فرنسا «تأسف» لوجود عوائق منعت الحريري من تشكيل حكومته

مصادر فرنسية رسمية تربط بين الأزمة السياسية في لبنان والوضع الإيراني

TT

عاد لبنان ليدخل لائحة أولويات السياسة الخارجية الفرنسية بعد أن تركها في الفترة التي تبعت انتخاب رئيس جديد للجمهورية ربيع العام الماضي، وإقامة علاقات دبلوماسية بينه وبين سورية.

وعادت دواعي القلق تطفو على سطح التصريحات الفرنسية الخاصة بلبنان بعد أن اعتذر رئيس الوزراء المكلف، سعد الحريري، عن تشكيل الحكومة العتيدة، رغم اتصالات ومشاورات زادت على السبعين يوما.

وأعرب وزير الخارجية الفرنسي، برنار كوشنير، أمس، عن «أسفه» لعدم تمكن «رئيس الأكثرية النيابية التي خرجت من صناديق الاقتراع من تشكيل الحكومة الجديدة.

وكان مجمل الوضع اللبناني موضع تشاور في اتصال هاتفي بين كوشنير والحريري، أمس، الجمعة، عبر فيه الوزير الفرنسي عن أسفه إزاء «الصعوبات» التي أعاقت الحريري «حتى الآن» في مهمته، وأكدت باريس مجددا، وبهذه المناسبة، دعمها للسلطات اللبنانية، وتحديدا لرئيس الجمهورية، ميشال سليمان، داعية اللبنانيين إلى «تحمل مسؤولياتهم» من أجل «نزع العقبات»، ومعربة عن تمسكها بـ«روح الحوار التي يتعين استمرارها وباستقرار واستقلال ووحدة لبنان».

وكان الملف اللبناني موضع مناقشة، أول من أمس، بين الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، ورئيس وزراء قطر، الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني.

ورفضت الناطقة المساعدة باسم الخارجية الفرنسية تعيين «العقبات» التي واجهت الرئيس المكلف في إنجاز مهمته، انطلاقا من تمسك باريس وحرصها على عدم إعطاء الانطباع بأنها تتدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية. غير أن الرئيس كوشنير سبق له وأشار إلى «عقبات داخلية وخارجية»، متوقفا عند ما اعتبره مطالب العماد عون التي «لا يمكن الدفاع عنها».

غير أن مصادر فرنسية رسمية ربطت أمس بين تطورات الأزمة الإيرانية وبين التخبط السياسي في لبنان الذي انعكس في العجز عن تشكيل حكومة جديدة. وبحسب هذه المصادر، فإن باريس ستعمد إلى الاستفادة من وجود الكثير من القادة في نيويورك مناسبة أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة من أجل إجراء اتصالات بغرض «فكفكة العقد» التي حالت حتى الآن دون قيام الحكومة الجديدة. ولهذا الغرض، وبحسب ما أفادت به المصادر الفرنسية، فإن باريس ستقوم باتصالات مع «الجهات المؤثرة» في المنطقة في إشارة خفية إلى سورية ودول أخرى من أجل نزع العقبات التي جاء على ذكرها تصريح الوزير الفرنسي.

وتعتبر المصادر الفرنسية أن «استمرار توتر الوضع الداخلي في إيران عقب الانتخابات وعودة الملف النووي الإيراني إلى واجهة الأحداث» أوقعا «خسائر جانبية» كان لبنان ضحيتها. وبكلام أوضح، تعتبر باريس أن استمرار التأزم الإيراني منع اللبنانيين من استيلاء حكومة جديدة في الوقت الذي تعتبر فيه أن «العامل السوري» لم يكن العامل الرئيسي المعطل. وتعول باريس على لقاءات نيويورك من أجل «إيصال الرسائل» للجهات التي ترى باريس بصمات أيديها على الوضع اللبناني.

وتبدو باريس خائبة من المسار الذي سلكته الأحداث في لبنان وتميل إلى تحميل اللبنانيين قسما مهما من مسؤولية ما هو حاصل في لبنان.

أما بالنسبة للمستقبل، فتقدر المصادر الفرنسية أن الخروج من الأزمة الحكومية يمكن أن يحصل في الأسابيع القادمة مستبعدة بذلك أن تأخذ المشاورات القادمة لتشكيل الحكومة المدة الزمنية نفسها في المرة الأولى.

وفي أي حال، يعكس كلام المصادر الفرنسية أمرين اثنين، أولهما اعتبار أن مصدر التعطيل الرئيسي هو إيران التي لها حساباتها الخاصة للورقة اللبنانية، والثاني استمرار المراهنة على «دور إيجابي» لسورية. وينتظر وصول مسؤول سوري رفيع المستوى إلى باريس قبل نهاية الشهر الحالي، ما سيوفر فرصة إضافية للتداول بالوضع اللبناني.