الاتحاد الأوروبي يواجه أزمة إذا رفض الأيرلنديون معاهدة الإصلاح

22 مليار دولار للدول الفقيرة لمواجهة التغير المناخي

TT

ذكر محللون أن الاتحاد الأوروبي سيواجه أزمة يمكن أن ترجئ التكامل وتضعف عملة اليورو وتقلل من نفوذه العالمي إذا رفض المقترعون الأيرلنديون معاهدة لإصلاحه الشهر القادم.

وأوضحت وكالة «رويترز» للأنباء أن استطلاعات للرأي أشارت إلى أن المقترعين الايرلنديين سيوافقون على معاهدة لشبونة التي تهدف إلى تسهيل عملية اتخاذ القرار في الاتحاد الأوروبي وتعزز دوره العالمي في استفتاء يجري في الثاني من أكتوبر (تشرين الأول) لكنها تظهر أيضا أن التأييد للمعاهدة انخفض.

ويقول دبلوماسيون أن بعض دول الاتحاد الأوروبي قد تحاول المضي قدما في تكامل أوثق دون دول أخرى أعضاء ويشكلون «قلب» أوروبا إذا رفض الايرلنديون المعاهدة مرة ثانية.

لكنهم يشيرون أيضا إلى أن الفتور المنتشر على نطاق واسع قد يترسخ ولا تظهر مشاريع كبيرة لتنمية الاتحاد المكون من 27 دولة لسنوات على الأرجح كما يمكن أن تتضرر قدرة الاتحاد الأوروبي على إبراز نفسه كقوة اقتصادية عالمية.

وقال مبعوث بارز بالاتحاد «سيفجر رفض أيرلندي أزمة سياسية بالاتحاد الأوروبي. لن تكون كارثة محققة لكن ليست هناك أفكار بديلة بشأن ما يجب فعله مع الاتحاد».

وأضاف «الاتحاد الأوروبي أشبه بدراجة يجب أن تظل تتحرك طوال الوقت وإلا سقطت».

وفي غياب خطة بديلة لإنقاذ المعاهدة سيعني التصويت بالرفض أن نحو عشر سنوات من المفاوضات لتبسيط عملية اتخاذ القرار في الاتحاد ومنحه دورا دوليا أكبر قد أهدرت.

وقال مايكل ايميرسون المحلل بمركز دراسات السياسة الأوروبية: «سيخلق هذا فوضى كبيرة حقا وتشويشا وضررا كبيرا. لا يمكن توقع السيناريوهات لما سيتبع لكن هذا سيكون خطيرا جدا».

وعلى الرغم من أن مؤسسات الاتحاد ستسير رغم تعثرها وستحل المشكلات اليومية إلا أن المستثمرين قد يستقبلون فشل المعاهدة ببيع اليورو بسبب الشكوك التي تحيط بمستقبل أوروبا.

وقال ايريك نيلسن كبير الاقتصاديين الأوروبيين ببنك غولدمان ساكس «من المرجح أن يضعف اليورو. الاتحاد الأوروبي سيتورط في معاهدة ليست فعالة بشكل كبير. ستكون ضربة قوية للتعاون بالاتحاد لا شك في هذا».

ومن شأن معاهدة لشبونة التي رفضها الناخبون الأيرلنديون في استفتاء العام الماضي إعادة تشكيل وتبسيط نظام التصويت بالاتحاد الأوروبي وتوسيع سلطات البرلمان الأوروبي واستحداث مناصب لمسؤول السياسة الخارجية ورئيس المجلس الأوروبي الذي يجمع زعماء الاتحاد.

ومن المرجح أن يكون رفضها إيذانا بانتهاء حقبة مدتها 25 عاما من التكامل الأوروبي السريع شهدت إنشاء سوق مشتركة وطرح عملة اليورو وتوسع الاتحاد الأوروبي ليضم دولا كانت ذات يوم تدور في فلك النفوذ السوفياتي السابق.

ويمثل الاتحاد الأوروبي الآن نحو 500 مليون شخص.

وقال هوجو برادي المحلل السياسي بمركز الإصلاح الأوروبي «حقبة المعاهدات الكبرى ستنتهي. هذه (معاهدة لشبونة) آخر فرصة لطريقة التكامل الأوروبي على الطراز القديم التي كانت فوضوية وتشوبها عيوب ومليئة بالتسويات السياسية ومع ذلك نجحت».

ومن الممكن أن تمضي بعض الدول قدما وبشكل تدريجي نحو تعاون أوثق في مجالات تتراوح من الضرائب إلى الهجرة مع استثناء الآخرين وهو ما سيخلق انقسامات بالاتحاد الأوروبي.

وقال بريان كووين رئيس الوزراء الأيرلندي «إذا قلنا لا مجددا فإن الاتحاد الأوروبي أشار إلى أنه سيضطر للذهاب في اتجاه آخر وهو ما قد يؤدي بنا إلى أوروبا تسير بسرعتين حيث سيمضي قدما من يرغبون في التعاون بكثافة أكبر».

ومن المرجح تعليق توسعة الاتحاد الأوروبي التي لا تحظى بشعبية بين كثير من الساسة والناخبين لسنوات. وقالت فرنسا وألمانيا إنه لا يمكن القيام بمزيد من التوسعة إذا لم تطبق معاهدة لشبونة.

ويقولون إن عملية اتخاذ القرار باتت غير عملية الآن بعد أن أصبح عدد الدول الأعضاء 27 وهناك حاجة لإجراء تغييرات.

وقد تصبح كرواتيا الدولة التي ستنضم تاليا وهي الدولة الوحيدة التي تستطيع الانضمام للاتحاد الأوروبي لعدة سنوات.

وقال ايميرسون «ستعلق التوسعة وتوضع في المجمد. لا شك في هذا».

وسيثبط تجميد التوسعة الإصلاحات في الدول التي تسعى للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي بما في ذلك تركيا. وحذرت لجنة من الحكماء من أنه من غير المرجح أن تستمر الإصلاحات التي طلبها الاتحاد الأوروبي في تركيا ما لم يبث الحياة في محادثات انضمام أنقرة.

كما يمكن أن يعاني دور الاتحاد الأوروبي العالمي في مجالات مثل التجارة والوساطة في اتفاقات السلام خارج الاتحاد والمساهمة في الوصول إلى استجابة مشتركة للأزمة المالية العالمية.

وقال دبلوماسي مخضرم بالاتحاد الأوروبي «أتذكر منذ عشرة أعوام اعتقدت الصين أن الاتحاد الأوروبي قوة صاعدة ستكون لديها سياسة خارجية مشتركة وجيش مشترك».

وبخلاف أيرلندا فإن دولا مثل جمهورية التشيك وألمانيا وبولندا لم تصدق على المعاهدة بعد.

وعلى صعيد آخر أعلن الذراع التنفيذي للاتحاد الأوروبي أن أوروبا يمكن أن تقدم للدول الفقيرة ما يصل إلى 15 مليار يورو (22 مليار دولار) سنويا بحلول عام 2020 لإقناعها بالمشاركة في مكافحة تغير المناخ.

وتقول الدول النامية إن الدول الصناعية يجب أن تتحمل معظم تكلفة معالجة المشكلة التي تسببوا فيها في المقام الأول وهو ما يشكل عقبة كبيرة في المفاوضات قبل اجتماع عالمي بشأن المناخ يعقد في كوبنهاغن في ديسمبر (كانون الأول).

وحذرت أفريقيا من أنها سترفض أي اتفاق لا يكون سخيا بما يكفي، ويحاول الاتحاد الأوروبي البالغ عدد أعضائه 27 دولة أن يقدر حجم المدفوعات العادلة للخروج من هذا الطريق المسدود.

وقال مفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون البيئة ستافروس ديماس للصحافيين: «يتعين علينا الآن الخروج من هذا المأزق في مفاوضات كوبنهاغن. نعلم أن تغير المناخ يفرض نفقات إضافية على الدول النامية».

ويقدر فريق خبراء المفوض ديماس أن العالم النامي سيواجه نفقات قدرها نحو 100 مليار يورو سنويا بحلول عام 2020 لخفض الانبعاثات المسببة لمشكلة ارتفاع درجة حرارة الأرض من الصناعة والمساعدة في التعامل مع موجات الجفاف وتدهور المحاصيل التي ازدادت تراجعا بسبب تغير المناخ.