هنديات في مهمة استرداد القروض «بالتي هي أحسن»

وكالة «فاسولي» تستخدم 350 سيدة في 10 ولايات لصالح 300 مصرف

TT

عندما تُذكر عبارة «وكلاء استرداد القروض» يتبادر إلى أذهاننا صورة أولئك الأشخاص مفتولي العضلات، قويي البنية ممن يجرون مكالمات تهديدية أو يقومون بزيارة في ساعات غير متوقعة لتهديد المتأخرين عن تسديد الديون. لكن الكثير من البنوك الهندية عمدت إلى تغيير تلك الصورة عبر توظيف عدد من السيدات في مهمة استرداد القروض وإقناع المتخلفين عن السداد بالدفع.

وقد غيرّت وكيلات استرداد القروض من الصورة التي تعمل بها تلك الصناعة، فلم تعد هناك مكالمات مثيرة للمضايقة أو مواجهات للعملاء على إشارات المرور، لكنهن يقمن بوضع خطة وطريقة لاسترداد القروض التي لم تسدد. وكانت المؤسسات المالية في الهند، شأنها في ذلك شأن باقي دول العالم، قد واجهت الكثير من الانتقادات بشأن توظيف وكلاء تحصيل من المجرمين.

تم تطبيق النظام الجديد باستخدام أكثر من 350 سيدة في 10 ولايات هندية للقيام بهذا العمل لصالح أكثر من 300 بنك، وكان من أشهر الأمثلة على نجاح الوكيلات أنه عندما لم يسدد الوزير الأول في ولاية ماذاي باراديش قرضه اتصلت إحداهن بمكتب الوزير وطلبت تحديد موعد معه، وما إن تم تحديد الموعد حتى قابلت الوكيلة الوزير وذكرته بالقرض، وقام الوزير على الفور بالاتصال بمحاسبه وسوى الديون في نفس اليوم. وقد تمت العملية في سهولة دون مماطلة أو أي وسائل إرهاب.

كان استقدام السيدات للعمل في مهمة تحصيل القروض من بنات أفكار باراغ شاه ومانجو بهاتيا اللذين أسسا وكالة «أذيكروت جابتي إيفام فاسولي» التي توظف النساء لاستعادة القروض.

تعمل شركة «فاسولي» ككل الشركات الأخرى على تحصيل القروض المتأخرة من المتهربين من السداد. إنها مهنة شاقة، وقد يرى البعض أنها لا تصلح سوى للرجال الخشنين ذوي الأصوات الغليظة، لكن وكيلات استرداد القروض في «فاسولي» مهذبات ويبتسمن ويتحدثن بقدر بالغ من الاحترام لهذا العمل غير السارّ.

تقول بهاتيا، خريجة كلية الفنون والمديرة المشاركة للشركة والبالغة من العمر 23 عاما: «لقد غيرت (فاسولي) الصورة لوكلاء استرداد القروض، حيث تستقبل النساء باحترام كبير من قبل العملاء، حتى إن المقترضين المتأخرين في السداد لا يجرؤون على سوء التصرف معها أو إيذائها».

يعود الأمر إلى عام 1998 عندما أسس شاه شركة لاسترداد القروض في ولاية إندورا (انضم بهاتيا إلى الشركة عام 2003)، وتقدم مدير فرع بنك دينا في إندورا بسؤاله عما إذا كان بإمكانه المساهمة في تحصيل 10 قروض متأخرة، وهي التي تم تمويلها تحت خطط رعاية حكومية مختلفة. وقد نجح شاه في إنجاز المهمة ثم أسس شركة «أذيكروت جابتي إيفام فاسولي» من شخصين ثم نمت إلى 20 في ستة أشهر، والآن تضم الشركة عدة أفرع في 10 ولايات هندية وتتوسع سريعا بحصول الشركة على 800 طلب يوميا.

لكن كيف يستطيعون الحصول على الفتاة المناسبة للقيام بالعمل؟ تقول بهاتيا: «ليس الأمر سهلا، فالشركة تهتم بدعم والعناية بموظفيها وجذب المزيد من النساء إلى صفوفها».

كانت المحكمة العليا الهندية قد أدانت البنوك لاستعانتها بالمجرمين في استرداد القروض، لكن السيدات العاملات في مجال استرداد القروض يبدو أن المستقبل أفضل بالنسبة لهن مع ازدياد أعداد البنوك التي تطلب خدماتهن.

وتقول ريتشا هاندي، التي تبلغ من العمر 22 عاما وخريجة كلية العلوم، المسؤولة عن ولاية ماذايا باراديش وتشاتيسغار: «المتخلفون عن الدفع غالبا ما يكونون من الرجال، ويشعرون بالحرج لأن يطلبوا من النساء أمرا أو يقدموا إليهن رشوة، لذا يدفعون». وتشير إلى أن الأشخاص يتعجبون عندما يعلمون «أنني أعمل كوكيلة لاستعادة القروض».

وعن طريقة عملهن، تقوم الوكيلة في بادئ الأمر بإرسال إشعار إلى المتخلف عن سداد القرض، وإن لم يستجِب تقوم الوكيلات المسلحات بالوثائق القانونية بإغلاق المنشأة، وأحيانا يتم الاستعانة بأفراد الشرطة، ويتم تصوير جميع مراحل العملية بدءا من إشعار المقترض ووصولا إلى مرحلة المزاد وفق الإرشادات التي حددها قانون سافايست الهندي الصادر عام 2002.

كيف توظف السيدات؟ تطرح إعلانات في الصحف، وكل وكيلات استعادة القروض متعلمات وتتراوح أعمارهن بين 20 و30 عاما، وتجني وكيلة استعادة القروض نحو 10000 روبية شهريا.

وتقول سامتا بهافاسار، البالغة من العمر 26 عاما وقائدة فريق في إندورا: «من الرائع العمل في مهنة كانت حكرا على الرجال فقط»، وإن زوجها كان يقلق عليها في البداية، لكنه الآن يمزح مع أصحابة قائلا إنه إذا أثار أي منهم مشكلة معه فإنه سيستدعي زوجته وفرقتها من وكيلات استرداد القروض.

وقالت مانجو بهاتيا، في معرض حديثها عن العاملين في شركتها، الذين يمثل النساء منهن نسبة 80 في المائة، إن النساء العاملات كوكيلات لاستعادة القروض أزلن الانطباع بأن وكلاء استرداد القروض لا بد أن يكونوا رجالا ذوي قوة عضلية لإرغام المتأخرين عن السداد بدفع القروض. والمبدأ الأساسي لنا هو أن الإقناع أفضل من المقاضاة، ونحن نجعل المتخلفين عن السداد يدركون حجم المشكلات التي قد يواجهونها إن لم يسددوا». ولتقديم بعض الأمثلة الناجحة لعملهم في ولاية شيناي، قالت مانجو: «نجحنا في مصادرة مدارس ومستشفيات بقيمة ملياري روبية».

وقالت بوجا، إحدى وكيلات استعادة القروض: «الوظيفة لا تخلو بالقطع من التمثيل والخطر، وقد كسرت كاميراتنا مرات عدة من قبل أشخاص استأجرتهم الشركات المتخلفة عن سداد الديون».

وبحسب الموقع الإلكتروني لـ«فاسولي»، تتقاضى الشركة من 2 ـ 5 في المائة مقابل الخدمات المتعلقة بضمان وتسهيل ممارسة سلطاتها بموجب قوانين سارفاسي. وبالنسبة لاستعادة الأصول غير العاملة حيث تتقاضى من 5 ـ 15 في المائة حيث تحصل على نسبة أقل لأن البنوك تميل إلى القيام بصفقة صعبة. ويقول شاه: «نحن نعمل مع البنوك المؤممة ومن ثم فإن ميدان عملنا مقصور على مجال عملها، ولذا فإن (فاسولي) تتخصص في استعادة المنازل والشركات الصغيرة والكبيرة وقروض الأعمال. وهي لا تقوم بأعمال استعادة القروض الشخصية أو بطاقات الائتمان وقروض السيارات. وقد حققت الشركة أرباحا صافية تقدر بنحو 4 ملايين روبية في السنة المالية 2008 ـ 2009».

ونظرا لتميزها في استعادة الأصول السيئة، تقوم الشركة بتدريب وكيلات استعادة القروض الطامحات، حيث أقر المعهد الهندي للبنوك والتمويل، المؤسسة التي أقرها البنك الاحتياطي الهندي، بإصدار شهادات لوكيلات استعادة القروض في شركة «فاسولي» كمعهد تدريب معتمد.

وقد وضعت «فاسولي» خطط توسع كبيرة، فيقول شاه: «نود إنشاء فروع في 20 ولاية هندية على الأقل، وأن نزيد من عدد موظفينا إلى 600 خلال العامين القادمين»، وبشأن التمويلات المطلوبة أشار إلى أن الشركة تتطلع لبيع 26 في المائة من أسهمها للمستثمرين. وقال: «إن صندوق أسهم خاصة في الولايات المتحدة طلب شراء 26 في المائة من أسهم الشركة مقابل 4 ملايين دولار، لكن الصفقة فشلت نتيجة لخلافات تجارية. ولو أن الصفقة تمت لكانت (فاسولي) قد وصلت قيمتها الآن إلى 15 مليون دولار».