الاستخبارات الأميركية تراجع تقييم برنامج إيران النووي: لديها ما يكفي لتصنيع قنبلة قريبا

مسؤولون في الإدارة الأميركية ناقشوا ما إذا كانت القيادة الإيرانية تعاني من الشلل

TT

توصلت هيئات استخباراتية أميركية خلال الأشهر الأخيرة إلى أن إيران تمكنت من إنتاج وقود نووي كاف للتسريع من عملية صنع سلاح نووي. ولكن تقول تقارير استخباراتية جديدة تم تسليمها للبيت الأبيض إن إيران تعوزها خطوات أخيرة مهمة من أجل صنع قنبلة. وفي أول اعتراف علني بالنتائج التي توصلت إليها الهيئات الاستخباراتية، قال السفير الأميركي لدى الهيئة الدولة للطاقة الذرية، أول من أمس، إن إيران لديها الآن ما وصفه بأنها «مقتدرات تحوّل ممكنة» إذا ما قررت تخصيب المخزون الذي لديها من اليورانيوم، وتحويله إلى مادة تصلح للاستخدام مع القنابل. وكان يهدف من تصريح السفير الأميركي غلين ديفيز وضع ضغوط على حلفاء للولايات المتحدة من أجل التحرك قدما وفرض عقوبات أشد على إيران خلال الشهر الجاري، وربما يتضمن ذلك منع وصول البنزين إلى إيران، وذلك إذا لم تقبل الأخيرة دعوة الرئيس الأميركي باراك أوباما للدخول في مفاوضات جادة. ولكن، يمكن أن يضع ذلك صعوبات أمام جهود الإدارة الأميركية لإقناع الحكومة الإسرائيلية التي تفقد صبرها بإعطاء الدبلوماسية وقتا أطول كي تؤتي ثمرتها وبعدم توجيه ضربة عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية. وخلال مقابلات أجريت على مدى الشهرين الماضيين، قال مسؤولون استخباراتيون وعسكريون وأعضاء في الإدارة الأميركية إنهم مقتنعون بأن إيران حققت تقدما كبيرا في مجال تخصيب اليورانيوم، ولا سيما خلال العام الأخير. وتصر إيران على القول بأن برنامج تخصيب اليورانيوم القائم مخصص للأغراض السلمية، وأن اليورانيوم يستخدم فقط من أجل الحصول على الكهرباء وأن علماءها لم يجروا أية أبحاث على تصميم أسلحة. ولكن قالت الولايات المتحدة عام 2007 إنها عثرت على أدلة تقول إن إيران عملت على تصميمات لصنع رأس حربي على الرغم من أنها قررت أن المشروع توقف في نهاية 2003. وترى المعلومات الاستخباراتية الجديدة، التي قامت إدارة أوباما بجمعها، أنه لا توجد أدلة مقنعة على أن العمل استؤنف في هذه التصميمات. ولم يتضح بعد، عدد الأشهر، أو ربما الأعوام، التي يمكن أن تحتاج إليها إيران من أجل استكمال التصميم النهائي وبعد ذلك بناء رأس حربي يمكن أن يثبت في صواريخها طويلة المدى. وقد كان هذا الأمر موضع سجال حاد دار وراء الستار بين الإسرائيليين ومسؤولين عسكريين واستخباراتيين بارزين أميركيين قبل عامين تقريبا وزادت حدة هذه النقاشات خلال الأشهر الأخيرة. والموقف الأميركي هو أن الولايات المتحدة وحلفاءها سوف يكون لديهم وقت تحذير جيد إذا تحركت إيران لتحويل المخزون المتنامي لديها من الوقود النووي منخفض التخصيب لمادة تصلح للاستخدام العسكري. وعلى الرغم من أنه توجد شكوك قليلة داخل الحكومة الأميركية من أن هدف إيران النهائي هو أن تكون لديها أسلحة، هناك شك فيما إذا كانت الحكومة الإيرانية التي تواجه اضطرابات في أعقاب انتخابات رئاسية متنازع على نتيجتها سوف تأخذ خطوة محفوفة بالمخاطر وفي المدة التي تحتاج إليها إيران للتغلب على الصعوبات التقنية الباقية. ولكن، ترسم إسرائيل صورا أكثر كآبة لنفس الحقائق. وفي مساجلات سرية مع الولايات المتحدة، ذكرت إسرائيل أدلة على أن السعي من أجل صنع تصميمات تم استئنافه سرا في عام 2005 بناء على تعليمات من المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي. ويقول مسؤولون أميركيون إن هذه الأدلة ثانوية ويشيرون إلى أن الإسرائيليين لم يعطوا نسخة من التعليمات التي قالوا إن آية الله خامنئي أعطاها. ويقول مسؤول استخباراتي إسرائيلي كبير، رفض، مثل آخرين أجريت معهم مقابلات، ذكر اسمه بسبب الحساسية التي تحيط عملية جمع المعلومات الاستخباراتية: «ننظر جميعا في نفس الحقائق، ولكن نفسرها بطريقة مختلفة إلى حد ما عن طريقة البيت الأبيض».

ويأتي في قلب الخلاف «مقتدرات التحوّل» التي أشار إليها السيد ديفيز يوم الأربعاء في أول ظهور له كسفير لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة. وتشير العبارة إلى قدرة دولة غير نووية على الحصول على وقود كاف وخبرة تجعلها قادرة على استكمال بناء سلاح فعلي بسرعة نسبية. ويقول الإسرائيليون إنه قد يكون هناك وقت تحذير ضئيل أو قد لا يكون هناك وقت إطلاقا ولا سيما إذا كان لدى إيران منشآت سرية، ويشيرون إلى أنه في أعقاب ما حدث في العراق تلتزم الهيئات الاستخباراتية الأميركية بالحذر الشديد في تقييمها للمقتدرات الإيرانية. ومثلما توقع مسؤولون إسرائيليون وأميركيون، سلمت إيران لدول أوروبية يوم الأربعاء ما وصفته بأنه مجموعة جديدة من «المقترحات» بخصوص التفاوض حول برنامجها النووي. ويقول مسؤولون أميركيون إنهم لم يقرأوا هذه المقترحات ولكن قالت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة سوزان رايس إن الرد الإيراني يجب أن يكون «جادا وواقعيا وبنّاء». وقد أعطى البيت الأبيض إيران مهلة حتى نهاية سبتمبر (أيلول) لبدء مفاوضات جادة أو مواجهة المزيد من العقوبات. ويتناقش مسؤولون في الإدارة الأميركية حول ما إذا كانت القيادة الإيرانية، التي واجهت احتجاجات عنيفة، تعاني من حالة من الشلل فيما يتعلق بالتفاوض مع الغرب ومن ثم في البت في موضوع استمرارها في البرنامج النووي. ويأمل البيت الأبيض في أن يكون عرضه بالتفاوض قد دفع بالقيادة الإيرانية خارج مسارها وعزز من المصداقية في مختلف أنحاء العالم إذا بدأ الرئيس في الضغط من أجل عقوبات أشد. وتتبع المعلومات الاستخباراتية المحدثة التي ترفع إلى الرئيس أوباما الأطر العريضة للنتائج التي سلمت للرئيس الأميركي السابق جورج بوش عام 2007 في إطار تقييم استخباراتي قومي جاء في 140 صفحة. واعتمدت المعلومات الاستخباراتية على معلومات جمعتها الهيئات الاستخباراتية الأميركية التي اخترقت شبكات الكومبيوتر العسكرية الإيرانية وتوصلت إلى أدلة مفاجئة على أن إيران كانت قد أوقفت سعيها لتصميم الأسلحة قبل أربعة أعوام. ويقول منتقدون إن الجزء المعلن من التقرير قلل من أهمية التقدم الذي حققته إيران في مجال تخصيب اليورانيوم، ويعد ذلك الجزء الأكبر في عملية صنع القنابل. ويوجد مقدار ضئيل من المعلومات الاستخباراتية الدقيقة بخصوص التقدم الذي حققته إيران في برامج الأسلحة. وقد كان جزء كبير من نشاط إيران في أول الأمر غائبا على مدى نحو 18 عاما حتى قامت مجموعة منشقة بالكشف عن جهود تخصيب اليورانيوم. وجاء في التقييم الاستخباراتي القومي لعام 2007 والتحديثات الأخيرة المرفوعة إلى الرئيس أوباما، حسب ما يفيد به مسؤولون على اطلاع بمحتوى التحديثات، تحذيرات كثيرة من احتمالية أن تكون إيران تجري تخصيبا لليورانيوم أو تعمل على تصميم أسلحة في أماكن نائية لم يشملها الرصد. وقد أغضب تقييم عام 2007 إسرائيل بدرجة كبيرة، وفي العام التالي ذهبت الحكومة الإسرائيلية سرا إلى بوش للحصول على قنابل تستخدم لضرب أهداف تحت الأرض وقدرات تمكنها من إعادة التزود بالوقود مع حقوق للطيران فوق العراق في حال تحركت من أجل المنشآت النووية الإيرانية. ولكن رفض بوش الطلب الإسرائيلي. وفي الشهر الماضي، قال نائب الرئيس السابق ديك تشيني في حديث مع «فوكس نيوز» إنه «ربما كان المؤيد الأكبر لعمل عسكري أكثر من أي من زملائه». وفي مقابلات أجريت معهم أخيرا، أكد مسؤولون سابقون في إدارة بوش أنهم طلبوا من البنتاغون أن يضع سيناريوهات لهجوم محتمل. ولكن لم يكن هناك نقاش جاد حول هذه القضية لأن وزير الدفاع روبرت غيتس ووزيرة الخارجية كوندوليزا رايس كانا يعارضانها بشدة، حسب ما يقوله المسؤولون، وبصورة جزئية لأنهما كانا يشعران بأن العمل المسلح لن يتسبب في انتكاسة كبيرة في البرنامج الإيراني. وقال مسؤول سابق: «كان نائب الرئيس والإسرائيليون يؤمنون بأن الوضع كان سيكون أفضل لو اعتنت به إدارة بوش».

* ساهم إيثان برونر من القدس وسعود مخينيت من برلين

* خدمة «نيويورك تايمز»