«أولاد وبنات الدمام» يعبرون الألفية الأولى ويستعدون لإطلاق «بيت الأفكار»

شباب متطوعون يضخون الحياة في مفاصل المدينة تحت شعار «دمام بروح جديدة»

المهندس ضيف الله العتيبي أمين المنطقة الشرقية في إحدى فعاليات فريق «أولاد وبنات الدمام» («الشرق الأوسط»)
TT

يستعد فريق «أولاد وبنات الدمام» قريباً لإطلاق «بيت الأفكار» وهو أحدث مشاريع الفريق التطوعي، الذي استطاع أن يجتذب أكثر من 1000 مشارك في أعماله خلال أقل من عام على تأسيسه. وبيت الأفكار يستهدف تنشيط التفاعل الفكري والثقافي بين الشباب الذين ينتمون إلى بيئات مختلفة، وبالتالي تعزيز التواصل بينهم.

ومن شأن الأعمال التطوعية التي ينفذها الفريق من الشباب والفتيات ضخ الروح في مفاصل مدينة الدمام حاضرة المنطقة الشرقية، التي عرفت على مدى سنين بأنها مدينة «عمال»، يقصدها الباحثون عن العمل في الإدارات الحكومية والمعامل والمصانع والشركات، وتفتقر لنبض الشعور بالارتباط الاجتماعي، في وقت تتمدد المدينة الغافية على ضفاف الخليج تبتلع البحر شرقاً وتتسع نحو الضواحي غرباً وجنوباً.

والدمام تمثل بيئة مصغرة للمجتمعات السعودية، وكانت بحاجة إلى ابتكار فكرة تحاول الاستفادة من الطاقة الشبابية المتوقدة في إنعاش فكرة العمل الاجتماعي والتطوعي، وبالتالي ضخ الحماس لقيمة الحياة وجعل المدينة أكثر نبضاً وحناناً.

و(بيت الأفكار)، التي يستعد فريق (أولاد وبنات الدمام) خلال الأيام المقبلة لإطلاقه، عبارة عن مبنى يجتمع فيه من يريد أن يعرض أفكارا جديدة، لتناقش مع مجموعة محددة ومختار تحت مسمى «مجلس الحكماء»، وهي أفكار يتم تنضيجها بهدف إيجاد مشاركة الشباب في التنمية وخدمة المجتمع، كما أن (بيت الأفكار) مشروع بالغ الطموح يسعى لتعزيز قيم التواصل ومنح الشباب فرصة للخروج من السلبية إلى إيجابية الانتماء للأرض وللمجتمع.

ويقول نجيب الزامل، الكاتب ورجل الأعمال، وعضو مجلس الشورى السعودي، الذي عمل على تعزيز هذه التجربة، إن «هناك الكثير من العمل ينتظر الشباب، والكثير من الإبداع في عقولهم يريد الخروج» ويضيف «دورُنا كمجتمعٍ هو أن نزيد من مساحة التشجيع لهم، وأن نمسح مساحات التحذير والموانع، ووضع العِصي في العجلات».

ويقول إن الشباب «قرروا أن يخلعوا روحَ الشكوى والتأسي واللوم، وأن يتلبسوا روحَ الأمل والعمل والإيمان»، في حين يرى البيان التأسيسي لـ«أولاد وبنات الدمام» أن هؤلاء الشباب الذين بدأوا بسبعة أعضاء، قبل أن يكملوا الرقم الألف قبل أيام، أن هذا الفريق «شبابٌ هجرنا الشكوى والانتظار، وقررنا أن نلبس الأمل وأن نمسك بالعمل»، ورؤية هذا الفريق هي «دمام بروح جديدة»، ورسالته «خدمة الدمام بناسها وعمرانها وجمعياتها ومؤسساتها الأهلية والرسمية، ودعم ثقافة العمل التطوعي والجوانب الحضارية في مجتمعنا». خلال شهور قليلة من عمر الفريق، انكب على مشاريع تسعى لتعزيز روح المواطنة والانتماء، عبر ابتكار مشاريع لتنمية الأحياء، وكان مشروع الخياطة المنزلية، الذي تم تنظيمه بالتعاون مع مركز عبد الله الحمد الزامل لخدمة المجتمع، واحداً من أبرز هذه المشاريع، وهو يستهدف توفير فرصة عمل للفتيات في حي الخليج بالدمام للعمل في الخياطة، على أن يتولى فريق «أولاد وبنات الدمام» تسويق هذه المنتجات وتوفير فرص للعمل، كذلك مثل الفريق النسوي دوراً بارزاً في احتضان الفتيات اليتيمات، وقام الفريق منذ يوليو (تموز) الماضي بمشروع «أخوات» وهو يهدف إلى مؤاخاة كل فتاة مراهقة من الأيتام بفتاة أخرى؛ بهدف إيجاد صداقة بينهما تعزز بناء الشخصية والتعرف على احتياجاتها الخاصة.

ثمة مشاريع أخرى، يتم تطبيقها بشكل متواصل، كان آخرها مشروع المساعدة في تجهيز مخيمات الإفطار الرمضاني، وتوزيع زكاة العيد، بالتعاون مع المؤسسات الخيرية، كذلك ينشط الفريق في أعمال متواصلة عبر تنظيف دوري للشواطئ من المخلفات، وتنظيم رحلات ترفيهية للأيتام، وزيارة للمسنين، وعيادة المرضى، والمساعدة على التوازن البيئي بتنظيم وضع الصخور، التي نقلها الموج إلى المياه الضحلة، لتوفير مسكن للكائنات الدقيقة والمفصليات البحرية، وطمس الكتابات المشوهة للمرافق العامة، ومكافحة التلوث البصري عبر التشجيع على رسم الجداريات.

ويقول محمد البقمي، المشرف العام على الفريق، الذي حظي مؤخراً بدعم أمير المنطقة الشرقية، إن «الأبرز في عمل هذا الفريق هو ما سيأتي في الأيام المقبلة، حيث يخطط الفريق لإطلاق بيت الأفكار، وهو مشروع يستهدف تنشيط التفاعل الفكري والثقافي بين الشباب، الذين ينتمون إلى بيئات مختلفة، وبالتالي تعزيز التواصل بينهم».

ويقول البقمي، إن «الفريق سوف يعمل بالإضافة لتعزيز المهارات الفردية للشباب المشاركين، فإنه سيتبنى أهداف مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني في تشجيع الشباب على الحوار، وابتكار أساليب جديدة لتعزيز مفهوم المواطنة فيما بينهم». عمل الزامل على تشجيع انتقال الفكرة إلى مدن مختلفة، وقد تم أولا تأسيس أولاد وبنات الخبر وبمبادرة منهم، كما عمل الزامل على تشجيع الشباب في القطيف على تبني فكرة المشروع. ويقول إنه «مقتنع بأنهم سيقدمون خدمة نوعية إضافية فيما يخص الفن التشكيلي والثقافة، وكذلك التفاعل مع العمل الاجتماعي، وفي أمسية رمضانية، دعا الزامل في جزيرة تاروت الشباب هناك إلى أن يحذوا حذو زملائهم في الدمام والخبر، بإطلاق العنان أمام مبادرات نوعية تصب في خدمة المجتمع ومعالجة السلبيات، وخلال الأسبوع الماضي تم وضع اللبنات الأولى لمشروع أولاد جزيرة تاروت.

ويشرف على تجمع «أولاد الدمام» محمد البقمي وينسقه الشاب علي الحميدان، وأول المؤسسين هم: المخترع أحمد النعيمي، والمدرس بالثانوية الصناعية سعيد الزهراني، ويوسف وأحمد وإبراهيم الزامل، وسيف الجريان، وطالب طب الأسنان عبد الرحمن الرفاعي، بالإضافة لآخرين.

يوجد حالياً أكثر من 240 شاباَ مسجلين على أنهم أعضاء مشاركون في فعاليات الفريق، يساندهم أكثر من 900 من المتعاونين، الذين يتعاونون مع الفريق في برامجه، وتمثل الفتيات النسبة الأكبر من أعضاء الفريق، وهذه من الظواهر الأنثربولوجية الجديرة بالدارسة في مجتمع لم تنطلق فيه الفتاة إلا في عهود قريبة، وبنات المدن ربما هي محك الدراسة الأبرز.

ويقول البقمي إن «الفريق يضم نخبة من الشباب والفتيات، بينهم مهنيون على مستوى عالٍ تتوزع تخصصاتهم بين الطيار والمهندس والطبيب والمخرج والمصور والممثل، والإعلامي، ومتخصصين في التقنية المعلومات والتسويق والعلاقات العامة والتدريب، كما يحتوي الفريق على متخصصين في التربية الخاصة للصم والبكم والاحتياجات الخاصة».

وبالإضافة لفريق الإدارة، هناك مجلسان تنفيذيان مستقلان للأولاد وآخر للبنات تتولى وضع الخطط والأنشطة واقتراح الميزانيات وتقسيم المهام.

ويقول القائمون على المشروع إن همهم هو أن ينخرط الشباب السعودي في ورش وفعاليات ترسخ لديه شعور المواطنة والانتماء والحوار والتلاحم الوطني، وإعطاء الشباب فرصة لبناء علاقات عابرة للانتماءات المحدودة، بالإضافة لتعزيز العمل التطوعي وخدمة المجتمع، والحدّ من شعور بعض الشباب بالهامشية وعدم الجدوى.