غضب إسرائيلي لرفض تركيا إشراكهم في مناورات عسكرية

واشنطن تلغي مشاركة الناتو في التدريبات احتجاجا على موقف أنقرة

TT

عبّر قادة الجيش الإسرائيلي عن غضبهم من قرار الحكومة التركية إلغاء مشاركتهم في المناورات العسكرية الموسمية مع قوات من حلف الناتو وطالبوا حكومتهم باتخاذ إجراءات ضد هذا النهج التركي. ولكن الحكومة الإسرائيلية رفضت تصعيد التوتر مع أنقرة، بوصفها «ما زالت كنزا استراتيجيا لإسرائيل». واكتفت بالرد الأميركي الحازم على القرار، وذلك بوقف مشاركة حلف الأطلسي كله. وطلبت من الجيش أن يصرف اهتمامه عن هذه القضية ويتركز في المناورات الضخمة التي ستبدأ هذا الأسبوع مع القوات الأميركية في البحر الأبيض المتوسط.

وكانت المناورات في قاعدة قونيا التركية مقررة من اليوم وحتى 23 الحالي بمشاركة قوات تركية وأميركية وإسرائيلية وبعض القوات الأوروبية من حلف الناتو. ولكن الصحافة التركية هاجمت الحكومة على سماحها لإسرائيل بالمشاركة فيها بسبب سياستها العدوانية ضد الشعب الفلسطيني. وقالت إن الحكومة ناقضت الأجواء السياسية في تركيا عندما عادت وأجرت مناورات بحرية مع القوات الإسرائيلية في أغسطس (آب) الماضي. وطالبتها بإلغاء المشاركة الإسرائيلية في هذا الوقت بالذات، حيث يدين المجتمع الدولي إسرائيل على جرائم الحرب التي ارتكبتها في قطاع غزة. وقالت إنه لا يجوز لتركيا أن تتعاون مع طائرات سلاح الجو الإسرائيلي التي قصفت غزة قبل شهور.

ورضخت الحكومة التركية للضغوط الإعلامية، فأبلغت إسرائيل في الأسبوع الماضي أنها لا تستطيع إشراكها في هذه المناورات. وقد هُرع المسؤولون الإسرائيليون إلى واشنطن يطلبون تدخلها. وعندما رأى الأميركيون أن القرار التركي نهائي، قرروا إلغاء مشاركتهم هم أيضا وكذلك قوات الناتو.

وطالبت قيادة الجيش الإسرائيلي رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ووزيري الدفاع والخارجية إيهود باراك وأفيغدور ليبرمان، بالرد على التصرف التركي بإجراءات احتجاجية. وقالت إن تركيا أقدمت على عدة خطوات للمساس بعلاقاتها مع إسرائيل، فاشترت قمر تجسس من إيطاليا بعد أن كانت تفاوضت مع إسرائيل لشرائه منها. ووقفت تدريبات سلاح الجو الإسرائيلي فوق أراضيها. وتتخذ مواقف عدائية ضد إسرائيل بسبب مكافحتها للإرهاب الفلسطيني مع أنها كانت قمعت بقسوة أكبر تنظيمَ حزب العمال الكردي. ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» على لسان قائد عسكري كبير في إسرائيل قوله: «للإهانات حد، فصحيح أن تركيا بلد مهم جدا لإسرائيل، ولكن لتحمُّل إهاناتهم حدودا، ولا يُعقل أن تظل حكومتنا صامتة إزاءها».

لكن الحكومة ردت الطلب، مشيرة إلى أن «تركيا ما زالت كنزا استراتيجيا لإسرائيل، وما زالت تشتري أسلحة ومعدات عسكرية من إسرائيل بمئات ملايين الدولارات في السنة، وهي عمق استراتيجي بالغ الحيوية لإسرائيل حيث إنها فتحت أجواءها طوال سنين أمام سلاح الجو الإسرائيلي لإجراء تدريبات عسكرية». وكما قال نائب وزير الخارجية الإسرائيلي داني أيلون أمس، فإن المناورات مع تركيا ليست شأنا إسرائيليا فحسب، بل شأن أميركي وأوروبي: «فلندع الآخرين يعالجون القضية». وقال إن معالجة هذه القضية بحكمة سوف تعيد الأمور إلى نصابها مع تركيا.

ودعت الحكومة قيادة الجيش الإسرائيلي إلى التركز مع المناورات ذات الأهمية التاريخية التي ستبدأ هذا الأسبوع أمام الشواطئ الإسرائيلية، بمشاركة قوات كبيرة من الأسطول الأميركي (15 سفينة حربية أميركية وجنود وشبكات دفاع جوي)، فهذه هي أضخم مناورات مشتركة مع الولايات المتحدة في تاريخ إسرائيل. وهدفها التصدي لهجوم صاروخي تتعرض له إسرائيل من إيران وحدها أو من إيران وقوى أخرى مثل سورية أو حزب الله اللبناني أو حماس الفلسطينية. والرسالة التي توجهها الإدارة الأميركية لإيران في هذه التدريبات، هي أن الولايات المتحدة ستحارب إلى جانب إسرائيل في حالة تعرضها للهجوم.

وكانت مئات العناصر من القوات الأميركية قد وصلت إلى إسرائيل طوال الشهر المنصرم، وتم تركيزها في قاعدة لسلاح الجو الإسرائيلي في وسط البلاد، وقد بدأت الإعداد مع الطواقم القيادية الإسرائيلية لتنفيذ هذه التدريبات، التي وضعت لها مهمات معقدة. وسيقودها جنرال أميركي كبير يحمل على كتفه أربعة تيجان.

وكشفت مصادر عسكرية في إسرائيل أن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي جابي أشكنازي، تباحث مع نظيره الأميركي مايك مولان، حول وضع اللمسات الأخيرة لهذه التدريبات لدى لقائهما في باريس في الأسبوع الماضي، وهو اللقاء السابع بينهما خلال السنوات الثلاث الماضية.