سيَّاح ومتعبدون.. قدم في الطائف وأخرى في مكة

أخافتهم إنفلونزا الخنازير في العاصمة المقدسة.. وجذبتهم الأجواء الماطرة في المصيف

عقبة الهدا الجديدة التي تربط بين مكة المكرمة والطائف وتم افتتاحها أخيرا (تصوير: ثامر الفرج)
TT

دفعت أجواء الطائف المعتدلة والماطرة والطرق المعبدة التي تربطها بمكة المكرمة، إضافة إلى المخاوف من مرض إنفلونزا الخنازير في العاصمة المقدسة، إلى زيادة أعداد القادمين إلى المصيف والقاطنين فيها، منذ بداية شهر رمضان، بهدف القرب من الحرم المكي لأداء صلوات التراويح خلال الشهر الفضيل.

ويبدو أن قاصدي الحرم المكي، الذين سكنوا الطائف، استطاعوا اصطياد عصفورين بحجر واحد، فوضعوا قدما في الطائف والأخرى في مكة المكرمة، فهم يؤدون صلاة التراويح في الحرم الشريف، حيث لا تستغرق المسافة عن طريق عقبة الهدا، التي تم افتتاحها أخيرا، سوى أقل من ساعة، ويستمتعون بأجواء الطائف التي تتميز بالبرودة والمطر.

ويرى محمد الشمري، القادم إلى الطائف من منطقة الرياض بصحبة عائلته، أنه وجد في الطائف أجواء جميلة لا يمكن أن تتوفر في أي مكان نظرا لشدة الحرارة في معظم المدن السعودية خلال الصيف.

ويقول «قضينا أسبوعا حتى الآن، ونتوقع أن نستمر حتى منتصف رمضان، حيث قررنا أن نتجه أنا وبعض أفراد العائلة إلى مكة يوميا نؤدي صلات التراويح ونعود في نفس الوقت، باعتبار أن السكن في الطائف أفضل من الناحية الصحية، خشية أي أمراض في مكة، إضافة إلى الأجواء».

ويتفق مع سابقه، محمد السالم، وهو أحد المقيمين في مدينة الرياض، مؤكدا «أننا استطعنا أن نضرب عصفورين بحجر واحد، بالاستمتاع بالأجواء في الطائف والتعبد في مكة المكرمة»، مشيرا إلى أن الأمر لم يكن صعباً، بل غاية في السهولة، خاصة بوجود طريق سريعة اختصرت الوقت والمسافة».

وأضاف «الفكرة جيدة، لكن يجب على العاملين في مجال السياحة في الطائف، العمل على تطوير هذا المجال بتوفير حافلات لنقل الناس إلى مكة، وإعداد برامج سياحية للتعريف بالآثار الدينية، سواء في الطائف أو في مكة المكرمة».

إلى ذلك أكد محمد سعد الثبيتي، نائب الأمين العام لمجلس التنمية السياحية، خلال حديث خاص بـ«الشرق الأوسط»، أن افتتاح طريق الهدا- الكر السياحي، شجع على ذلك، إضافة إلى قرب منطقة الهدا من مكة المكرمة، حيث لا يفصل بينهما سوى 70 كيلومتراً فقط، إضافة إلى انتشار وباء إنفلونزا الخنازير، حيث سيغمر مكة المكرمة مئات الآلاف من المعتمرين.

وقال الثبيتي «نسبة الإشغال في الفنادق والمنتجعات السياحية تشهد ارتفاعا منذ اقتراب شهر رمضان المبارك»، مستشهدا بالسنة الماضية، حيث شهدت الطائف إقبالا كبيراً في فصل الصيف، الفترة التي صادفت بداية شهر رمضان».

وفي الأعوام الماضية، حرص المعتمرون على استئجار الشقق المفروشة والفنادق القابعة في مكة المكرمة، وفي حال عدم توفر الفرصة يلجأ الباحث عن شقة أو فندق إلى جدة التي تبعد عن مكة المكرمة حوالي 100 كيلومتر.

ورغم اتفاق العاملين في مجال الفندقة والسياحة على أن الإقبال ارتفع بشكل كبير خلال رمضان على الطائف، إلا أنهم يرون أنه أقل من المأمول، إذ إن هناك تراجعاً مقارنة بالأعوام الماضية، لكنها ارتفعت مع حلول رمضان.

ويعلق عليَّ مغنية، مدير أحد فنادق الطائف، بقوله « في هذا العام جذبت الطائف الزوار والمصطافين للمكوث فيها والاستمتاع بالبرامج الصيفية بشكل عام، والبرامج الدينية بشكل خاص».

وأضاف «أن نسبة الإشغال قبل رمضان بفترة بلغت 40 في المائة في وسط البلد». مشيراً إلى أن الأسعار تعتبر عاملا لجذب السياح نحو المحافظة، مؤكدا التزام الفنادق الأخرى الموجودة في المحافظة بالأسعار التي حددتها الهيئة العليا للسياحة والآثار بـ20 في المائة، التي يطلق عليها «الأسعار الموسمية»، لكنه استطرد «أن الصيف هذا العام أقل جذبا مقارنة بنفس الفترة العام الماضي».

إلى ذلك أكد لؤي قنيطة، رئيس اللجنة السياحية بالغرفة التجارية، أن فكرة السكن في الطائف والذهاب إلى مكة يومياً قد تنجز بشكل صحيح إذا ما أخذ في الاعتبار ترتيب رحلات متواصلة إلى مكة بأسعار مناسبة، وتوفير الرقابة على الشقق المفروشة والفنادق بخصوص الأسعار».

وحمل قنيطة الطيران وبعض المشاكل مسؤولية عدم قدرة البعض على السكن في الطائف حيث قال في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «يوجد في الطائف 6 آلاف وحدة سكنية لم يتم إشغال سوى 40 في المائة منها قبل رمضان، ناهيك عن أن الطيران في الطائف لا يستقبل أكثر من طائرتين من كل مدينة رئيسية - الدمام، الرياض، جدة».

لكنه انتقد البرامج التي تقدم للسيَّاح وتكراراها مؤكدا «في الأعوام الخمسة الماضية اكتسحت الطائف أرقام السياح والمنتجات السياحية الجديدة، أما الآن فالبرامج نفسها لم تطور، والقائمون على السياحة هم نفس الأشخاص، منذ خمس سنوات وأكثر». مطالبا بالتجديد في الأجهزة السياحية المسؤولة، وتهيئتها لاستقبال الصيف لعشر سنوات مقبلة.

وفي حين تعذر الحديث مع الدكتور محمد قاري، مدير السياحة والآثار في الطائف، أوضح نايف العدواني، رئيس الغرفة التجارية الصناعية بالطائف لـ«الشرق الأوسط»: «أن صيف الطائف استطاع أن يحقق نسبة 85 في المائة من إشغال كافة المنتجعات السياحية». على الرغم من أنها شهدت انخفاضاً بسيطاً مقارنة بالسنة الماضية، التي رصدت منذ بداية الصيف.

يشار إلى أن رئيس هيئة السياحة والآثار، الأمير سلطان بن سلمان، قال في تصريح سابق لـ«الشرق الأوسط» حول مشكلة ارتفاع أسعار الإيواء في الطائف «إن منطقة الهدا تشهد طلباً كبيراً مقابل عرض أقل». موضحا «نعمل على إعداد خطة تشمل التسعير مقابل الخدمة».

وأكد «أن الطائف تلقى اهتماما عاليا من قبل الهيئة العليا للسياحة والآثار، ابتداء من سوق عكاظ، ومرورا بالمنطقة المركزية وانتهاء بالاتفاقية التي ستوقعها الهيئة العليا للسياحة مع جامعة الطائف بخصوص كلية السياحة والفندقة».

وبالعودة إلى نائب الأمين العام للتنشيط السياحي بالطائف، كشف لـ«الشرق الأوسط» عن وجود فرق متابعة ورصد لأسعار الفنادق والشقق المفروشة والاستراحات، إضافة إلى وجود هاتف مجاني يستقبل الشكاوى الخاصة بالأسعار، وقال «تقوم الفرقة باستقبال الشكاوى وترسل أحد الأشخاص ليتأكد من صحة الشكوى، ويتم التعامل مع جميع الشكاوى بالجدية التامة حرصا على تقديم جودة مميزة للمصطافين بالمحافظة».