أين الوزارة من ترشيد كهرباء المساجد؟!

سعود الأحمد

TT

إلى متى تبقى وزارة الشؤون الإسلامية والمساجد تُسرف في استهلاك الطاقة الكهربائية، والوطن بأمس الحاجة إلى برامج ترشيد استهلاك الكهرباء؟!. فنحن نلاحظ المساجد في معظم المدن (ومنها مدينة الرياض على سبيل المثال) تتسع لخمسين صفا بل إلى مائة صف أيضا وتستغل من قبل صف أو صفين من المصلين!، ومع ذلك يتم تشغيل مكيفات (الإسبلت) بكامل طاقتها بأحجام وأعداد غير موزونة، وتضاء بها اللمبات الصفراء والنيون وأحيانا بالكشافات... ناهيك عن الثريات التي تثبت في وسط وزوايا المساجد... والتي تضاء بالأنوار الصفراء وبعدد كبير من الفوانيس. وبعض المساجد لا يكتفي بذلك بل يستخدم الكشافات المخصصة للصالات الرياضية وغرف العمليات الجراحية. وفي بعض المساجد يتم تركيب نوعيات رديئة الصناعة ومفرطة في استهلاكها للتيار الكهربائي، والبعض يركب لمبات مائتين وعشرين شمعة ويوصلها بتيار مائة وعشرة حتى لا يحتاج لتغييرها لفترات طويلة!... والوزارة تاركة هذا الأمر لرغبة وتقدير الإمام والمؤذن والحارس ودون تنظيم، وكأن الأمر لا يعني الوزارة في شيء. هل تتابع وزارة الشؤون الإسلامية والمساجد ما يجري وأن هناك أحياء ومدنا تعاني من المشكلة؟. وهل يقرأ المسؤولون بالوزارة ما ينشر بالصحف المحلية... وما تتضمنه من شكاوى يومية، ترسل من قبل المواطنين والمسؤولين من مختلف المدن والقرى، والتي مفادها ليس فقط نقص الخدمة، ولكنها تئن من انقطاع التيار الكهربائي، وفي بعض المناطق وصل بهم الحال إلى التشابك بالأيدي مع منسوبي شركة الكهرباء... مما أدى إلى تدخل الجهات الأمنية لحماية منسوبي الشركة!... إلى درجة أن بعض الصحف أطلقت عليها هذا الصيف اسم «كارثة الكهرباء!». إنني أشك (إلى درجة اليقين) أن يكون لدى وزارة الشؤون الإسلامية والمساجد أية خطة أو برامج أو إجراءات لترشيد استهلاك الكهرباء!. فلو كان لدى الوزارة شيء من ذلك، لما وجدنا مساجد داخل حارات تضاء بها كشافات ولمبات بأعداد بلا حساب!. وإضاءات على المنارات لا لشيء إلا الرفاه والزينة!. أليس الترشيد في استهلاك الطاقة الكهربائية لكي تعم الخدمة الجميع وتوزع بشكل أفضل ويستفيد من هذه الطاقة مساجد ومنازل أخرى داخل وخارج الرياض، (أليس ذلك) من باب أن يحب المرء لنفسه ما يحب لأخيه؟!. ناهيك عن أن الدين يحرم الإسراف في كل شيء، وأن الله لا يحب المسرفين!. وأن الله يحب المقتصدين. يحكي أحد سكان مدينة الزلفي ويقول بأول يومين (السبت والأحد) من شهر رمضان المبارك (يقول) كنا في مقر البنك الزراعي بمدينة الزلفي، ويقسم أنهم كانوا من شدة الحر داخل المكاتب مع انقطاع الكهرباء كانوا يخرجون للشمس بحثا عن نسمة البرودة، لأن الحرارة بالمكاتب كانت لا تطاق. وقس على ذلك بقية المدن والبلدات. ولعلنا لا ننسى ما حدث في صيف العام الماضي عندما انقطع التيار الكهربائي بالمدينة الصناعية بالرياض، ما أدى إلى تعطل العديد من المصانع والتسبب في ارتباك تعاملاتهم!. وسؤالي الآخر: أين أنتم يا هيئة تنظيم الكهرباء من هذه الطاقة المهدرة في المساجد؟!. فغير معقول أن تُترك وزارة الشؤون تضع الحبل على الغارب ونجد إسرافا المساجد في استخدام التيار الكهربائي، في وقت هناك مناطق تعاني من أزمة انقطاع التيار الكهربائي!. وختاما... الذي نلمسه من مسؤولي الكهرباء (وزارة وشركة) أن الميل للشكوى على أنه نقص وبالتالي الرغبة في بناء مشاريع عملاقة لتوليد الطاقة الكهربائية أكثر من الرغبة في تشخيص مشكلة تزايد الاستهلاك وترشيد استهلاك الطاقة ونشر الوعي الاستهلاكي... والتعامل مع المشكلة من هذا المدخل!.

*كاتب ومحلل مالي