صفير يعتبر التباطؤ الحكومي «ليس دليل عافية» وكرامي يتوقع التأليف خلال الأسبوعين المقبلين

سقوف الشروط ترتفع أكثر بوجه الحكومة اللبنانية الموعودة

TT

عادت الشروط والشروط المضادة لترتفع في وجه مساعي تأليف الحكومة اللبنانية العتيدة، الأمر الذي يعيق إمكان أن تبصر النور قبل الثالث والعشرين من سبتمبر (أيلول) الحالي موعد سفر الرئيس اللبناني ميشال سليمان إلى نيويورك للمشاركة في أعمال الجمعية العمومية للأمم المتحدة.

وفي هذا الإطار، اعتبر البطريرك الماروني نصر الله صفير في عظة الأحد التي ألقاها أمس أن «التباطؤ في تشكيل الحكومة ليس بدليل عافية، والبلد في حاجة إلى من يتولى إدارة شؤونه، وتلبية حاجات الشعب. ومثول لبنان أمام الأمم المتحدة للاشتراك في أعمالها، وهو دون حكومة، ليس مدعاة افتخار».

أما رئيس الحكومة الأسبق عمر كرامي فتوقع أن تشكل الحكومة خلال الأسبوعين المقبلين، وقال في حفلة إفطار: «بالأمس القريب زرت دولة الرئيس المكلف الشيخ سعد الحريري لأشد على يده وأقول له إننا نرتفع فوق كل الخصومات، ونحن نعرف أنك أنت الوحيد المؤهل في هذه الفترة لما تمثل ولشبه التأييد الإجماعي في لبنان لكم. أقول لك أن تتعالى على الجراح وأنت تسير خطوات لتلاقي المعارضة في منتصف الطريق، فمن دون التضحية والإقدام لا يمكن تأليف هذه الحكومة. وعندما نسمع بعض المتطرفين الذين لا يريدون خيرا لهذا البلد ولا ينظرون إلا إلى مصالحهم الشخصية، عندما نسمع هؤلاء يطلقون العنان لألسنتهم ويطلبون من الشيخ سعد أن يؤلف الحكومة ولو من لون واحد، فكأنهم لا يعيشون في هذا البلد ولا يعرفون أن حكومة من هذا النوع ستفجر الوضع برمته في الشارع وبأسرع مما يظنون. نحن أم الصبي ونحن حريصون على هذا الوطن، حريصون على استقلاله وسيادته واستقراره وازدهاره، حريصون على أن يبقى لبنان مشعل الحرية والديمقراطية في هذه المنطقة».

من جهته، رأى النائب نهاد المشنوق أن «رئيس الجمهورية ميشال سليمان دخل متأخرا على خط الحوار بين النائب ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري، وهذا التدخل لن يؤدي إلى تغيير كبير»، ودعاه إلى «تشجيع الرئيس المكلف على طرح صيغة عاقلة ومنطقية تعطي القوى السياسية حقها من دون طمع». وشدد على أن «الرئيس المكلف بدأ برغبة جدية في تشكيل حكومة تحقق مزيدا من الاستقرار في ظل التحديات، وهو لم يقم مُجبَرا بالتفاوض مع المعارضة لدخول الحكومة»، معتبرا أن «لا أحد لديه رغبة في رمي ما تم التوصل إليه حول الصيغة الحكومية والمقاومة»، وأن «مفهوم توزير الراسبين مهين للناخبين».

بدورها، وجهت النائبة نايلة تويني نداء إلى الرئيس المكلف دعته فيه إلى «إنهاء حال المراوحة وتأليف الحكومة ضمن إطار الوحدة الوطنية وسلامة البلد»، مشيرة إلى أن «الأكثرية التي ربحت الانتخابات لن تنكسر اليوم ولن تنهزم». ودعت الرئيس المكلف إلى أن «يحدد حصة المعارضة في الحكومة وعندها إذا أرادوا المشاركة فليشاركوا وإلا فليتحملوا مسؤولية تعطيل البلد، وليحكم الرأي العام على الأمر».

أما في مواقف المعارضة في الملف الحكومي فرأى وزير العمل في حكومة تصريف الأعمال محمد فنيش خلال إفطار أقامته «هيئة دعم المقاومة الإسلامية» أن «أي تشكيلة حكومية مفروضة كأمر واقع هي وصفة لإعادة إنتاج الخلاف بين اللبنانيين والفئات السياسية، وهي محاولة لن تنجح في تشكيل حكومة تحظى بالمقبولية والمشروعية السياسية وتؤمن التوازن للمشروعية الميثاقية والدستورية».وأشار إلى «أن الطريق الوحيد هو التمسك بمنطق حكومة شراكة تحظى بموافقة جميع الأطراف»، داعيا إلى «المزيد من التلاقي والحوار المصحوب بأفكار ومبادرات وإيجاد تسويات وحلول».

وقال رئيس كتلة «حزب الله» النيابية النائب محمد رعد إن «العقبات التي تحول دون تشكيل هذه الحكومة ودون الاتفاق على الحقائب والأسماء ليست عقبات داخلية بل خارجية». ورأى أن «الخلاف ليس على وزارة الاتصالات وليس على توزير الراسبين، الخلاف أن الضوء الأخضر لم ينطلق بعد من أجل تجاوز هذه الإشكاليات التي وُضعت كسبا للوقت وتضييعا له، في انتظار أمر ما من الخارج هو الذي سيضع الإطار لانطلاقته». وأكد أن «قرار المعارضة أن لا تشارك إلا مجتمعة في حكومة الوحدة الوطنية، ولذلك نحن مطمئنون إلى أن الأمور ستسير في نهاية المطاف في الاتجاه الذي رسمنا تصوره».

ورأى عضو كتلة «حزب الله» النائب حسن فضل الله أن «اللبنانيين بإمكانهم إنتاج حل داخلي لمشكلة تأليف الحكومة من خلال استمرار الحوار الجدي والبناء وتقديم الاقتراحات التي تؤمّن المخارج المناسبة انطلاقا من مبدأ التفاهم والتوافق الذي يشكل المعبر الإلزامي لحكومة الشراكة والوحدة، وهذا ما تم على أساسه إنجاز صيغة التركيبة وينطبق على الخطوات الأخرى أيضا». وقال: «مفتاح الحل نريده بيد لبنانية مع الاستفادة من كل تقارب عربي ـ عربي ومن المناخات الإقليمية المساعدة، لكن إذا كان هناك انشغالات خارجية بملفات إقليمية ساخنة تؤجل مقاربة الملف اللبناني فان هذا لا يعفينا من البحث عن الحلول لأوضاعنا الداخلية».

إلى ذلك، لفت عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب أيوب حميد إلى أن «ما يجري على مستوى التأخير في ولادة حكومة الوحدة الوطنية أمر غريب ومريب لا يمكن أن يحتمله الواقع اللبناني الذي عاش واقع الانقسام العمودي والأفقي والمذهبي والمناطقي في الفترة السابقة». سائلا: «كيف يمكن أن يستمر الصبر على هذا الواقع الذي لا يجد العلاج الشافي له من خلال إطلاق حكومة الشراكة أو الائتلاف الوطني أو أي اسم من المسميات التي يمكن أن تطلق على الحكومة؟».

واستغرب عضو كتلة «التحرير والتنمية» النائب علي بزي «إمعان البعض في سياسة إهدار الوقت وتضييع الفرص على لبنان واللبنانيين». وقال: «إذا كانت الأزمات التي تعصف بلبنان لم ترفع حتى الآن منسوب الإحساس بالمسؤولية الوطنية والإنسانية من أجل الإسراع في تشكيل حكومة وحدة وطنية، فأي شيء يمكن أن يدفع بالمعنيين في الشأن الحكومي إلى الإسراع في تشكيل حكومة يشارك فيها الجميع في إنقاذ لبنان وإيجاد الحلول لكل الأزمات».

وسأل عضو كتلة «التحرير والتنمية» النائب علي خريس: «من له مصلحة في تمديد الأزمة أو في إفشال الرئيس المكلف؟ وهل تريد دول عربية إبقاء لبنان في دائرة التأزيم ولا ترغب في التقارب السوري ـ السعودي الذي له الدور المفتاحي في الدفع باتجاه الوصول إلى الصيغة الحكومية المرجوة؟». ورأى أن «التحركات الأميركية عبر السفراء والموفدين واضحة لجهة تأليب اللبنانيين بعضهم على بعض والتدخل في بديهيات السياسة الداخلية». بدوره اعتبر عضو «تكتل التغيير والإصلاح» النائب نعمة الله أبي نصر أن «رئيس الجمهورية (ميشال سليمان) يملك من الحكمة ما يجعله يمنع أي مغامرة في تشكيل حكومة غير متوازنة أو حكومة تحدٍّ». وقال: «المسألة لا تقتصر فقط على تغييب العماد (ميشال) عون وحلفائه المسيحيين بل ستنسحب حكما على عزل الطائفة الشيعية، ولا أظن أن فخامة الرئيس ولا حتى رئيس الحكومة المكلف هما في وارد العودة إلى الأوضاع التي كانت سائدة قبل اتفاق الدوحة».