براون: مجموعة العشرين ستعلن «المجلس الاقتصادي الرئيسي في العالم»

رئيس المفوضية الأوروبية يؤكد على قيادة أميركية ـ أوروبية للعالم من «مدينة الجسور» * القمة ستشدد على أهمية التعاون الدولي والتحوط من أزمات اقتصادية مستقبلية

متظاهرون يرتدون أقنعة لزعماء قمة العشرين التي عقدت في الأمم المتحدة أمس (أ.ب)
TT

على الرغم من إعلان دول عدة انتهاء فترة الركود فيها خلال الأسابيع الماضية، فإن الأزمة المالية ما زالت حقيقة تشغل قادة العالم وخاصة في ما يخص فرص إعادة النمو للاقتصاد وخلق فرص العمل. ووسط تحذيرات من «البنك الدولي» و«منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية» بعدم التساهل مع تداعيات الأزمة الاقتصادية والأسباب وراءها، يجتمع قادة دول مجموعة العشرين في مدينة بيتسبرغ الأميركية منذ مساء أمس لبحث التطورات الاقتصادية الأخيرة. ويعمل مسؤولون من دول مجموعة العشرين على وضع اللمسات الأخيرة للبيان الختامي للمجموعة، الذي من المتوقع الإعلان عنه مساء اليوم مع اختتام قمة مجموعة العشرين، التي يستضيفها الرئيس الأميركي باراك أوباما. وكان من المرتقب أن يشمل البيان الختامي فقرات عدة حول ضرورة مواصلة التعاون الدولي في الإطار الاقتصادي لمنع أزمة اقتصادية جديدة مع ظهور أولى بوادر معافاة اقتصادية. واجتمع أوباما مع قادة دول مجموعة العشرين، التي تمثل نحو 90 في المائة من الاقتصاد العالمي، في مدينة بيتسبرغ مساء أمس في حفل استقبال وعشاء عمل قبل أن يجتمع معهما في جلسات عمل عدة في مدينة بيتسبرغ الأميركية. وهذه المرة الثالثة التي يجتمع فيها قادة دول مجموعة العشرين خلال أقل من عام لمعالجة الأزمة الاقتصادية والعمل على وضع ضوابط تمنع تكرار مثل هذه الأزمة مجددا، إذ اجتمعوا في واشنطن في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي وبعدها في لندن في أبريل (نيسان) الماضي. ووصل الأمير سعود الفيصل إلى بيتسبرغ أول من أمس لرئاسة الوفد السعودي المشارك في القمة، الذي يضم وزير المالية السعودي الدكتور إبراهيم العساف، ومحافظ مؤسسة النقد العربي السعودي الدكتور محمد الجاسر. وبما أن لدى السعودية أكبر اقتصاد في الشرق الأوسط وقد حصلت على المرتبة الـ13 من حيث الدول الأكثر تنافسية في العالم، ستكون المشاركة السعودية في القمة وبحث سبل تنشيط الاقتصاد العالمي، ذات أهمية خاصة. قال رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون أمس، إن زعماء العالم سيعلنون مجموعة العشرين باعتبارها المجلس الاقتصادي الرئيسي في العالم.

وقال إن زعماء المجموعة سيجتمعون بشكل دوري وستتولى كوريا الجنوبية رئاسة المجموعة العام المقبل.

وقال براون للصحافيين قبيل قمة زعماء مجموعة العشرين في بيتسبرغ هذا الأسبوع، «مجموعة العشرين ستقوم بدور في التعاون الاقتصادي أكبر من الذي قامت به مجموعة الثماني في الماضي».

وأشار إلى أن هناك احتياطيات بالعملة الأجنبية تبلغ قيمتها سبعة تريليونات دولار «لا تستخدم بالضرورة بشكل بناء». وتابع براون أنه يريد أن يرى صندوق النقد الدولي يتقدم بخطة تأمين من شأنها تقليل احتياج بعض الدول لمراكمة الاحتياطيات لاستخدامها في دعم اقتصادها.

وستكون قضايا عدة بحثت في القمم السابقة موضع نقاش مجددا في القمة، من بينها ضرورة إصلاح الأنظمة المالية العالمية، وعلى رأسها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. وعلى الرغم من إعلان مجموعة العشرين سابقا أنها ستعمل على إصلاح المنظمات لإعطاء صوت أكبر للدول النامية قبل حلول عام 2011، فإنه لا توجد حتى الآن خطط واضحة للإصلاح. وتركز الصين على مثل هذه القضية، التي تعتبر أنه «لا توجد عقلانية» في النظام الحالي، بحسب المدير التنفيذي الذي يمثل الصين في صندوق النقد الدولي هي جينكسيونغ. وقال هي في مقابلة مع «وكالة الأنباء الصينية» إن «هناك قوة زائدة» في أيدي دول متطورة قلة. وعلى الرغم من مطالبة الصين في السابق إلى إعادة النظر في الاعتماد على الدولار الأميركي كالعملة الرئيسية في العالم، فإن تحسن العلاقات بين البلدين في إطار المجلس الإستراتيجي الأميركي ـ الصيني ساعد على التقليل من حدة انتقادات بكين للدولار. وكانت هناك اختلافات في وجهات النظر بين فرنسا وألمانيا من جهة والولايات المتحدة والمملكة المتحدة من جهة أخرى حول كيفية التعامل مع رواتب مديري البنوك وحصولهم على مكافآت باهظة. وبينما كان كل من الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، يريدان فرض قيود على تلك المكافآت، رفض أوباما ورئيس الوزراء البريطاني غوردون براون ذلك، مشددان على ضرورة وضع حد للتدخل الحكومي في أسواق المال. وانتهز رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروسو، فرصة وجوده في بيتسبرغ للحديث عن «عهد جديد لأوروبا عالمية»، وهو عنوان كلمة ألقاها في جامعة بيتسبرغ أمس. وكرر باروسو أهمية «عدم التقاعس ومعرفة أن الوضع الاقتصادي والمالي ما زال هشا». وركز باروسو في خطابه على ضرورة بناء المزيد من الجسور بين أوروبا والولايات المتحدة، وكان الحديث عن الجسور مناسبا في بيستبرغ التي تسمى بـ«مدينة الجسور» لأن لديها أكثر من 455 جسرا في المدينة، وهو أكثر عدد في العالم. وقال باروسو: «العالم يتغير بسرعة كبيرة ونحن نشهد انتقالا أكبر بكثير من الأزمة الاقتصادية والمالية، بل يؤدي إلى انتقال في توازن القوة العالمي». وبينما تزداد قوة الصين وروسيا والهند سياسيا واقتصاديا، تعمل أوروبا على البقاء في واجهة قيادة العالم، من خلال تحالف صلب مع الولايات المتحدة. واعتبر باروسو: «فقط أوروبا والولايات المتحدة، مع تواصلنا العالمي وقوتنا الاقتصادية وقيمنا المشتركة، يمكننا أن نعرض القيادة المنسجمة والإيجابية للعالم». وتحدث باروسو عن أهمية ذلك التحالف استعدادا للقمة الأوروبية ـ الأميركية التي من المرتقب عقدها في واشنطن نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. وتبقى قضية البطالة من القضايا التي تؤرق القادة، واعتبر باروسو أن «الجميع يواجه ارتفاع البطالة وخطورة التوتر الاجتماعي». وصرح الأمين العام لـ«منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية» انغيل غوريا بأن «البطالة هي الخط النهائي للأزمة الحالية»، مضيفا: «لا يمكن لنا إعلان النصر فقط لأننا نرى بوادر انتعاش، وعلينا ألا نتوقع بأن النمو سيعالج هذه المشكلة». وحذرت المنظمة العالمية أنه من الممكن أن يخسر 57 مليون شخص عمله العام المقبل إذا لم ينتعش السوق العالمي وتتسارع نسب النمو. ومن المتوقع أن يتفق جميع القادة على أهمية معالجة التغيير المناخي والحد من تأثيراته. وبعد قمة مكافحة التغيير المناخي في الأمم المتحدة في نيويورك قبل يومين وتطلعا لقمة كوبنهاغن في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، سيشدد القادة على أهمية تكثيف الجهود للتوصل إلى اتفاق على الحد من الانبعاثات الغازية الضارة وتطوير مصادر طاقة متجددة. وقال باروسو أمس، إن «الوقت حان لوضع العروض على الطاولة» قبل عقد قمة كوبنهاغن، ومعرفة ما يمكن أن تقدمه كل دولة في هذا السياق. ويعمل أوباما على وضع خطة للحد من الإعانات التي تضعها الدول للوقود الاحفوري، كطريقة للحد من استخدام الوقود الاحفوري. وقال مستشار أوباما للأمن الوطني للقضايا الاقتصادية مايك فرومان، إن هذه المبادرة تتطلب التزام دول عدة بها من أجل الحصول على النتيجة المطلوبة في الحد من الانبعاثات السامة. ولم تظهر ردود فعل واضحة من الدول المجتمعة في القمة بعد حول هذه الخطة التي ستكون على طاولة المفاوضات اليوم. وأغلقت جميع المنافذ لمدينة بيتسبرغ ما عدا ثلاثة شوارع رئيسية سمح للمقيمين في المدينة أن يستخدموها. وعملت الشرطة مساء أول من أمس حتى صباح أمس لوضع الحواجز الأسمنتية في شوارع بيتسبرغ. وقال موظف في شركة تأمين في المدينة جيمز سميثسون: «قررت أن أحصل على إجازة يومي الخميس والجمعة، لأن هذه المدينة ستكون أشبه بالسيرك»، مضيفا لـ«الشرق الأوسط»: «غالبية الشركات نصحت موظفيها بأخذ عملهم للمنزل والعمل في المنزل».

وبالإضافة إلى الإجراءات الأمنية المشددة، كانت هناك مخاوف من اشتباكات بين الشرطة ورجال الأمن الأميركيين من جهة ومجموعة متظاهرين يطلقون على أنفسهم اسم «مشروع مقاومة مجموعة العشرين». وأعلنت المجموعة عزمها قيادة مسيرة ضد قمة العشرين في شوارع المدينة الرئيسية على الرغم من رفض الشرطة إعطائها رخصة بإجراء المسيرة. ولم يكن من المتوقع أن يصل المتظاهرون لـ«مركز مؤتمرات ديفيد لورنس» حيث تعقد القمة، إذ وضعت الحواجز الأمنية ونقاط التفتيش على بعد كيلومترات منها.

* المشاركون في قمة مجموعة العشرين في بيتسبرغ

* يستضيف الرئيس الأميركي باراك أوباما في بيتسبرغ بولاية بنسلفانيا شرق الولايات المتحدة قمة تجمع قادة الدول الصناعية والناشئة العشرين الكبرى.

في ما يلي قائمة بالمشاركين في القمة:

ألمانيا: المستشارة انغيلا ميركل السعودية: وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل الأرجنتين: الرئيسة كريستينا كيرتشنر استراليا: رئيس الوزراء كيفن راد البرازيل: الرئيس لويس ايناسيو لولا دا سيلفا جنوب أفريقيا: الرئيس جاكوب زوما كندا: رئيس الوزراء ستيفن هاربر الصين: الرئيس هو جينتاو كوريا الجنوبية: الرئيس لي ميونغ ـ باك فرنسا: الرئيس نيكولا ساركوزي الهند: رئيس الوزراء مانموهان سينغ اندونيسيا: الرئيس سوسيلو بامبانغ يودويونو إيطاليا: رئيس الوزراء سيلفيو برلوسكوني اليابان: رئيس الوزراء يوكيو هاتوياما المكسيك: الرئيس فيليبي كارديرون بريطانيا: رئيس الوزراء غوردن براون روسيا: الرئيس ديمتري ميدفيديف تركيا: رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان الاتحاد الأوروبي: فريدريك راينفلت رئيس وزراء السويد الذي تتولى بلاده رئاسة الاتحاد الأوروبي الدورية وجوزيه مانويل باروزو رئيس المفوضية الأوروبية

* المدعوون من الدول غير الأعضاء في المجموعة:

اسبانيا: رئيس الوزراء خوسيه لويس ثاباتيرو اثيوبيا: رئيس الوزراء ميليس زيناوي ممثل الشراكة الجديدة للتنمية في أفريقيا (نيباد) هولندا: رئيس الوزراء يان بيتر بالكينيندي سنغافورة: رئيس الوزراء لي سيين لونغ ممثل منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا المحيط الهادئ تايلاند: رئيس الوزراء ابيسيت فيافيجا ممثل رابطة جنوب شرق آسيا (اسيان)

* المنظمات الدولية:

البنك الدولي صندوق النقد الدولي منتدى الاستقرار المالي الأمم المتحدة منظمة التجارة العالمية منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية