«فيس بوك» لم يعد قادرا على الحفاظ على ولاء مستخدميه

هجرتهم الموقع الاجتماعي تتعلق بإعلاناته التسويقية وقيود الشركة على حياتهم الشخصية

يشير موقع كوم سكور، إلى أن فيس بوك جذب 78.7 مليون زائر في الولايات المتحدة في شهر يوليو (تموز) لكن برغم استمرار عملية انضمام مستخدمين جدد للموقع فإن أعدادا أخرى في ذات الوقت تغادره، بعضهم بصورة علنية (أ.ب)
TT

الأشياء تتداعى، والمركز لا يستطيع إحكام السيطرة. لعل ذلك هو الوصف الأدق لما يعانيه موقع «فيس بوك» الشهير، إذ لم يعد بمقدور الموقع الاجتماعي الحفاظ على ولاء مستخدميه. وإذا ما سألت المحيطين بك، كما فعلت أنا، فستجد الكثير منهم قد غادروا الموقع. فقد أغلقت إحدى المستخدمات صفحتها على الموقع لأنها تكره الطريقة التطفلية التي يتسم بها الموقع. فيما اعتقدت أخرى أن الأمر بات محبطا. وأعرب ثالث عن خشيته من المتطفلين. واعتقد رابع أن خصوصيته قد انتهكت فيما اختفى خامس دون أن يبدي أي سبب.

بيد أن تلك الهجرة الجماعية لم تكن لتؤثر كثيرا في العدد الإجمالي للموقع ذائع الصيت. فيشير موقع كوم سكور، إلى أن فيس بوك جذب 78.7 مليون زائر في الولايات المتحدة في شهر يوليو (تموز). لكن برغم استمرار عملية انضمام مستخدمين جدد للموقع، فإن أعدادا صغيرة لكنها ملحوظة في ذات الوقت تغادره بعضهم بصورة علنية.

من بين هؤلاء ليف هارمسن، الذي كان أحد مستخدمي فيس بوك السابقين، لكنه يشارك في حملة عنيفة ضده. وقال هارمسن إنه تجاهل نصيحة والدته التي قالت له «إن فيس بوك هو الشيطان»، لكنه بات يوافق على حكمها الآن. ويقول بنبرة تنم عن الجدية، إنه يعتبر فيس بوك نظاما قمعيا أشبه ما يكون بكوريا الشمالية، وقام ببيع قمصان مكتوب عليها «أغلقوا صفحاتكم على فيس بوك». وما أثار سخط هارمسن على وجه الخصوص هو الإعلانات التسويقية وقيود الشركة على الحياة الشخصية والاجتماعية للمستخدمين. ويسعى فيس بوك لأن يكون مقر الشبكة العالمية ـ كي يتنافس مع غوغل، أو بعبارة أخرى تحقيق أرباح من المعلومات التي يجمعها ـ ومن المؤكد أن بعض الأشخاص سينظرون إليه على أنه المسيطر على سوق الإنترنت.

وقال هارمسن في رسالة بريد إلكترونية تنم عن السخط: «كلما سمحنا لأنفسنا أن نصبح أكثر اعتمادا على شيء مثل فيس بوك ـ ويقوم فيس بوك من جانبه ببذل قصارى جهده ليجعلك معتمدا عليه ـ كلما كان بمقدور فيس بوك أن يستغلنا. ولا يصبح الأمر مجرد صفحتك على فيس بوك بل صفحة فيس بوك عنك».

وقد توالت موجات السخط على فيس بوك تباعا، كانت أولها في عام 2008 حيث أبدت مجموعة سخطها على فيس بوك عندما ثارت منازعات حول حقوق نشر برنامج سكريبلوس، عندئذ اتضح فجأة أن فيس بوك لم يكن ناديا اجتماعيا فقط بل قوة متوسعة على الإنترنت تراعي مصالح الشركة. ثم تلا ذلك ازدياد إحباط جماعة أخرى، تلك التي ينتمي إليها هارمسن، في الشتاء الماضي عندما زعم فيس بوك بأحقيته بملكية للمواد التي ينشرها المستخدمون على الموقع. (قام فيس بوك عقب ذلك بتعديل عقد عضويته، لكنه استمر في دمج الإعلانات والملكية الفكرية والحياة الاجتماعية). فيما بدت موجة ثالثة من المنشقين متضايقة أو حزينة.

وقد قالت لي صديقتي أليكس في رسالة بريد إلكتروني، إنها انضمت إلى فيس بوك منذ أربع سنوات بناء على اقتراح «أظرف شاب في العالم»، وإنهم أنشأوا جماعة الكوكب الرائع على الإنترنت، لكن سكريبلوس أغلق بعد ذلك، وأخبرها شخص بعد ذلك إن فيس بوك لا يلائم مرحلتها العمرية. ووجدت أن ابن زوجها المراهق يقضي الكثير من وقته في متابعة الموقع، كما وجدت أن الموقع مليء بالمرتزقة الذين يحاولون بيع الكتب والأفلام. وأضافت: «إذا ما كنت سأضيع وقتي على الإنترنت فليكن في لعب بطولات الطاولة». وأشار صديق آخر لي لا يرغب في ذكر اسمه إلى أنه اكتشف أن فيس بوك قوّض انطباعه عن الصداقة على الإنترنت، فقال: «من السهل الاعتقاد بأن الدائرة المقربة من الأصدقاء دائرة متناغمة وواضحة فتوسع الشبكات يمكن أن يؤثر على الخصوصية، وقال إن النشر الذي يبدو خاصا يمكن أن يتحول إلى حالة شبه عامة».

هذا الصديق لم يكن الوحيد الذي انشق عن الفيس بوك وكان صموتا بشأن بعض العيوب. فيبدو أن العديد قد فقدوا شهيتهم لذلك، حيث لم تعد تتوفر لديهم الرغبة في النظر إلى صور الآخرين أو التحديثات أو أن يخضعوا للتفتيش من قبل أحد. وقد بدا بعض المستخدمين السابقين للموقع حزينين لانفصالهم عن الإنترنت. فقالت لي صديقتي كارولين هارتنغ في رسالة إلكترونية: «كان السبب الرئيس وراء قطيعتي للفيس بوك، هو أنني كنت أضيع الكثير من الوقت أمامه، ولقد شعرت بالانفصال عن أصدقائي على الفيس بوك لأنني نادرا ما أتصل بهم بصورة مباشرة». لكنها تشعر في المقابل وكأنها كانت تطاردهم فقد كانت تمضي الساعات الطوال تنقب في صفحاتهم الخاصة دون أن تحيي أحدا منهم.

ثم تلا ذلك الجزء الأغرب. فكتبت هارتنغ: «بدأ فيس بوك في مطاردتي ففي أحد الأيام طلب مني الرد على دعوة للتصويت على أحد الأفلام التي شاهدتها، وفي المرة التالية التي دخلت فيها على الموقع وجدت رسالة تقول إنها شاركت في التصويت، وقد كان ذلك هو السبب الذي دعاها إلى هجر فيس بوك إذ إنها لا تحب الاطلاع على شؤونها الخاصة».

وقالت جولي كالم، الكاتبة والمداومة للتحديث على الفيس بوك في رسالة إلكترونية: «لقد لاحظت الهجرة الجماعية، وهي أشبه ما يكون بطفل أصابه الملل من لعبة جديدة». وأشارت كالم التي لا تزال تواصل نشر إنتاجها على الفيس بوك رغم تفضيلها تويتر في أغراض العمل الحرفي على الإنترنت: «إن فيس بوك جيد للبحث عن الأصدقاء، لكن ذلك لم يعد أمرا جديدا فالكل متاح الآن. وقد بات فيس منذ عدة أشهر مضت أشبه بالميت».

لكن هل من الممكن أن يصبح فيس بوك مدينة أشباح على الإنترنت تديره مجموعة من المستخدمين مقيدي الحركة، لا يستطيعون إدخال أي تحديثات على صفحاتهم، وسط سطو مجموعات المسوقين على الشبكات الاجتماعية التي تمنوا أن يستفيدوا منها؟ إن كان الأمر كذلك فهو مثير للحزن.

كيفية الدخول: توصيات هذا الأسبوع الهجرة. اكتب «لماذا هجرت» على محرك بحث غوغل وسيخرج لك عدة خيارات منها «لماذا تركت فيس بوك؟» «ولماذا تركت الكنيسة؟» وإذا ما كنت تهدف إلى الخروج من الشبكات الاجتماعية فموقع ويكي هاو يقدم خطوات مفيدة للانفصال العاطفي والعملي منها وموقعه الإلكتروني هو wikihow.com/quit ـ facebook.

سؤال: لن تكون الشخص الأول الذي يبدي استياءه من المتاجرة بحياتك الشخصية. وقد أسهب يورغين هابرمان في تلك الناحية. وكتابه «نظرية العمل الصريح» متاح على موقع AbeBooks.com. وهناك أيضا كتاب آخر رائع عن ذلك بعنوان «شراء الصداقة» لفيفيانا زيليزر. تواصل على الإنترنت: إذا كنت ترغب في التواصل على الإنترنت بصورة مباشرة وجيدة فادخل إلى lexulous.com وإذا ما كنت ترغب في لعب الطاولة فادخل إلى: ItsYourTurn.com

*خدمة «نيويورك تايمز»