الشؤون الإسلامية لـ«الشرق الأوسط»: مساعدة المتسولين حرام.. ومخالفة لولي الأمر

باعتبار أنها تشجع غيرهم.. خاصة خلال شهر رمضان

طفل متسلل يتسول في إحدى استراحات نجران جنوب السعودية («الشرق الأوسط»)
TT

أفتى مسؤول في الشؤون الإسلامية السعودية لـ«الشرق الأوسط»، أن مساعدة المتسولين «حرام» ولا تجوز إلا في حالة واحدة وهي إطعامهم لإنقاذ حياتهم، معتبرا أن مساعدتهم فيها مخالفة لولي الأمر.

يأتي ذلك في وقت تشهد فيه شوارع السعودية ومساجدها، خاصة مع حلول شهر رمضان، آلاف المتسولين الذين تجمعوا من الداخل والخارج لمعرفتهم بحرص السعوديين على تقديم الصدقات والزكوات في رمضان.

وأوضح الشيخ الدكتور صالح الدسيماني، مدير عام فرع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بمنطقة نجران لـ«الشرق الأوسط»، «أن الحكم الشرعي في إعطاء المال للمتسولين حرام، ولا يجوز شرعا، إلا في حالة واحدة فقط، وهي إطعامهم من أجل إنقاذ حياتهم من الهلاك».

وأشار الدسيماني إلى أنه لا يجوز أن يعطى لهم المال، لأنه يساعدهم على البقاء ويشجع غيرهم على التزايد. مضيفا أن إيواءهم غير جائز شرعا، وفيه مخالفة لولي الأمر ومن يخالف ولي الأمر فهو آثم. إلى ذلك ينشط هذه الأيام، من شهر رمضان، مجهولو الهوية في السعودية، خاصة في المدن المتاخمة للحدود الجنوبية، وبقية المدن السعودية الأخرى كالرياض وجدة والشرقية وغيرها.

ففي نجران يسجل المتسللون عبر الأراضي اليمنية إلى السعودية، حضورهم اللافت في أحياء نجران الجنوبية المتاخمة للحدود اليمنية، حيث يكثر وجودهم في المساجد والديوانيات والمنتزهات في محاولة لاستدرار عطف الصائمين، كما يتمادى البعض منهم في اقتحام المنازل وحرمة البيوت مشهرين قوله تعالى «فأما السائل فلا تنهر» للوصول إلى أي مكان وفي أي زمان من دون مضايقة من أحد، وعادة ما يستغلون الأطفال لاستمالة قلوب المحسنين، الذين يجلبونهم من اليمن عن طريق التهريب بواسطة عصابات تتولى أمرهم وتوزيعهم والتنسيق في ما بينهم، وفي نهاية اليوم يجتمعون لتحصيل الأموال التي جمعها الأطفال.

ويستغل بعض ضعاف الأنفس من المتسولين أطفالا لا تربطهم بهم أي صلة قرابة، لا من قريب أو بعيد، وعادة ما يكونون ضحايا لهؤلاء الاستغلاليين، فهم يقومون ببيع الأطفال والمتاجرة بهم أو اختطافهم وتعذيبهم لضمان الاستماع لأوامرهم. ذكر المواطن وحيد الطليلي أن ما يؤرق المجتمع هو انتشار المجهولين بين الأحياء السكنية في ظل غياب أصحاب المنازل، خصوصا في الفترة الصباحية مما يزيد من خطر وجودهم وإشاعة الجريمة.

ويدعى (علوي. ف. ح) أحد المتسللين المتسولين في حي الحمر بنجران، 18 عاما، يرافقه طفل لم يتجاوز الثامنة من العمر يقول إنه أخوه، وقد قدما معاً من اليمن «إن رحلته تبدأ من صعده بركوب حافلة بقيمة 1000 ريال يمني (ما يعادل 20 ريالا سعوديا)، وينزل عند محطة الفرع، وهي محطة مشهورة باجتماع المتسللين قبل رحيلهم عبر الجبال، وتبلغ المسافة بضع ساعات مشيا على الأقدام ومن ثم يتوجهون إلى المنازل لطلب الماء والزاد من مجتمع عاطفي كريم، لا يبخل على المحتاج، وبعدها يبدأ جولته على المساجد والجوامع وعندما يجمع المبلغ المطلوب يعود أدراجه عبر الجبل أو يقوم بتسليم نفسه إلى اقرب دورية لتقوم بترحيله ومتى ما احتاج المال عاد بنفس الطريقة.

إلى ذلك ذكر خالد منصور النهدي، مدير الجمعية الخيرية للخدمات الاجتماعية «جيران» في نجران لـ«الشرق الأوسط»: «إن دور الجمعية يتمثل في تقديم المساعدات والخدمات الاجتماعية لمواطنيها أبناء البلد مع وجود استثناءات تساهم الجمعية من خلالها كدور إنساني»، وبخصوص المتسللين قال النهدي «إن وجودهم غير نظامي وهم بذلك لا يستحقون المساعدة»، مطالبا بحزم أكبر تجاه المتسولين، وذلك بإنشاء مكتب لمكافحة التسول أسوة بالمناطق الأخرى.

وأشار النهدي إلى أن الجمعية تستعد حاليا لصرف الإعانات على المستحقين والبالغ عددهم 1300 أسرة بمدينة نجران، أي ما يقارب 7000 نسمة، وتوزيع كوبونات نقدية تقدر بأكثر من 700 ألف ريال توزع على الأسر، قيمة الكوبون 100 ريال.

إلى ذلك أكد مساعد الناطق الإعلامي بشرطة نجران، الملازم عبد الله محمد العشوي، أن وجودهم من دون إقامة نظامية خطر على البلد، فمن الأضرار التي يتسببون فيها السرقات وإتلاف المال العام، إضافة إلى تشويه المنظر العام، إذ إن وجودهم متسكعين في الأزقة والطرقات مظهر غير حضاري.

وأضاف «هنالك لجنة مكونة من عدة جهات حكومية ممثلة في الإمارة والشرطة والمجاهدين والجوازات وقوة المهمات والواجبات، تعنى بتابعة ظاهرة التسول، وجميع هذه الجهات تكثف جهودها للقضاء على ظاهرة التسول داخل منطقة نجران».

يشار إلى وزارة الشؤون الاجتماعية أعلنت أخيرا أن حملات المكافحة التي تولتها الجهات الأمنية خلال هذا العام أسفرت عن القبض على 9737 متسولا بلغ عدد السعوديين منهم 1178، تشكل النساء أكثر من 50 في المائة من هذه الشريحة، فيما شكل الأطفال 40 في المائة.