السعودية: نمطية رمضان يكسرها الجيل الجديد

بعيداً عن شد الرحال إلى المساجد وممارسة الاعتكاف

TT

خالف الجيل الجديد من السعوديين الآباء والأجداد في كيفية قضاء أيام رمضان، التي اعتادها السكان طوال العقود الماضية، وابتعد هذا الجيل عن النمطية في برنامج رمضان، الذي كان سمة من سمات شهر الصوم استفادة من المعطيات الحديثة، والثورة التي حدثت في مجال الاتصالات والحاسبات والفضائيات، إضافة إلى توسع المدن والقرى وانتشار المقاهي والأسواق والمطاعم والمتنزهات بصورة لم تعهد من قبل، وخالف بعض السعوديين من الجيل الجديد الذين تأثروا بموجة التدين أو بما يعرف بجيل الصحوة التوجيهات النبوية بما يتعلق بشد الرحال إلى المساجد والصلاة فيها، سواء من قدم من مدن وقرى بعيدة أو من داخل المدينة الواحدة، وهي ظاهرة برزت خلال العقد الماضي وبصورة لافتة في شهر رمضان، لكنها بدأت بالانحسار نسبياً، كما أن ظاهرة الاعتكاف في المساجد خلال الشهر الكريم عادت للواجهة مجدداً، خصوصاً في المسجد الحرام والمسجد النبوي بعد ازدياد حالات البطالة في صفوف الشباب، إذ لا يستطيع الموظفون أو رجال الأعمال ترك أعمالهم ومنازلهم لمدة شهر وتأدية إحدى النوافل، باعتبار أن هناك أموراً دينية أو اجتماعية لها الأولوية في برنامج الإنسان اليومي. ولاحظ السكان أن كثيراً من الأشخاص يحضرون إلى مدنهم من مدن وقرى مجاورة أو بعيدة لتأدية الصلوات في مساجد معينة، ابتدأ من أول شهر الصوم وحتى نهايته، خصوصاً صلوات المغرب والعشاء والتراويح والقيام، ويتكبد هؤلاء جماعة وأفرادا عناء السفر وشد الرحال للوصول إلى مسجد معين، حاملين معهم إفطارهم ثم تأدية صلاة المغرب والعشاء والتراويح ثم العودة إلى مدنهم وقراهم حتى العشر الأواخر من رمضان، ليبدأ مسلسل جديد من خلال استئجار شقق مفروشة بالقرب من المساجد.

ورفض عدد من العلماء والمشايخ إجازة هذا التوجه وتبريرات أصحابها، انطلاقا من أن التوجيهات النبوية حددت ثلاثة مساجد تشد الرحال إليها وهي المسجد الحرام بمكة، والمسجد النبوي بالمدينة، والمسجد الأقصى بالقدس، وهو ما يدخل هذا التوجه بدائرة البدع، كما أن السفر يومياً يعرض أصحابه لحوادث مرورية قد تكون قاتله لهم وللآخرين.

ورغم كل ذلك فإن عادات وطقوس وبرامج السعوديين في رمضان لا تختلف عن باقي الشعوب والمجتمعات العربية والإسلامية، فهناك لغة مشتركة بينهم، عنوانها: رمضان شهر الخيرات والعبادات، كما أن هناك إجماعا من الكل على أن شهر الصوم جله للعبادة والتفرغ لأعمال البر والخير. وتبعاً للعادات والتقاليد والخلفية الاجتماعية والثقافية وطبيعة الأجواء، فإن هناك تفاوتا بين الشعوب في كيفية قضاء أيام رمضان، حيث إن السائد في السعودية والمألوف في برامج الأسر خلال رمضان أنها واحدة بل هي صورة نمطية تتكرر كل عام منذ عقود، وإن أدخلت عليها تعديلات شكلية منذ سنتين بسبب وقوع الدراسة في رمضان خلال أشهر الإجازة.

ويحرص بعض السعوديين على قضاء العشر الأواخر في مكة المكرمة أو المدينة المنورة وممارسة نافلة الاعتكاف في أقدس بقاع الأرض، ثم العودة يوم عيد الفطر إلى مدينته ومشاركة أقاربه الاحتفال بهذه المناسبة.