سيدات أعمال عراقيات يهبن الأمل للأرامل والمطلقات عبر دورات تدريبية ومشاريع صغيرة

أرملة لـ«الشرق الأوسط»: كنت ميتة قبل انضمامي لمشروع الخياطة

TT

لم يكن من المتوقع أن تبرز شريحة سيدات الأعمال في بلد مثل العراق وبشكل متماسك لدرجة توحيد جهود عشرات السيدات ممن تمكنّ، وفي ظروف استثنائية، من تأسيس شركات خاصة ومنافسة كبريات الشركات التي يترأسها رجال معروفون، غير أن الفارق بين سيدات الأعمال العراقيات ورجال الأعمال، أن الشريحة الأولى لا تعمل لأجل تحقيق الربح المادي فقط بل تتعداها لأن يكنّ فعلا العقول المخططة لإنقاذ الأرامل والمطلقات ومعيلات العوائل ممن لا يملكن مصدر عيش، حاملات شعار (منا الأفكار والمال ومنكن العمل.. لكن بروح الفريق).

عزة حمادي، أو كما تحب سيدات الأعمال تسميتها بـ«الأم تيريسا» لكثرة بحثها عن كل ما يساعد النساء وتحديدا الأرامل والمطلقات والأيتام، وجهت دعوة لـ«الشرق الأوسط» لحضور أحد اجتماعات سيدات الأعمال وكذلك الاحتفال بانطلاق برنامج بغداد تحت شعار «الأرملة العراقية عطاء يستحق الوفاء لصنع غد مشرق»، وكذلك أول معرض لمشروع السجاد اليدوي الذي تديره سيدة الأعمال حليمة حسن، ومشاريع أخرى بعضها نفذ والآخر قيد التنفيذ. ولاحظنا حرص ما يقرب من 12 سيدة على حضور الاجتماعات الدورية وطرح الأفكار الاقتصادية والتي تمت دراستها على أساس مضمونية الربحية وتأمين أكبر قدر ممكن من فرص العمل للأرامل.

وأكدت عزة أن هناك جهات دولية عديدة قدمت وتحاول تقديم الدعم المباشر وغير المباشر لهذه الشرائح في المجتمع العراقي وكان آخرها هو قيام وزيرة الخارجية الأميركية بتعيين سفيرة متخصصة بمتابعة كل برامج دعم النساء الأرامل في العراق، مؤكدة أن «الحديث عن الأرامل يعني الحديث عن أكثر من مليون وبضع مئات الآلاف من النساء غير القادرات على إعالة أنفسهن وعوائلهن لعدم وجود المعيل وعدم وجود فرص العمل».

وتقول عزة «تمكنا منذ العام 2004 وحتى الآن من تأمين فرص عمل عبر تنفيذ مشاريع مختلفة تعرض من خلال جهات حكومية عراقية أو مشاريع لمنظمات أو مشاريع تبنتها جهات أميركية لتنمية العراق، ونفذت من خلال سيدات الأعمال وبجدارة وبأوقات قياسية»، وتضيف «قمنا وبشكل مشترك وبروح فريق راغب بتقديم شيء للأرامل بتنفيذ أو تبني مشاريع من شأنها توفير فرص عمل لهن ونقوم في كل اجتماع بتدارس مشاريع وتجارب دولة مماثلة لظرف العراق والبدء عبر شركات السيدات بطرح أفكار الغاية منها خلق فرص عمل ومشاريع صغيرة للنساء، والشركات تمول فقط أو تؤمن مصادر مانحة للأرامل لضمان نجاح أعمالهن وتأمين مصدر كسب لهن».

عزة كشفت أيضا عن «وجود منظمات تبنت أخيرا مشاريع دعم الأرامل وتأهيلهن وحتى تزويجهن بعد أن تقدم دعما كاملا لهن لبدء حياة جديدة بشرط أن يكون الزواج برضا الأرملة، وهذه المنظمات عملها الرئيسي هو الأرامل والأيتام».

سيدة الأعمال حليمة أكدت أنها تمكنت من تمويل عشرات المشاريع التي تقدمت بها نساء، موضحة «كنت منسقة لبرامج منح لهذه المشاريع أيضا، والهدف هو البدء بمشروع صغير داخل بيت الأرملة يساعدها على العمل وكذلك شمولها ببرامج تأهيل متطورة، ومن بين المشاريع مشروع السجاد اليدوي وهي من الحرف التي انقرضت في العراق ورغم رغبة المجتمع بإحيائها فإن عدد الحرفيين قليل جدا، هنا تمكنا من إيجادهم وإخضاع أرامل لدورات بالحياكة وفعلا تمكنا من إعادة الحياة لهذه الصناعة التراثية، ونحن نقوم بالمساعدة أيضا في موضوع التسويق عبر التصدير للخارج أو استخدام شبكة المعلومات في العروض».

المهندسة خالدة عبد، التي تدير شركة طريق السلطان، تبنت هي الأخرى البدء بتنفيذ مشروع دار لإيواء ذوي الاحتياجات الخاصة ودار أخرى بالأطفال الأيتام، وبينت لـ«الشرق الأوسط» بأنها بدأت مع شرائح الأرامل لكن وفق رؤى مختلفة «فقد تفاجأت وفي إحدى المرات وعند تنفيذي مشروعا في شارع حيفا بوجود امرأة أرملة تعيل ثلاث بنات وهي تسكن في ممر بين الشقق واتخذت من مرافق صحية محل سكن بعدها قمت بتأمين عمل لها وثلاث نساء أخريات بنفس حالتها وتباعا تمكنت من فتح دار خاص بالأرامل وكل هذه الخطوات نقوم بها بشكل شخصي دون عون من أحد ونعتبرها مشاريع خيرية وإنسانية الغاية منها المساعدة، كما قمت أخيرا وخلال فترة شهر رمضان المبارك بالتنسيق مع جهات مانحة من أصحاب شركات وتجار ومنظمات والتبرع لدور الأيتام بالملابس والطعام وتجهيزات علمية، ومن المشاريع الأخرى هو القيام بتأهيل أرامل على العمل كمدبرات منزل (هاوس كيبر) بعد أن نخضعها لبرامج تعليمية تفيدها بالقيام بهذه الأعمال».

والتقينا بعدد من الأرامل اللائي حضرن لافتتاح مشروع الحياكة اليدوية، ومنهن الأرملة أثير حمزة التي أكدت أنها كانت تشعر وكأنها ميتة قبل الدخول بهذا المشروع، وتضيف «الآن أشعر بالعكس فأنا الآن أشعر بإنسانيتي وشخصيتي كامرأة لها وجود، وتمكنت من إنهاء دراستي الإعدادية، بعد أن كنت بحالة ضياع بعد فقدان زوجي أما الآن فأبحث عن حياة جديدة».

أما الأرملة هنا محيبس فقالت «طالما كنت أعير أهمية حتى لترتيب شكلي الخارجي وتصفيف شعري أما الآن فيحدث العكس معي كوني مرتبطة بدورات تعليمية وأصبح الأمل يشغل حيزا كبيرا من حياتي».

فيما تقول نزهت عكلة إنها تشعر بوجودها في هكذا مشاريع بأنها ستكون امرأة ذات أهمية وأن «من الممكن أن أكون كالسيدات المهمات اللائي يظهرن من على شاشات التلفزيون ويتكلمن بطلاقة في مواضيع السياسة والاقتصاد».

أما الأرملة سعاد خلف فقد ذهبت إلى أبعد من ذلك فهي طالبت بأن تكون هناك مرشحات للبرلمان من بين الأرامل للدفاع عنهن.