بغداد: لا حل للأزمة مع سورية دون تسليم المطلوبين.. ووقف نشاطات الإرهابيين

الدباغ لـ«الشرق الأوسط»: سنعطي بعدا للوساطة التركية وخيار المحكمة مازال قائما

TT

فيما لاحت في الأفق بارقة أمل لتطويق الأزمة الدبلوماسية بين العراق وسورية، عربيا، على خلفية الاجتماع الرباعي الذي عقد في القاهرة بين وزراء خارجية العراق وسورية وتركيا فضلا عن الأمين العام لجامعة الدول العربية، أكد المتحدث باسم الحكومة العراقية أن حل الأزمة يعتمد على الموقف السوري في تلبيته الشرط العراقي وهو تسليم المطلوبين.

وتوترت العلاقات بين بغداد ودمشق إثر التفجيرات الدامية التي شهدتها العاصمة العراقية مؤخرا والتي استهدفت وزارتي الخارجية والمالية وراح ضحيتها مئات القتلى والجرحى، واتهمت بغداد سورية بإيواء العناصر التي خططت للتفجير وطالبت بتسليهم للسلطات العراقية، كما دعت إلى إنشاء محاكمة دولية للتحقيق في الحادث.

وأكد الدكتور علي الدباغ، المتحدث باسم الحكومة العراقية، أن «الحكومة لن تقبل أن يكون حل الأزمة مع سورية عن طريق التهدئة أو بحلول أخرى لا تلبي المطالب العراقية بتسليم المتورطين بتفجيرات الأربعاء الدامي، وإيقاف نشاط المجموعات الإرهابية التي تعمل على الأراضي السورية تحت عناوين مختلفة وتسللها إلى البلاد»، موضحا في حديثه لـ «الشرق الأوسط» «أن العراق سيعطي للوساطة التركية دورا وبعدا أكبر في حل الأزمة»، مضيفا «نأمل من الشقيقة سورية أن تستجيب لمساعي الوساطة من أجل احتواء الموقف الذي يصب في مصلحة البلدين».

وفيما إذا سيسحب العراق طلبه بتشكيل المحكمة الدولية لا سيما بعد التدخل العربي لاحتواء الأزمة بين الطرفين، شدد الناطق باسم الحكومة أن «خيار المحكمة الدولية قائم، لحين تلبية الشروط والثوابت العراقية التي يطالب بها، بعدها يمكن الحديث عن طلب إلغاء المحكمة الدولية».

وكان هوشيار زيباري وزير الخارجية العراقي أكد أن بلاده طلبت خلال الاجتماع الرباعي الذي عقد الأربعاء الماضي، معالجات جذرية لجميع القضايا التي تعيق العلاقات العراقية السورية وإصلاح الأوضاع وإعادتها إلى طبيعتها، واصفا هذا اللقاء بأنه «ودي وإيجابي وجيد».

وأكد مستشارون لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة العراقية ما زالت في انتظار عودة زيباري إلى بغداد لبحث ما تم التوصل إليه خلال الاجتماعات في القاهرة. ومن جانبه، قال سامي العسكري، النائب عن الائتلاف الموحد، والمقرب من المالكي، إن حل الأزمة بين العراق وسورية يعتمد على الموقف السوري في تلبيته للمطالب العراقية، وأضاف لـ «الشرق الأوسط» «أن الحلول التي تأتي دون تسليم المطلوبين من قبل العراق والمتهمين بتورطهم بالتفجيرات الأخيرة، وكذلك دون تسليم المجاميع الإرهابية تلك، لن يكون هناك جدوى منها ما لم تنفذ تلك المطالب».

وقال العسكري إن «المشكلة بين العراق وسورية ليست وليدة اليوم وإنما منذ فترة سابقة، فإذا كانت سورية مستعدة لتسليم المتورطين يمكن خلالها حل المشكلة، لكن أن يكون الحل مجرد عودة السفراء إلى البلدين فلا أعتقد أنه يجدي نفعا»، مشددا على «أن العراق ماض في طلبه تشكيل لجنة تحقيق دولية والطلب ما زال قيد الدراسة من قبل مجلس الأمن، سيما أن الاجتماع الذي حصل في القاهرة لم يتطرق إلى موضوع المحكمة الدولية».

وقال العسكري «نأمل من سورية أن تعيد حساباتها وأن تتجاوز هذا الملف من خلال الموافقة على مطالب العراق» لكنه عاد وأكد «أعتقد أن ما حصل من اتفاق أخيرا في القاهرة يعد تسويفا للمشكلة، سيما أننا نرى أن الجهد العربي لا يحل قضايا العرب، وأن الجهود الأخيرة محاولة لتسويف الأزمة وتبريدها».

وحول موقف رئاسة الجمهورية العراقية من الأزمة، لا سيما بعد أن دعا مجلس الرئاسة إلى تطويق الأزمة داعيا إلى مشاورته في القضايا الحساسة، قال العسكري إن «ما حصل أخيرا من تصريحات من قبل رئاسة الجمهورية يعد جزءا من اللعب السياسي، حيث كانت التصريحات غير دستورية، سيما أن الدستور يحدد صلاحيات الهيئات الثلاث والمادة (73) منه تشير إلى أنه ليس من بين صلاحيات رئاسة الجمهورية رسم السياسية الخارجية للعراق، في الوقت الذي تشير إلى صلاحيات رئاسة الوزراء بصراحة»، مبينا «أن القرارات التي اتخذت بشأن الأزمة مع سورية لم يتخذها رئيس الوزراء بمفرده وإنما كان قرارا لمجلس الوزراء بالإجماع». وشدد العسكري أن «ما جاء من تصريحات يعبر عن دوافع سياسية نتيجة الانتخابات» لافتا إلى أن «هيئة الرئاسة تعد جهة تشريفية وبروتوكولية لا صلاحية لها بالقضايا التنفيذية، وهو أمر أقره الدستور»، وأضاف «أتعجب من البيان الذي صدر عن الهيئة الذي أضعف الموقف العراقي ولا يسعى لتقويته».

واعتبر بيان مجلس رئاسة الجمهورية، الذي يضم الرئيس العراقي جلال طالباني ونائبيه عادل عبد المهدي وطارق الهاشمي انقساما في الموقف العراقي إزاء الأزمة. ومن جانبه، أوضح نصير العاني، رئيس ديوان رئاسة الجمهورية، أن التوجه الآن نحو احتواء الأزمة بين العراق وسورية، وأكد لـ «الشرق الأوسط» أن «الغاية من هذا الإجراء هو الوصول إلى الحقيقة بالطريقة العلمية من خلال تحري الحقائق بصورة دقيقة، وحتى لا يحصل غبن في تناول الأزمة وكذلك حتى لا يصار إلى مزيد من التصريحات من قبل الطرفين بشأن الموضوع». وكان وزير الخارجية السوري وليد المعلم قد أعلن في وقت سابق عن اتفاق عراقي سوري يقضي بإعادة السفيرين العراقي والسوري إلى العاصمتين بغداد ودمشق. وقال المعلم إنه تم الاتفاق أيضا على وقف الحملات الإعلامية بين الجانبين. لافتا في وقت سابق إلى أن بلاده على استعداد لتسوية الأزمة مع العراق والاستجابة لمطالبه إذا قدم أدلة ووثائق مقنعة، حسب تعبيره.