السعوديون يلجأون لتخدير الحيوانات السائبة لمجابهة انتشارها

تنسيق بين «البلديات» و«الحياة الفطرية» لوضع معايير وسائل المكافحة

تشكل الحيوانات السائبة إشكاليات لسكان بعض المدن ("الشرق الأوسط")
TT

لم ينتظر السعوديون كثيراً في بدء حربهم على الحيوانات السائبة في بلادهم، بعد مشاهد التطفل والمضايقة المستمرة للسكان الأصليين على أرضهم، والتي قادها أكثر من 350 ألف قرد من نوع «البابون»، ومئات الغربان والعشرات من الحمير والجمال السائبة بالإضافة إلى الكلاب والقطط الضالة.

وأخذت الحرب طرقاً ووسائل متعددة لتحقيق أهداف السكان تصل إلى حد التخلص من الكلاب بتسميمها بمادة «سلفات الاستر كنين»، من خلال وضعها في اللحوم وتقديمها للكلاب، إضافة إلى استخدام البنادق والأنابيب المخصصة لتخدير الكلاب ومن ثم حقنها بمادة سامة، وكذلك إطلاق الرصاص على الكلاب العقورة، وتسميم الأطعمة في حاويات القمامة التي تصل إليها أفواه القطط والحيوانات الضالة ليتم جمعها ميتة بمكب النفايات.

وأكد لـ«الشرق الأوسط» سعود المساعد مدير إدارة الصحة العامة بالنيابة بوزارة الشئون البلدية والقروية أن الدور الرسمي لوزارته متمثلا بالإدارة العامة لصحة البيئة فيما يتعلق بالحيوانات السائبة، ينحصر في حال أثرت هذه الحيوانات على حياة الأفراد أو إلى تحولها إلى حاضن لأمراض معينة.

وكشف مدير إدارة الصحة العامة بالنيابة بدء وزارة الشئون البلدية والقروية تنفيذ مشروع خاص يستمر لـ 3 أعوام بغرض رصد آفات الصحة العامة لكافة المناطق السعودية، معتمدة المنطقة الجنوبية كنقطة انطلاق لمشروعها الذي بدأته في كل من نجران وجازان وعسير والباحة للتعرف على الآفات وأطوارها ومواسم تكاثرها والطرق الأنسب لمكافحتها والأمراض التي تنقلها. وشدد سعود المساعد على أهمية إنشاء جمعية خاصة للحيوانات السائبة أو الضالة تتبنى عملية جمع القطط والكلاب والجمال والحمير في ظل تصادم عمليات المكافحة مع بعض الفتاوى الشرعية التي تحرم قتل الحيوانات السائبة مما منع قتل الكلاب في الآونة الأخيرة على سبيل المثال في السعودية بحسب المساعد.

ويأتي ذلك بعد أن تم تشكيل لجنة من وزارة الداخلية ووزارة الشئون البلدية والقروية لدراسة وسائل إبادة الكلاب في السعودية، حيث اجتمعت اللجنة المنعقدة بتاريخ 1403هـ، وبعد تدارس الموضوع من كافة جوانبه الايجابية منها والسلبية بالسماح باستعمال بعض أنواع البنادق والسهام المخصصة لتخدير الكلاب ومن ثم العمل على إبادتها والتخلص منها بحقنها بمادة سامة.

وكانت اللجنة قد وافقت على إعطاء وزارة الشئون البلدية والقروية صلاحية العمل على إبادة الكلاب الضارة والعقورة باستخدام البنادق لتخدير الكلاب ومن ثم القضاء عليها بحقن سامة.

وبين المساعد، بعض ما تنقله الحيوانات السائبة من أمراض خطيرة تصيب الإنسان كداء الكلب والحويصلات الكلبية، مشيراً إلى أن اختلاف مسميات الأمراض المنتشرة في السعودية إنما هو جراء تباين الكائنات الحية المنتشرة في المناطق سواء أكانت من الحشرات أو الحيوانات السائبة.

وأضاف أن المنطقة الغربية والجنوبية من السعودية تتميز بانتشار مرض «حمى الوادي المتصدع» و«الضنك» و«الخمرة النزفية» والتي بدأت بالظهور في نجران منتقلة عبر نوع معين من الحشرات نتيجة قلة الاهتمام بالنظافة الشخصية للأفراد، وبحسبه فان جل الإصابات «بالخمرة النزفية» كانت من الرعاة المختصين بتربية الماشية والأغنام والجمال.

واستبعد المساعد احتمالية انتقال حمى الضنك إلى منطقة الرياض رغم بقائه «أمرا واردا» كما ذكر، وذلك يعود إلى نوع البعوض المختص في نقل المرض والذي يقتصر تواجده في الأماكن الرطبة كالمنطقة الجنوبية والغربية، مبتعداً عن المناطق الصحراوية الجافة.

ولفت مدير إدارة الصحة العامة بالنيابة، إلى وجود تنسيق بين البلديات والهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها بغرض مراعاة بعض المعايير بشأن مكافحة الحيوانات السائبة كالقرود والكلاب والقطط بعدم إبادتها بشكل تام، مضيفاً أن احد أساليب مكافحة الحيوانات السائبة قد تصل إلى القتل بإطلاق الرصاص، بالإضافة للجوء حديثا للطرق العلمية بالحد من نسبة الكائنات السائبة عن طريق التحكم في قدرتها الجنسية وتعطيل تناسلها عوضا عن قتلها بالسموم أو الطلقات النارية، مضيفا وفيما يتعلق بالقطط فيتم اللجوء إلى الطعوم السمية بوضعها في مرمى النفايات.

وكانت وزارة الشئون البلدية والقروية قد أكدت في كتيباتها الخاصة بمكافحة الحيوانات الضالة على ضرورة العمل على بناء وتأسيس وحدات تعمل على تجميع الحيوانات السائبة والتخلص منها بالطرق السلمية أو منحها للراغبين في تبنيها، بالإضافة إلى ضرورة استصدار قانون عام يتضمن شروط وقواعد استئناس الحيوانات مع فرض غرامات مشددة لعدم تطبيق هذه القواعد. من جهة أخرى، طالب الدكتور أبو زنادة الأمين العام السابق للهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها، بضرورة تنسيق الجهود مع كافة الجهات المعنية للقضاء على إشكالية الحيوانات السائبة مفيدا «ليس لدي فكرة بوجود أي تعاون في الوقت الراهن لوضع حد للمشكلة المتفاقمة» مع تأكيده على الإشكالية وتقديم حلول لها تختص بالبلديات.

وأشار أبو زنادة إلى وجود اتفاقيات سابقة ما بين الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها ووزارة الشئون البلدية والقروية بغرض وضع حلول لمكافحة الحيوانات الضالة كل بحسب نوعه لا تحتاج سوى إلى متابعة لمراقبة تطبيقها، منها إقامة مسيجات لوضع الجمال الضالة بداخلها، وتجميع القرود في متنزه «مسيج» بمنطقة عسير يحول إلى محطة سياحية، وفي حال عدم نجاح كافة الوسائل السلمية تجمع الحيوانات ويستفاد من لحومها في تصنيع أغذية معلبة للحيوانات.