نتنياهو يحاول إقناع اليمين بالعمل لصالحه.. وباراك يعد قوى اليسار بانطلاقة كبرى لعملية السلام

«كتلة السلام»: لدينا حكومة مخادعين استفزازيين.. ومستوطنون لا يشبعون

TT

في خضم النقاشات الحادة الدائرة في إسرائيل حول المطلب الفلسطيني والعربي والدولي بتجميد البناء الاستيطاني في المناطق الفلسطينية المحتلة، توجه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بخطاب خاص إلى المستوطنين لطمأنتهم بأنه يعمل لصالحهم، وتوجه وزير دفاعه إيهود باراك إلى قوى السلام، الطرف الآخر للخريطة السياسية، مطمئنا بأن المنطقة على أبواب انطلاقة كبرى لعملية السلام. وأثار هذه التناقض في توجه الحكومة سخرية الإعلام الإسرائيلي، فطرح السؤال: «كيف يمكن أن تكوه هذه حكومة سلام وحكومة استيطان في آن؟». وقال الكاتب أوري أفنيري، قائد حركة «كتلة السلام»، إن حكومة نتنياهو ـ باراك هي «حكومة مخادعين واستفزازيين، ولا يوجد ما هو بعيد عن السلام أكثر منها. وهي تبني مشاريع استيطانية محدودة، ولكن المستوطنين لا يشبعون، ولن يكتفوا بشيء إلى الأبد».

وكان نتنياهو قد حاول استباق نشاط المستوطنين في الضفة الغربية، وبينهم قادة بارزون في حزب الليكود الحاكم، فألقى خطابا، الليلة قبل الماضية، بمناسبة رأس السنة العبرية الذي سيحل بعد أسبوع. ووجه نتنياهو جل كلماته إلى المتطرفين من حزبه ومن معسكره اليميني، مشيدا بهم وبرفاقهم المستوطنين على «النشاط العظيم الذي يقومون به في سبيل إسرائيل والتضحيات في سبيل أرض إسرائيل». وقال إن الحكومة التي يقودها لا تفرط أبدا بحقهم في حياة طبيعية (وهي الصياغة التي يستخدمها لتبرير استمرار البناء الاستيطاني، بدعوى أنه لسد احتياجات التكاثر الطبيعي)، وإنه لا حديث عن تجميد الاستيطان في القدس وضواحيها. وأضاف أن «إسرائيل مستعدة للدخول في عملية سلام وتقديم التنازلات النابعة من ذلك، ولكنها ليست مستعدة أن تكون (مضحكة) ولن تفرط بالاحتياجات الأمنية لإسرائيل».

ولم يرحب المستوطنون، بمن في ذلك نشطاء الليكود بينهم، بهذا التصريح ولم يطمئنوا إليه. وقال شيفاح شتيرن، رئيس لجنة «أمناء أرض إسرائيل» في حزب الليكود، إن «نتنياهو لا يستطيع أن يخدع المستوطنين وأعضاء الليكود وجمهور الناخبين الذين منحوه ثقتهم. وكلامه لم يبعث على الراحة لدى أحد. فنحن بحاجة إلى فعل لا إلى كلمات فارغة». واتهم شتيرن نتنياهو بمحاولة تفكيك معسكر الليكود، الذي حاول الدفاع عن الاستيطان، بممارسة الضغوط على الوزراء والنواب كي لا يحضروا الاجتماعات الاحتجاجية. وقال، في حديث لإذاعة «المستوطنين»، أمس: «نحن نحاول تقويته حتى يصمد في وجه الضغوط الأميركية، وهو يدير ظهره لنا».

وقالت النائبة عن حزب الليكود تسيبي حوتوفيلي إن 15 نائبا من مجموع 27 نائبا في كتلته البرلمانية وقعوا على عريضة تطالب نتنياهو بألا يوافق على تجميد الاستيطان، ولا يستطيع نتنياهو تجاهلهم وعدم أخذهم بالاعتبار.

وفي اليمين المعارض توجه مئير أندور، رئيس منظمة ضحايا الإرهاب، برسالة إلى قادة المستوطنين يحذر فيها المستوطنين من أي تفاهم مع نتنياهو. ويقول إن زعيم الليكود يعود إلى سابق عهده في الحكومة الأولى (1996 ـ 1999)، ويعود إلى أخطاء اتفاقيات أوسلو التي كان قد انتخب لأنه حاربها ولكنه حال انتخابه تبناها. وأضاف: «نتنياهو يفتح اليوم الشوارع في الضفة الغربية أمام حركة السير الفلسطينية، ويوافق على إرسال شبان فلسطينيين إلى الأردن للتدرب على القتال كما لو أنهم جنود في الجيش، ويبدي استعدادا لتسليم هؤلاء بنادق متطورة، علما بأن هذه البنادق صوبت إلى صدور جنود الجيش الإسرائيلي والمستوطنين اليهود أكثر من مرة، ويزيل بؤر استيطانية ويجمد الاستيطان. فهذه كلها من مخلفات أوسلو، وقد جلبت لنا الدمار في الماضي وستجلب دمارا أكبر في المستقبل».

أما من الجهة الأخرى، فقد تكلم باراك، ووجه خطابه إلى قوى السلام وقادة حزبه (العمل)، داعيا إلى الامتناع عن خدمة أعداء السلام بواسطة حملاتهم الدعائية ضد الحكومة. وطالبها بالوقوف إلى جانب هذه الحكومة بدعوى أنها ستثبت وفي وقت غير بعيد أنها حكومة سلام. وقال: «إن منطقة الشرق الأوسط، ومن ضمنها إسرائيل، تقف على أعتاب انطلاقة كبيرة في مسيرة السلام. وهذه فرصة تاريخية لا يجوز تعويضها بأي شيء».