خاصة الجدد من طلبة الصف الأول، من المدرسة لاصطحابهم للبيت.

من يتجول في مدرسة جباليا الابتدائية التي تتوسط مخيم جباليا أكبر مخيمات اللاجئين في القطاع، بإمكانه أن يشاهد بوضوح آثار قيام الطائرات الحربية الإسرائيلية بقصف المدرسة بقذائف الفسفور. هناك فصلان حرقا تماما جراء القصف وتم إعادة تأهيلهما لاستقبال الطلاب.

مظاهر المعاناة تشتد بشكل خاص على الطلاب الذين دمرت منازلهم خلال الحرب واضطروا للاستقرار في مناطق بعيدة عن مناطق سكناهم، إذ يضطرون حاليا لقطع مسافات طويلة في رحلة الذهاب والإياب من المدرسة، لا سيما في المناطق الريفية التي لا توجد فيها وسائل النقل بانتظام. فلم يجد أحمد المضيف، الطالب في الصف السابع، الذي كان يقطن في منطقة الشيخ حمودة، شرق بلدة القرارة، التي تعتبر من مناطق التماس في القطاع، بدا من قطع مسافة عشرة كيلومترات في رحلة الذهاب والإياب من المدرسة. فقد دمر الجيش بيت العائلة الذي يقع في محيط المدرسة خلال الحرب، فاضطر أحمد وعائلته إلى الجلاء عن المنطقة والانتقال للعيش في بيت مستأجر في منطقة المحطة، شرق مدينة دير البلح، وسط القطاع. وقال أحمد لـ«الشرق الأوسط» إنه فضل تكبد مشاق رحلة الذهاب للمدرسة يوميا على محاولة الاندماج في مدرسة قريبة من المكان الذي استأجرت فيه عائلته خوفا من عدم الانسجام في المدرسة، لا سيما أنه تربطه علاقات صداقة قوية مع كثير من زملائه في المدرسة.

لكن المشكلات المرتبطة بالعام الدراسي الجديد لا تقتصر على تأثيرات الحرب الأخيرة، بل تتعداها إلى النقص الكبير في عدد المدارس، الأمر الذي أدى إلى زيادة عدد الطلاب في الصف الواحد، إلى جانب أن جميع مدارس القطاع تعمل في الفترتين الصباحية والمسائية من أجل استيعاب الأعداد الكبيرة من الطلاب التي تنضم سنويا لهذه المدارس. وقالت إسراء صالح، 16 عاما، الطالبة في الصف الثاني الثانوي في مدرسة «شهداء المغازي» وسط القطاع لـ«الشرق الأوسط» إن هناك سبعين طالبة في الفصل الواحد، الأمر الذي يجعل قدرة الطالبات على الاستيعاب متدنية، وهو ما يوجب على الطالبات الاعتماد على الاهتمام بالدروس في البيت باستمرار. ويتحدث يوسف إبراهيم وكيل وزارة التربية والتعليم في غزة عن حاجة قطاع غزة لبناء ما يقرب من 25 مدرسة سنويا، مشيرا إلى أنه بسبب الحصار الإسرائيلي المستمر منذ ثلاث سنوات تفاقم العجز في عدد المدارس ليصل إلى 75 مدرسة. وأوضح يوسف أن العجز الإضافي جاء بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة على القطاع، التي دمرت عددا من المدارس وتعرض للأضرار عدد آخر، مستدركا بالقول إن معظم مدارس قطاع غزة أصيبت بأضرار خلال الحرب. وأكد يوسف أن العجز الكبير في عدد المدارس سيؤثر على المستوى التعليمي للطلاب.