برلمان كردستان: توقعات بـ«تلاسن حاد» في الجلسات إثر شغل سيدتين رئاسة أهم كتلتين

كويستان رئيسة المعارضة لـ«الشرق الأوسط»: الأغلبية عينت امرأة تحديا لنا.. وسوزان: اختاروني لكفاءتي

كويستان محمد وسوزان شهاب نوري
TT

يتوقع مراقبون أن تشهد الجلسات القادمة للبرلمان الكردستاني الذي بدأ أعمال دورته الثالثة قبل أيام، مناقشات وسجالات وربما تلاسنا حادا بين الكتلة الكردستانية الحاكمة الطامحة إلى تسجيل كل إنجازات البرلمان باسمها وبين المعارضة التي تمثلها كتلة التغيير الساعية بدورها لإثبات وجودها كمعارضة حقيقية للمرة الأولى في تاريخ البرلمان.

ولعل تلك التوقعات تأتي على خلفية تولي اثنتين من عضوات البرلمان رئاسة أهم كتلتين فيه، الأولى كتلة الأغلبية الكردستانية التي تشغل 59 مقعدا، من أصل 111، والثانية كتلة التغيير المعارضة التي تشغل 25 مقعدا.

كويستان محمد، التي استقالت من منصبها كرئيسة لقائمة حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس جلال طالباني في الدورة الثانية للبرلمان قبيل بدء الحملة الإعلامية في الانتخابات النيابية والرئاسية التي جرت في 25 يوليو (تموز) الماضي، جرت تسميتها رئيسة لكتلة التغيير بعد استقالة رئيسها نوشيروان مصطفى مباشرة، باعتبارها الأكثر خبرة في شؤون البرلمان من الأعضاء المنتخبين حديثا، وبعده بأيام قليلة فقط بادرت الكتلة الكردستانية إلى تسمية النائبة سوزان شهاب نوري رئيسة للكتلة في البرلمان باعتبارها أيضا الأكثر خبرة وكفاءة.

وتقول كويستان محمد التي تعتبر من أقدم الكوادر النسوية في صفوف الاتحاد الوطني الكردستاني، إن كتلتها تواجه مصاعب وتحديات جمة في البرلمان لكنها مصرة على مواصلة مهامها بكل حزم حتى تحقق الأهداف «السامية التي انبثقت من أجلها»، على حد تعبيرها. وأضافت في حديثها لـ«الشرق الأوسط» لقد «نجحنا في الجلسة الأولى في إلغاء لجنة تشريع القوانين في البرلمان، وتحويل جهاز الأمن ـ الاسايش إلى لجنة الشؤون الداخلية، كما ألغينا لجنة شؤون النساء التي كانت قد تشكلت بهدف تقليص وتحجيم الحقوق المقررة للنساء، ولكننا فوجئنا في الجلسة الثانية بأن الكتلة الكردستانية تواجه بالرفض كل مشاريعنا وطروحاتنا حتى لو كانت تخدم المصالح العليا للشعب، والحالة الغريبة والفريدة التي لاحظناها هي أن الكثير من نواب الكتلة الكردستانية أيدوا وبشدة طروحاتنا أثناء الجلسة، لكنهم بادروا إلى التصويت ضدها فيما بعد في حالة غريبة وغير مسبوقة تجسد ظاهرة سلبية جدا تعكس غياب الإرادة بالمرة».

وتؤكد كويستان أنها مارست دورها في البرلمان عندما كانت رئيسة لكتلة الاتحاد الوطني بمنتهى الإخلاص والكفاءة وأنها لم تكن مجرد موظفة تتلقى وتنفذ أوامر الجهات العليا.

وبخصوص الوعود التي قطعتها حركة التغيير لجماهيرها بإعادة الموظفين والكوادر المفصولين من قبل السلطات في الإقليم إلى وظائفهم، فور وصولها إلى البرلمان تقول كويستان «للأسف الشديد اتضح خلال الأشهر الثلاثة الماضية أن ادعاءات السلطة وأحزابها منذ 18 عاما بصيانة حقوق الإنسان وتكريس الحريات في الإقليم ما هي إلا شعارات طنانة لا أساس لها، والدليل على ذلك استمرار السلطة في طرد الموظفين ونقلهم بشكل تعسفي إلى أماكن بعيدة عن مساكنهم لحملهم على ترك وظائفهم وغيرها من الإجراءات التعسفية التي لا تنتهجها سوى الأنظمة الدكتاتورية، وبدورنا قدمنا أسماء جميع المفصولين في قوائم خاصة إلى رئيس الإقليم الذي تعهد بمعالجة الأمر، إضافة إلى صياغة مشروع قرار يلغي جميع الأوامر والقرارات الارتجالية التي تسببت في فصل وطرد كل أولئك الموظفين«.

وفيما يتعلق بقرار الكتلة الكردستانية تعيين امرأة رئيسة لكتلتها وما إذا كان ذلك يشكل تحديا لها أم يعكس إيمان السلطة بدور المرأة في البرلمان، قالت كويستان إن «السلطة ليست مؤمنة بقضايا المرأة ودورها إطلاقا، فشخصيا لدي تجارب مريرة طوال 17 عاما من عملي ضمن صفوف الاتحاد الوطني حيث اكتشفت أخيرا أن شعاراته بخصوص حقوق المرأة هي مجرد ادعاءات وهو ما حثني على ترك صفوفه، أما تعيين سيدة كرئيسة للكتلة الكردستانية، فإن الكثيرين بمن فيهم أعضاء في الكتلة ذاتها يؤكدون أنها عينت في ذلك المنصب من باب التحدي لكتلة التغيير، ومع ذلك أتمنى لها التوفيق».

لكن رئيسة الكتلة الكردستانية سوزان شهاب، وهي ابنة أحد أبرز القياديين الأوائل في الاتحاد الوطني وقد أعدم والدها على يد النظام العراقي السابق عام 1975، تؤكد أنها اختيرت لرئاسة كتلتها نظرا لثقة الكتلة الكردستانية بخبرتها البرلمانية وكفاءتها. وقالت في حديثها لـ«الشرق الأوسط» إنه «ليس في السياسة أو العمل البرلماني مبدأ تعيين شخص في موقع المسؤولية ردا على تعيين الطرف المقابل شخصا في الموقع المماثل».

وبخصوص الزيادة الكبيرة التي طرأت على التمثيل النسوي في البرلمان الكردستاني في دورته الحالية حيث ارتفعت نسبة التمثيل من 25 إلى 33% ومدى تأثير ذلك على مجريات العمل البرلماني، قالت سوزان «أعتقد أن هذه الزيادة في عدد النساء في البرلمان ستنعكس بالإيجاب على البرلمان ولكن علينا أن لا ننسى أن وجود المرأة وفعالية دورها سواء في البرلمان أو في الحكومة أو في مراكز القرار مرهون بمدى التقدم الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والثقافي الحاصل في المجتمع الكردستاني، فالبرلمان يضم الآن 39 عضوا من النساء من مختلف الاتجاهات السياسية، أي أكثر من نسبة الـ30% التي أقرت للنساء في البرلمان، ولكن الأهم في الأمر هو كيفية الاستفادة من طاقاتهن، لذلك اقترحت شخصيا في الجلسة الأولى أن نشكل نحن عضوات البرلمان كتلة نسوية خاصة ولكن المقترح لم يجد تجاوبا من بقية النساء مما يدل على أننا لم نوحد كلمتنا بعد».

وفي تقييمها لولادة المعارضة الحقيقية في البرلمان، قالت سوزان «شخصيا أتأمل من ولادة المعارضة خيرا وأعتقد أن وجود المعارضة الحقيقية ظاهرة صحية وديمقراطية من شأنها تطوير العملية السياسية ونشر الوعي الثقافي والسياسي والاجتماعي في كردستان، لذا أرجو أن تلعب المعارضة دورها الفاعل في البرلمان الذي نجتمع تحت قبته جميعا من أجل مصالح الشعب، سيما وأن القرارات والقوانين التي تتخذ وتشرع دون وجود معارضة قد تتسم ببعض الأخطاء».

ونفت رئيسة الكتلة الكردستانية أن تكون السلطة قد طردت موظفين حكوميين بسبب مواقفهم السياسية المعارضة وأكدت أن «جميع الذين تدعي المعارضة أنهم فصلوا من وظائفهم هم في الحقيقة كوادر حزبية تركوا مواقعهم في الاتحاد الوطني الكردستاني بمحض إرادتهم وانتموا إلى حركة التغيير، ومن البديهي جدا أن الأحزاب التي ينتمون إليها ترفض أن يشغل هؤلاء مواقع ووظائف حزبية وهم منتمون فكريا وعقائديا إلى جهات سياسية أخرى، لأن ذلك أمر يتنافى والمناهج الداخلية للأحزاب في أي بقعة من العالم»، وتابعت تقول «ومع ذلك تم تشكيل لجنة عليا من وزارتي الداخلية والبيشمركة ورئاسة الإقليم لمتابعة موضوع المفصولين والتأكد من حقيقة الأمر ونحن بانتظار نتائج تحقيقات اللجنة». وحول ما إذا كانت كتلتها ستواصل رفض المشاريع التي تتقدم بها المعارضة حتى لو كانت من أجل الصالح العام، قالت سوزان «لم تقدم المعارضة حتى الآن أي مشروع إلى البرلمان كي يواجه بالرفض، فكلما حصل في الجلسات السابقة هو إدخال بعض التعديلات على النظام الداخلي للبرلمان واستحداث أربع لجان برلمانية».