تدريس هجمات سبتمبر داخل المدارس الأميركية

لجيل كان صغيرا حين وقع الحادث ولا يتذكر كثيرا عن ذلك اليوم

تدريس هجمات سبتمبر في المدارس الاميركية لطلاب كانوا صغارا في ذلك اليوم («واشنطن بوست»)
TT

بعد تناول طعام الغداء، دخل الطلاب غرفة مخصصة لمادة الدراسات الاجتماعية، وجلسوا على الكراسي التي درسوا عليها الحرب الأهلية ولويس وكلارك وتفجير بيل هاربور.

وفي هذا اليوم، قال المدرس مايكل هوتشيسون إن الدرس سوف يتناول «أحد اللحظات الكبرى في تاريخنا». وذكّر الطلاب القدامى والجدد بأنه يعطي درجات على الملاحظات التي يدوننوها. وبعد ذلك أطفأ المصابيح وأدار شريط فيديو مستخدما التلفزيون الموجود داخل الفصل. ووضع بعض الطلاب حقائبهم على طاولة الدراسة لاستخدامها كمخدة، ووضع آخرون قبعة السويت شيرت التي يرتديها كل منهم على أعينهم. وقال أحدهم: «حان وقت النوم.» وفي هذه الأثناء، كانت شاشة التلفزيون تظهر ناطحة سحاب تحترق، وامرأة تصرخ، وبرجا يتهاوى، وامرأة تبكي وهي تتذكر الكلمات الأخيرة التي قالها ابنها. كتب أحد الطلاب في كراسته: «كانت هناك نيران».

وكتب آخر: «مات مواطنون وكان هناك مفقودون».

وكتب ثالث: «كان ذلك مثالا على العمل الإرهابي».

بعد مرور ثمانية أعوام، يعد ذلك نموذجا لما بات يمثله يوم 11 سبتمبر (أيلول) 2001 بالنسبة لجيل كان صغيرا جدا حين وقع الحادث ولا يتذكر الكثير عن ذلك اليوم أو لا يتذكر شيئا ألبته: إنها اسطوانة «دي في دي» تعليمية وكتاب دراسي من 167 صفحة. وداخل الغرفة «سي 215» بمدرسة لينكولن العليا، تعد صور ناطحة السحاب المتهاوية في مانهاتن تمرين تهيئة في بداية الحصة. وكُتبت الكلمات «مسلح» و«ينفجر» و«أطلال» بخط أسود كي يتذكرها الطلاب. وتسعى الواجبات المدرسية والأسئلة المقالية إلى ضمان أن هجمات 11 سبتمبر (أيلول) سوف تبقى في ذاكرة ملايين الطلاب داخل المدارس. التحول من الشخصي إلى المحفوظ, هذا هو التحول غير المريح الذي يفرضه عنصر الوقت على كافة الأحداث المأسوية. ولدى أنطوني غاردنر، الذي مات أخوه في الطابق الثامن والثلاثين داخل البرج الشمالي لمركز التجارة العالمي، قناعة بأن يكون هناك منهج دراسي عن 11 سبتمبر (أيلول) كأحد صور تكريم ضحايا الحادث. ومن أجل تحقيق ذلك، عمل غاردنر مع أستاذين جامعيين في مانهاتن، وعمل الأستاذان مع شركة تعليمية في سان فرانسيسكو عقدت شراكة مع مجموعة من الباحثين والمحررين قاموا بإرسال المنتج النهائي إلى مجموعة من المدارس للتجربة في مختلف أنحاء البلاد الأسبوع الماضي. وأرسلت إحدى النسخ عبر البريد إلى هوتشيسون، وهو مدرس تاريخ يبلغ من العمر 53 عاما في فينيسنيس لم يقم بزيارة نيويورك. واختير هوتشيسون، الذي حصل في أحد الأعوام على لقب أفضل مدرس في إنديانا، لتدريس المنهج وذلك لشهرته في استخدام الوسائط المتعددة في تدريس مادة التاريخ لصالح مدرسة تحيط بها حقول الذرة بالقرب من الحدود مع ولاية إلينوي. وفي يوم الأربعاء، كان هوتشيسون ينظر إلى 22 طالبا عاشوا نصف حياتهم بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، وما يتذكرونه من هذا اليوم عبارة عن لقطات متفرقة. ويتذكر أحدهم أن مدرسه في الصف الثالث قال لهم إن طائرة تحطمت. ويتذكر آخر المعلم وهو يغلق الباب الأمامي الذي يقود إلى المدرسة التمهيدية، وإقبال الآباء في المدن على تخزين الغاز، والجيران يعلقون الأعلام الأميركية، وأخ يتحدث عن الاضطرار إلى الدخول في حرب. يقول هوتشيسون: «ربما كنتَ أصغر من أن تدرك الحادث، ولكني عرفت أننا كنا نرى التاريخ يتشكل عندما كنت أشاهده على شاشات التلفزيون». وقام بتوزيع أوراق جاءت مع المنهج، وقام الطلاب بعد الصفحات في كل مجموعة، وبعدها علا صوت تأوه جماعي. واحتوت الصفحتان الأوليان على رسم بياني لطريق طيران أربع طائرات تحطمت في 11 سبتمبر (أيلول)، وتبعها تاريخ للعلاقات الأميركية مع أفغانستان على مدى 30 عاما. وطلب هوتشيسون من الطلبة أن يشكلوا مجموعات من أربع وأن يضعوا تسلسلا زمنيا ليوم 11 سبتمبر (أيلول). وشكا أحد الطلاب في الخلف: «سوف يشغلنا ذلك طوال الوقت».

وقال هوتشيسون: «حاول التركيز إلى أن يدق الجرس».

وخلال أسابيع مقبلة، إذا ما استمر هوتشيسون في العمل وفق المنهج، سوف يكون لدى طلابه ذكريات خاصة عن 11 سبتمبر (أيلول) وخرائط عن العمل الإرهابي ونقاش عن تطهير غراوند زيرو كأعضاء في مجلس مدينة افتراضية. ولكن في نهاية اليوم الأول لدراسة الهجمات، طلب هوتشيسون واجبا منزليا وهو إجراء مقابلة مع شخص أكبر عن 11 سبتمبر (أيلول) وكتابة مقال بناء على ذلك. وقال هوتشيسون: «سوف أختار أفضل مقالين، وسوف يحصل صاحبا المقالين على درجات إضافية. تعاملوا مع ذلك بجد لأنه يمكن أن يكون مفيدا للدرجات التي تحصلون عليها».

وفي الصف الثاني، كانت الطالبة جالي هدريك تدون ملاحظاتها وقالت: «انتظر، درجات إضافية؟» فرد المدرس: «نعم، أجري مقابلة مع عدد قليل. يمكن أن يكون ذلك عما لك أو أحد أبويك أو جدك، أي شخص تفضلينه. وبعد ذلك اكتبوا كل ما يتذكرونه».

وكان أنطوني غاردنر، الذي لم يذهب إلى فينيسنيس، في حاجة إلى أن يتذكر كل شيء. وقبل أن يصوغ المنهج الذي يدرسه فصل هوتشيسون، كان غاردنر، 33 عاما، عود نفسه الاحتفاظ بكافة تفاصيل الهجمات الإرهابية التي غيرت من حياته.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ(«الشرق الأوسط»)