وول ستريت تسعى إلى جني الأرباح بتوريق التأمين على الحياة

المصرفيون يبحثون عن وسائل استثمارية جديدة

سوف تجني وول ستريت أرباحا عن طريق الحصول على رسوم كبيرة مقابل هذه السندات (أ ف ب)
TT

بعد الانهيار الذي وقع في نشاط الرهن العقاري خلال العام الماضي، بدأت البنوك الاستثمارية في وول ستريت رحلة بحث عن فكرة جديدة من أجل كسب المال. وتعتقد هذه البنوك أنها عثرت على وسيلة تمكنها من ذلك، حيث يخطط المصرفيون إلى شراء «تسويات التأمين على الحياة»، وهي بوليصات التأمين على الحياة التي يبيعها الكبار والمرضى مقابل الحصول على أموال. وعلى سبيل المثال، يمكن دفع 400.000 دولار مقابل بوليصة تأمين قيمتها مليون دولار، ويعتمد ذلك على العمر الافتراضي للشخص المؤمن عليه. ويخطط المصرفيون بعد ذلك إلى توريق هذه البوليصات، حسب المصطلحات المستخدمة في وول ستريت، عن طريق تجميع المئات أو الآلاف سويا وتحويلها إلى سندات. ومن ثم سوف يعيد المصرفيون بيع هذه السندات إلى مستثمرين، مثل صناديق المعاشات الكبرى، الذين سوف يحصلون على الأرباح عندما يموت الأشخاص الذين لديهم تأمين. وعندما يموت حامل البوليصة في وقت مبكر، يزداد العائد. وفي المقابل فإنه إذا عاش الأشخاص لفترة أطول من المتوقع، يمكن أن يحصل المستثمرون على عوائد قليلة بل ويمكن أن يمنوا بخسائر. وفي أي حال من الأحوال، سوف تجني وول ستريت أرباحا عن طريق الحصول على رسوم كبيرة مقابل هذه السندات، وإعادة بيعها وبالتبعية مقابل التداول عليها. ولكن يحذر البعض ممن درسوا تسويات التأمين على الحياة، من أن شركات التأمين ربما تحصل على أقساط في المدى القصير إذا تبين لها أن عليها دفع مستحقات وفاة أكثر مما كانت تتوقع. ولا تزال الفكرة في مرحلة التخطيط. ولكن تقول كاثلين تيلويتز، وهي نائبة رئيس بارزة في «دي بي آر إس»: «تصلنا الكثير من الاستفسارات عبر الهاتف». وتعطي شركة «دي بي آر إس» نسب مخاطرة للاستثمارات، وتقوم حاليا بمراجعة تسعة طلبات لتوريق بوليصات التأمين على الحياة من مستثمرين خاصين وشركات مالية، بينها «كريدي سويس». ويقول مصرفي استثماري، غير مخول بالحديث إلى وسائل الإعلام الإخبارية: «نأمل في أن يكون هناك إقبال كبير بعد العرض الأولي».

ويشار إلى أنه في أعقاب التراجع الذي منيت به أسواق المال، ألقي مقدار كبير من المسؤولية على الاستثمارات الغريبة التي ابتكرتها وول ستريت. ولم يكن الأمر يقتصر على أوراق الرهون العقارية المالية المحفوفة بقدر كبير من المخاطر، ولكن كان هناك الكثير من الأوعية الأخرى مثل مقايضات الائتمان المتعثر، وأدوات الاستثمار المهيكلة والتزامات الديون ذات الضمانات، التي ثبت أن بها مخاطر أكبر من المتوقع. ومع ذلك، فإنه بينما كانت واشنطن تناقش زيادة عمليات تنظيم القطاع المالي، كان المصرفيون يقومون على عجل بابتكار أوعية جديدة. وعلى سبيل المثال، فإنه بالإضافة إلى تحويل تسويات التأمين على الحياة إلى أوراق مالية، تقوم بعض البنوك بإعادة تعبئة أوراقها المالية التي منيت بخسائر وتحويلها إلى أوراق مالية ذات معدلات أعلى فيما يعرف باسم (إعادة توريق قنوات الرهون العقارية الاستثمارية). وتقول مورغان ستانلي، إن عمليات إعادة التوريق بهذه الطريقة تصل قيمتها إلى 30 مليار دولار تم إجراؤها خلال العام الحالي. وبالطبع، يمكن أن يكون الابتكار في القطاع المالي شيئا جيدا عن طريق تقليل كلفة الإقراض لأي شخص، وإعطاء المستهلكين خيارات استثمارية أكثر وبصورة أوسع عن طريق مساعدة الاقتصاد على النمو. ويقول مؤيدو توريق تسويات التأمين على الحياة إن ذلك سوف يعود بالنفع على الأشخاص الذين يريدون تحويل بوليصاتهم إلى أموال خلال فترة حياتهم. ولكن لا يشعر البعض بالتفاؤل إزاء عودة وول ستريت سريعا إلى وسائلها القديمة، وسعيها إلى تحقيق الأرباح عن طريق أوعية جديدة تتسم بالتعقيد. ويقول جيمس كوكس، أستاذ قانون الشركات والأوراق المالية في جامعة دوك: «إنه الحلو المر، فالجزء الحلو هو أن هناك مستثمرين مهتمين بالأدوات الغريبة، التي يبتكرها ضامن يحصل على رسوم كبرى شركات التقييم التي تحصل على أرباح مقابل منح التقييمات. والجزء المر هو أن ذلك يمثل عودة إلى الأيام الخوالي الطيبة». وبالطبع، فإن ما يمكن أن يكون شيئا جيدا لوول ستريت يمكن أن يكون سيئا لصناعة التأمين، وربما للعملاء أيضا، ويرجع ذلك إلى أن حملة البوليصات يتركون غالبا تأمين الحياة الخاص بهم ينتهي قبل أن يموتوا لأسباب متنوعة، منها لأن أبناءهم كبروا ولم يعودوا في حاجة إلى الحماية المالية، أو لأن الأقساط أصبحت مرتفعة جدا. وعندما يحدث ذلك، لا يكون لزاما على شركات التأمين أن تقدم أرباحا. ولكن إذا تم شراء البوليصة وتحوليها إلى أوراق مالية، سيستمر المستثمرون في دفع الأقساط التي ربما كان يتم تركها، ونتيجة لذلك فإن عددا كبيرا من البوليصات سوف يبقى في حال قوي ويضمن ذلك تقديم أرباح على مدار الوقت وأموال أقل بالنسبة لشركات التأمين. ويقول نيل دورتي، وهو أستاذ بـ«وارتون» درس تسويات التأمين على الحياة: «عندما يحصلون على أقساطهم، سيرون أنهم كانوا مخطئين». وفي الواقع، يقول دورتي إنه في رد فعل على عمليات التوريق الواسعة، سيكون على شركات التأمين رفع الأقساط على بوليصات التأمين على الحياة الجديدة. ويرى منتقدو تسويات التأمين على الحياة أن «ذلك يبدد فكرة الطريقة التي يجب أن يكون عليها التأمين على الحياة»، حسب ما يقوله ستيفين ويسبارت، وهو نائب رئيس بارز واقتصادي كبير بمعهد معلومات التأمين. «هذه ليست أداة استثمارية، ولكن أداة مقامرة».

* خدمة «نيويورك تايمز»