جدل حول المشاركة العربية في مهرجان «تورونتو» السينمائي

بعد تخصيصه أسبوعا عن تل أبيب

الاحتفاء بتل أبيب في مهرجان تورونتو السينمائي يثير الجدل بين السينمائيين العرب و الاجانب (أ.ب)
TT

بعد أن أعلنت 50 شخصية عالمية عن مقاطعتها لمهرجان «تورونتو» السينمائي بسبب احتفائه بمدينة تل أبيب وعرض 10 أفلام عن المدينة، لا يزال الجدل يدور بين السينمائيين العرب حول مشاركة عدد من الأفلام العربية في الدورة الجديدة للمهرجان الذي بدأ عروضه أمس الخميس ويعرض على مدى 10 أيام أكثر من 300 فيلم من 64 دولة.

ويشارك في المهرجان من العالم العربي أفلام «الوقت الباقي» للفلسطيني إيليا سليمان، و3 أفلام مصرية هي «احكي يا شهر زاد» ليسري نصر الله، و«هليوبوليس» لأحمد عبد الله، و«المسافر» لأحمد ماهر، و«كل يوم عيد» للبنانية ديما الحر، و«نهر لندن» للجزائري رشيد بوشارب.

وذكرت وكالة الأنباء الألمانية في تقرير لها أن جماعة السينما الفلسطينية نظمت في الحادية عشرة من صباح أمس الخميس اعتصاما أمام القنصلية الكندية في رام الله احتجاجا على احتفاء المهرجان بمدينة تل أبيب، وشارك في الاعتصام أعضاء الجماعة وعدد من المخرجين والسينمائيين والمثقفين والأكاديميين والإعلاميين.

وقال يحيى بركات رئيس جماعة السينما في بيان إن هدف الاعتصام التأكيد على الرفض الفلسطيني والعربي لتجاهل إدارة مهرجان «تورونتو» السينمائي حقيقة أن «تل أبيب أقيمت على أنقاض مدينة يافا وبلدة تل الربيع الفلسطينيتين وما ترتب على ذلك من تشريد قسري للأسر الفلسطينية عن ديارها، بما يتنافى مع حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم والذي لا يمكن التنازل عنه».

وقال الناشط الحقوقي التونسي خالد شوكات رئيس مهرجان «روتردام» للفيلم العربي لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إنه ليس من المقبول مشاركة السينمائيين العرب في وقت بادر فيه فنانون أجانب إلى الاحتجاج والمقاطعة، مضيفا أن «المواجهة قد تكون مبررة عندما تكون البرمجة محايدة، لكن الحياد غير متوفر على الإطلاق بعدما أقحم المهرجان الفن في الاحتفاء بحالة استعمارية غير مقبولة دوليا».

ولكن الناقد عماد النويري مدير نادي السينما الكويتي اختلف مع مبدأ المقاطعة وقال لوكالة (د.ب.أ) إنه مع مشاركة الفنانين العرب في المهرجانات الداعمة أو المدعومة من إسرائيل، باعتبار أن «العرب ومنذ سنوات يطاردون إسرائيل للاعتراف بهم والدخول معهم في معاهدات سلام من خلال المبادرة العربية، وإسرائيل ترفض ذلك».

وأضاف النويري: «لماذا نرفض مشاركة السينمائيين في فعاليات تضم إسرائيليين بينما الأمين العام لجامعة الدول العربية يشارك في منتدى دافوس الذي توجد فيه إسرائيل؟»، مشيرا إلى أنه مع المشاركة لأن حرب الصور تستدعي الحضور للتوضيح والشرح، ففي كل الحالات التي قاطع السينمائيون فيها من قبل تحقق لإسرائيل ما تتمناه وهو إلغاء الصوت العربي وما يمثله من الحضور والتأثير.

واختلف معه الناقد المصري أشرف البيومي الذي رفض المشاركة العربية بشكل قاطع، مؤكدا على اختلاف الظروف في الدورة الحالية من مهرجان «تورونتو»، حيث «يجب التفريق بين المشاركة الإسرائيلية العادية والاحتفاء بإسرائيل كما في الحالة القائمة».

وقالت الإعلامية المصرية أميمة تمام إنها ضد مشاركة الفنانين العرب في مهرجان يحتفي بمدينة تل أبيب، معتبرة أنه «من الخزي أن يشارك العرب بينما أعلن عدد من الفنانين العالميين عن مقاطعة المهرجان».

بينما أثنت المخرجة المصرية نادية كامل على حركة المقاطعة الدولية التي اعتبرتها تطورا رائعا في جهود بناء عزم دولي للضغط على إسرائيل لاستعادة «الحقوق المشروعة» للشعب الفلسطيني، منوهة إلى أن صيغة بيان المقاطعة الذي وقعته شخصيات عالمية ودقة لغته تؤكد على أنها مقاطعة «غير عنصرية»، وهو أول اتهام سيوجه إليها.

وأوضحت كامل، التي اتهمت بالتطبيع بعد فيلمها الأول «سلطة بلدي»، أن مشاركة مخرجين عرب في هذا المهرجان بالذات «فكرة شجاعة تدعم موقف حركة المقاطعة الدولية، وحجر أساس لدحض أي اتهامات لهذه الحركة بالعنصرية أو معادة السامية أو عدم الرغبة في الحوار وإيجاد الحلول».

وأضافت أن غياب العرب عن المهرجان سيحوله إلى «أوكازيون ضخم للدعاية الصهيونية ويقتل الصدى الذي بدأ يتردد في أجواء المجتمع الثقافي العالمي حول ضرورة المقاطعة الواعية التي لا تحركها مشاعر عنصرية ضد اليهود، بل العكس، تحركها مشاعر مساواة بين البشر والرغبة في العدل ومقاومة الظلم الذي يأتي من الدولة الإسرائيلية». وتابعت أنه «لن يزعج الرأي العام الداعم لإسرائيل شيء أكثر من مشاركة مخرجين عرب مثل يسري نصر الله في هذا المهرجان، فسيأتي إليهم الكثيرون في المهرجان ليفهموا موقفهم من اليهود ومن فلسطين ومن العداء للسامية ومن المقاطعة، وسيكون هؤلاء مصدرا غاية في الإزعاج لأبواق الدعاية الصهيونية التي تسن أسنانها حاليا لتختطف المقاطعة وتحولها إلى مناسبة جديدة للبكاء واستدرار العطف».

ومن جانبه رفض الناقد زياد عبد الله في مقال بصحيفة «الإمارات اليوم» أول من أمس الأربعاء المشاركة العربية في مهرجان «تورونتو»، مستنكرا عدم استجابة أي من صناع الأفلام العربية المشاركة في المهرجان لدعوة المقاطعة.

وهاجم المقال البيان الذي أصدره المخرجان المصريان يسري نصر الله وأحمد عبد الله، الذي يؤكدان فيه استمرار مشاركتهما، قائلا: «قد يكون البيان صالحا في مناسبات ومهرجانات سينمائية عالمية لا يجب أن تغيب عنها السينما العربية وتترك الساحة خالية للسينما الإسرائيلية، لكن الأمر مختلف مع مهرجان (تورونتو)، فليس لنا أن ندع غيرنا يدين ما يطالنا ولا أقل من أن تنضم أصوات السينمائيين العرب إلى تلك الأصوات».

وكتب الناقد بيار أبي صعب في جريدة «الأخبار» اللبنانية أن حجة المشاركة «غير مقنعة في ظل حملة عالمية ضد المهرجان المتورط في سياسة معادية للعرب مجافية للعدالة»، مضيفا أن المشاركين لن يقدموا أنفسهم إلى العالم وإنما «هم غطاء لمهرجان منحاز للسفاح الطيب وكومبارس في كرنفال خطير يروج لإسرائيل كمعقل للحرية والانفتاح والإنسانية والحضارة».

وفي الأسبوع الماضي سحب المخرج الكندي جون جريسون فيلمه الوثائقي «المستور» من المهرجان احتجاجا على برنامج يسلط الضوء على تل أبيب، ووقّع سينمائيون، بينهم النجوم جين فوندا وكين لوش وداني جلوفر والمؤلفة ناعومي كلاين، على حملة مقاطعة للمهرجان وقّعها أكثر من 50 سينمائيا من دول عالمية مختلفة.