دمشق: سنتخذ الإجراءات المناسبة إذا كان هناك قرار عراقي بتخريب العلاقات

الأزمة مع سورية تفجر خلافا بين حكومة المالكي وعادل عبد المهدي نائب رئيس الجمهورية

مسلحون مشتبه فيهم معصوبو الأعين يقتادهم جنود عراقيون في ثكنة ببغداد بعد اعتقالهم في حملة مداهمات أمس (رويترز)
TT

لوحت دمشق باتخاذ ما سمته «الإجراءات المناسبة» في حال تأكد أن هناك «قرارا سياسيا عراقيا بتخريب العلاقات السورية العراقية»، سيما أن «لجوء الحكومة العراقية إلى وسائل الإعلام وتلفيق الأدلة عبر الفضائيات واستدعاء السفير» يدل إلى وجود هكذا قرار. في الوقت نفسه فجرت الأزمة مع سورية خلافات داخل دوائر الحكم في العراق.

ودعت وزارة الخارجية السورية، أمس، رؤساء البعثات الدبلوماسية المعتمدين بدمشق لإطلاعهم على الموقف السوري من الوضع الراهن للعلاقة السورية العراقية في ضوء ما اعتبرته الخارجية السورية «أزمة افتعلتها الحكومة العراقية ضد سورية مؤخرا». وذكر بيان صادر عن الخارجية السورية، أن وزارة الخارجية قالت للسفراء المعتمدين في دمشق إن وزير الخارجية السوري، وليد المعلم، «كان قد أبلغ نظيره العراقي بأن الحرص على العلاقات السورية العراقية يتطلب من العراق تشكيل وفد أمني عراقي يحمل الأدلة والوثائق الحقيقية التي لديه عمن يقف وراء تلك التفجيرات، وإذا ثبتت صحة هذه الادعاءات فإن سورية جاهزة للتعاون وستتخذ الإجراء المناسب». وأضاف البيان أن «الوزير، المعلم، أكد للوزير العراقي أن اللجوء إلى وسائل الإعلام وتلفيق الأدلة عبر الفضائيات واستدعاء السفير سيؤكد وجود قرار سياسي عراقي بتخريب العلاقات السورية العراقية، الأمر الذي يستوجب من سورية، بالمقابل، اتخاذ الإجراءات المناسبة». وفي اللقاء شددت الخارجية السورية على أن «التركيز الآن يجب أن ينصب على حادثة تفجيرات الأربعاء الدامي ومن يقف خلفها، لأن هناك توظيفا واستخداما لها من قبل الحكومة العراقية بهدف ربطها بالمطالبة بتسليم معارضين عراقيين لاجئين في سورية ترفض حكومة رئيس الوزراء، المالكي، إشراكهم في العملية السياسية».

وعن الوساطة الإيرانية والتركية لاحتواء الأزمة بين البلدين أشارت الخارجية إلى أن سورية «رحبت بالدور الإيراني، وكذلك التركي لمنع تدهور العلاقات»، حيث قام وزيرا خارجية البلدين بزيارة إلى بغداد ثم دمشق في مسعى لاحتواء الأزمة بين البلدين، وأضافت الخارجية: «إلا أن إصرار العراقيين على اتهاماتهم من دون أن يقدموا أي أدلة تثبت ادعاءاتهم يجعلها تواصل المطالبة بتقديم تلك الأدلة لكشف حقيقة من يقف وراء تلك التفجيرات، وأن ما يذكره بعض المسؤولين العراقيين من أنهم قدموا لسورية عبر وزير خارجية تركيا ما لديهم من أدلة حول التفجيرات التي وقعت، لا يعبر عن الحقيقة لأن ما قدموه لا يمت بصلة للتفجيرات الأخيرة، وإنما كان موضع مداولات بين سورية والعراق في الماضي». ورغم موقف حكومة المالكي، الذي وصفته الخارجية السورية بـ«الظالم» قالت: «إن سورية ستواصل العمل من أجل ضمان وحدة العراق، أرضا وشعبا، والحفاظ على سيادته واستقلاله وأمنه واستقراره، والسعي لإقامة أفضل العلاقات مع الشعب العراقي الشقيق».

كما فجرت الأزمة خلافا بين الحكومة ونائب رئيس الجمهورية، عادل عبد المهدي، الذي عارض في تصريحات التصعيد مع سورية. وفي هذا السياق، قال صادق الركابي، مستشار رئيس الوزراء، نوري المالكي، للشؤون الأمنية إن «تصريحات بعض المسؤولين محزنة. ففي الوقت الذي يجب على جميع العراقيين أن لا يختلفوا فيما يخص التعرض لدماء العراقيين. هناك بعض المسؤولين يتحدثون عن الدبلوماسية، ما يعد تجاهلا لما قامت به الحكومة». وأضاف: «ما زلنا نسعى ضمن الأطر الدبلوماسية سواء الثنائية أو الثلاثية عبر وسيط أو عبر المجتمع الدولي»، لكنه عاد وأكد: «إننا منذ البداية قلنا وما زلنا حريصين على علاقاتنا سواء مع سورية أو دول الجوار الأخرى، وكل ما نريده ليس التأثير على هذه العلاقة التي نسعى لتطويرها، بل ما نريده تسليم المتهمين بقتل شعبنا»، مؤكدا: «لن نسكت على من قتل أبناءنا، ولن نتهاون بدماء العراقيين، ولن نقبل بعد اليوم التدخلات السافرة بالشأن العراقي».

لكن المكتب الإعلامي لعبد المهدي نفى لـ«الشرق الأوسط» أن يكون نائب رئيس الجمهورية قد برأ البعثيين، مؤكدا «أنه أراد من خلال تصريحاته أن يؤكد أن التصعيد مع سورية لا ينفع البلدين ولا ينفع البلدان المجاورة، وأن حل المسألة يأتي عن طريق الحوار والقنوات الدبلوماسية، لكونه ملفا شائكا لا يحل عن طريق التصريحات الإعلامية»، مضيفا: «إن عبد المهدي أكد أن وجود العناصر البعثية يضر بالوضع العراقي، وأن هذا الملف مسؤولية الدول، من دون استثناء، وعلى الكل التعامل معه بجدية من خلال ضبط الحدود ومنع المتسللين»، وأكد المكتب أن «عبد المهدي أكد خلال حديثه تورط بعض العناصر الإرهابية الذي يعد حزب البعث جزءا منها».

إلى ذلك، أكد علي الموسوي، المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء، لـ«الشرق الأوسط» أن حمل الدول على عدم التدخل بالشأن العراقي «عمل ليس بالبسيط ويحتاج إلى إجماع وطني، ويجب أن لا ينقسم العراقيون جراءه لكي نستطيع أن نضع حدا لهذا التدخل». متسائلا: «هل قتلُ العراقيين عملية يمكن الاختلاف عليها، وهل نستطيع أن ننفي علاقة المجموعات المسلحة الموجودة في سورية بما يحصل بالبلاد، وأن هناك معسكرات تتدرب بها تلك المجموعات، فضلا عن الفضائيات التي تبث من سورية، والتي تحرض على الإرهاب؟».

وكان وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري أعرب أيضا عن دهشته من «التصريحات غير المسؤولة التي تصدر هنا وهناك» مضيفا أنه «يتفق مع عبد المهدي في ما يتعلق بحل الأزمة بالطرق الدبلوماسية.. لكن لا بد من معالجة جذور هذه القضية»، مطالبا «المسؤولين بتوضيح موقفهم من تصريحات الرئيس السوري بشار الأسد، عندما وصف الموقف العراقي بـ«اللا أخلاقي».