إجراءات تأديبية ضد الطلاب المعارضين في إيران.. ومراجعة البرامج الجامعية لأسلمتها

مخاوف من تمدد العلمانية.. وتطوير نظام لاعتراض الصواريخ من طراز كروز

TT

في وقت بدأت فيه الجامعات الإيرانية، إجراءات لملاحقة وتأديب الطلبة الذين شاركوا في الاحتجاجات التي اجتاحت الشوارع في يونيو (حزيران) في أعقاب الانتخابات الرئاسية المتنازع على نتيجتها،، أكدت إيران أمس أنها ستقوم بمراجعة برامجها الجامعية في مواد العلوم الإنسانية بغية أسلمتها أكثر وذلك ردا على انتقادات صدرت في الآونة الأخيرة عن المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي أشار فيها إلى الطابع الغربي جدا لهذه المواد.

وقالت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية «إيرنا» «إن معهد الدراسات الإنثروبولوجية والثقافية كلف بمراجعة محتوى (برامج) العلوم الإنسانية». وأوضح مدير المعهد حميد رضا آية الله «قسم كبير من البرنامج في مجتمعنا.. ليس متطابقا مع ثقافتنا الإسلامية الإيرانية. وهذا يحتاج إلى مراجعة». وأضاف أن هذه المراجعة «ستستلهم من توصيات المرشد الأعلى». وكان خامنئي انتقد أثناء اجتماع مع جامعيين في الآونة الأخيرة، تعليم العلوم الإنسانية في الجامعة. وقال «إذا علمنا شبابنا على منوال ما قاله الغربيون وما كتبوه فإننا نعلمهم الشك والجحود إزاء المبادئ الإسلامية وقيمنا». وأعرب عن قلقه لوجود نحو مليوني طالب مسجلين حاليا في العلوم الإنسانية. وعلى الرغم من أن اللجنة تشكلت قبل عام، فهي لم تبدأ العمل إلا بعد الدعوات الأخيرة بتطهير الجامعات من الأساتذة والمناهج التي تُعتبر «غير إسلامية» على أساس أن تدريس المبادئ العلمانية ساعد على إزكاء الاضطراب السياسي عقب الانتخابات التي عقدت في 12 يونيو (حزيران).

وتشكل الجامعات الإيرانية معاقل تقليدية للاحتجاج في الجمهورية الإسلامية التي سعت منذ قيامها إلى أسلمة الجامعة والبرامج. وفي 2006 دعا الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد للقيام بعملية تطهير ضد المدرسين من أصحاب السلوك الذي يعتبر تحرريا أو علمانيا. وفي إيران نحو 70 مليون نسمة أكثر من 60 في المائة منهم دون الثلاثين من العمر. وحضر الشبان بقوة في التظاهرات التي أعقبت إعادة انتخاب أحمدي نجاد رئيسا في انتخابات 12 يونيو. وأوقعت هذه التظاهرات النظام في أخطر أزماته منذ 1979.

وحسب وكالة «مهر الإيرانية» شبه الرسمية، فإن الجامعات الإيرانية بدأت في إجراء ملاحقات ضد الطلاب الذين شاركوا في الاحتجاجات. ويقول العديد من المواقع على شبكة الإنترنت إنه خلال الأسبوع الماضي ألقي القبض دون تبرير أمني على خمسة طلاب في جامعة مشهد كانوا قد أعربوا صراحة عن دعمهم للمرشح المعارض. ووقعت الإجراءات التأديبية الجديدة داخل جامعات في طهران وتبريز وشيراز، حيث قدمت وزارة الاستخبارات أسماء الطلاب الناشطين سياسيا إلى الهيئات الجامعية، وذلك حسب ما ورد في تقرير نشر على موقع «بيكيران» ذكر أسماء العديد من الطلبة. وأضاف التقرير أنه تم فصل بعض الطلاب لمدة عامين، فيما منع آخرون من الاستفادة من المدن الجامعية أو يخضعون إلى إجراءات تأديبية. وقام موقع «أدفر نيوز»، وهو موقع إليكتروني يديره طلاب، إنه تم استجواب 50 طالبا يعيشون في مدن جامعية داخل طهران لساعات من قبل لجنة تأديبية. ودائما ما كان الطلاب الناشطين سياسيا عرضة لإجراءات تأديبية أو منع من دخول الجامعة من الأساس، ولكن أصبح ذلك أكثر تكرارا خلال الأعوام الثلاثة الماضية. وفي الوقت نفسه، زادت الضغوط من أجل أسلمة التعليم العالي داخل إيران بدرجة أكبر خلال الأيام الأخيرة، مع تحذير عدد متزايد من رجال الدين البارزين من خطر الأفكار العلمانية الهدّامة. وبصورة بارزة، يستهدف العديد من رجال الدين والمسؤولون البارزون جامعة آزاد الإسلامية الموجودة في طهران ولها فروع في مختلف أنحاء البلاد. ويدير الجامعة بدرجة كبيرة عائلة الرئيس السابق علي أكبر هاشمي رفسنجاني، وهو معتدل قوي ومعارض بارز للرئيس محمود أحمدي نجاد. وقال آية الله محمد تقي مصباح يزدي، المرشد الروحي للرئيس، خلال اجتماع مع أعضاء المجلس الوزاري: «يجب تطهير هذه الجامعة من جديد» حسب ما أفاد به موقع «رويداد». وأضاف: «يجب أن تكون عملية التطهير هذه في مستوى الإدارة وغيرها من المستويات. وأنتم تعرفون كم عدد الذين لا يعتقدون في الدين والإسلام والله الذين درسوا وتخرجوا في هذه الجامعة».

ودعا رجل دين آخر، وهو محمد رضا بابي، وزير التعليم العالي الجديد إلى مراجعة لائحة الإدارة في آزاد، خلال خطبة جمعة في مدين كيرمان. واتهم الوزير الجديد آزاد بعجزها عن الوفاء بالمعايير. وكان الوزير، الذي أقره البرلمان يوم الخميس، يشغل منصب نائب وزير الداخلية وكان مسؤولا عن إدارة الانتخابات الرئاسية الأخيرة، التي يقول معارضون إنه تم تزويرها لصالح أحمدي نجاد. ودائما ما كان يريد المتشددون تطهير جامعة آزاد، وربما أعطتهم الاضطرابات الأخيرة فرصة للقيام بذلك، حسب ما يقوله محللون سياسيون. وقد قدم رفسنجاني، وهو من الشخصيات المؤسسة للثورة الإيرانية عام 1979، دعما حذرا ولكنه كان دعما مهما للمعارضة، واستهداف آزاد يمكن أن يساعد الحكومة على تقويضه مع عائلته بهدوء. واستهدف رجال دين بارزون جامعات بشكل أوسع، فيما يبدو وكأنها رسالة منسقة من القيادة. وفي الأسبوع الماضي، حذر آية الله خامنئي في خطاب للطلاب من أن الفنون الليبرالية والثقافية «تؤدي إلى ضياع الاعتقاد في المعرفة الإلهية الإسلامية».

من جهة ثانية، أعلن قائد الدفاع الجوي الإيراني، أمس، أن إيران لديها القدرة على تدمير صواريخ العدو التي تنطلق على ارتفاع منخفض والتي لا يرصدها الرادار. ونقلت وكالة مهر للأنباء عن العميد طيار أحمد ميقاني قائد الدفاع الجوي، قوله أمس «على الرغم من الحظر الذي فرضه العدو على الصعيد العسكري خلال العقود الثلاثة الماضية، فقد اتخذت القوات المسلحة خطوات جيدة، واستطاعت فضلا عن تحديث إمكانياتها، تحقيق إنجازات كبيرة في المجال العسكري ومجال الصناعات الجوية الفضائية». وأوضح أن من أهم الإنجازات التي تحققت هي التطوير المستمر للمنظومات الموجودة وتصنيع العشرات من بطاريات المدفعية المحلية المنافسة لمثيلاتها الأجنبية، وتصنيع صواريخ مضادة للطائرات وأنظمة الرادار، مضيفا «إننا قادرون في الوقت الحاضر على اكتشاف وتدمير صواريخ كروز والتي لا يرصدها الرادار».

*خدمة «نيويورك تايمز»