تضارب في الآراء بين حماس وفتح حول موعد انعقاد حوار المصالحة

مركزية فتح تصر على إصدار مرسوم رئاسي خلال أسبوعين للإعلان عن موعد الانتخابات

TT

تضاربت تصريحات كل من حركتي فتح وحماس حول موعد جلسة الحوار المقبلة في القاهرة التي يفترض أن يتم خلالها توقيع اتفاق بين أكبر فصيلين، ينهي حالة من الانقسام السياسي والجغرافي الفلسطيني استمر أكثر من عامين.

وبينما قالت فتح أن لا معلومات لديها حول تأجيل جلسة الحوار في 25 من الشهر الجاري، بل ربما يجري تقديم الموعد، قالت حماس إنه تم تأجيل التوقيع إلى موعد آخر سيتفق مع المصريين بشأنه. وأكد مصدر فلسطيني مطلع لـ«الشرق الأوسط» أن ممثلي الحكومة المصرية وافقوا على تأجيل التوقيع على الاتفاق إلى ما بعد عيد الأضحى المبارك. وأضاف المصدر أن المصريين أقروا أمام ممثلي حماس أنه لن يكون بالإمكان التوقيع على الاتفاق في الموعد المحدد. وأرجعت حماس السبب إلى أنه لا يمكن الجلوس مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس بعد «فضيحة» تأجيله تقرير غولدستون في مجلس حقوق الإنسان، وإلا ستكون أدارت الظهر للغضب الشعبي الكبير، أما فتح فاتهمت حماس بالتهرب من المصالحة واستغلال التقرير استغلالا رخيصا.

وأكدت حماس، أمس، أن القيادة المصرية تفهَّمت طلب تأجيل جلسة الحوار المقبل ووافقت عليه، على أن تستمر المشاورات حول المواعيد والخطوات اللاحقة. وقال سامي أبو زهري، المتحدث باسم الحركة، إن «وفد الحركة إلى القاهرة تقدَّم بطلب رسمي لتأجيل الحوار بسبب تسمُّم أجواء الحوار بفعل موقف سلطة رام الله من تقرير غولدستون». وأضاف، «أبدى المسؤولون المصريون تفهمًا لهذا الطلب ووافقوا عليه، على أن تستمر المشاورات بين كلا الطرفين حول المواعيد والخطوات اللاحقة». واعتبر أبو زهري أن طلب التأجيل لا يمثل موقف حركة حماس فقط، بل معظم الفصائل والقيادات الوطنية، كما جاء في البيان الصادر عن لجنة المتابعة العليا.

وأكد القيادي في حركة حماس، خليل الحية، أن حركته لم تتراجع عن قرار المصالحة ولكنها تبحث عن أفضل الأوقات لتوقيع الاتفاق، مشددا على أن الموعد لن يكون بعيدا.

وقال الحية في مهرجان في الجامعة الإسلامية بغزة، «قرار المصالحة الوطنية لا رجعة عنه ونحن ندفع للأمام ونهيئ الظروف والأجواء، ونبحث عن أفضل الأوقات للتوقيع على اتفاق المصالحة لأن المصالحة مصلحة للجميع».

ونفت فتح أن تكون أبلغت بهذا التأجيل، وقال جمال محيسن، عضو اللجنة المركزية لفتح، لـ«الشرق الأوسط» إن موقف مصر سيصل للحركة اليوم (أمس)، وحينها سترد الحركة بسحب ما جاء في الورقة. لكن عزام الأحمد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، قال إن المعلومات المتوافرة لديه تشير إلى أن القاهرة قد قدمت موعد توقيع اتفاق المصالحة على أن يوقع كل طرف من الفصائل الفلسطينية الاتفاق بشكل منفرد في مكانه ويرسله للقيادة المصرية.

وقال مسؤول في حركة فتح أمس إن القيادة المصرية أبلغت المسؤولين في الحركة أنها ستعرض صيغة اتفاق مصالحة بين الفلسطينيين لتوقيعها في الخامس عشر من أكتوبر (تشرين الأول).

وقال المسؤول الذي رفض كشف اسمه لوكالة الصحافة الفرنسية إن «القيادة المصرية أبلغتنا أنها سترسل للفصائل الفلسطينية جميعها صيغة اتفاق مصالحة وموعدا للانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني الفلسطيني، وهو برلمان منظمة التحرير الفلسطينية، لتوقيعها في الخامس عشر من الشهر الحالي من قبل فتح وحماس، على أن توقعها بقية الفصائل قبل العشرين من الشهر نفسه».

وأضاف: «من المتوقع أن ترسل مصر إلى قيادتي فتح وحماس الأوراق الخاصة بالتوقيع خلال الأيام المقبلة».

وأوضح أن «الاقتراح هو توقيع فتح وحماس عليها يوم الخامس عشر من أكتوبر الحالي»، على أن يتم «توقيع باقي الفصائل على الاتفاق قبل 20 أكتوبر».

وأوضح المسؤول في فتح أن الآلية تقضي «بأن يرسل كل فصيل توقيعه على اتفاق المصالحة إلى مصر من دون أي احتفال، وبعدها يعلن الجانب المصري أن الفصائل توافقت يوم 20 أكتوبر على اتفاق المصالحة».

وقال إن أحد بنود الاتفاق يقضي بأن «يصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس مرسوما رئاسيا بحسب القانون الأساسي الفلسطيني يوم 25 أكتوبر يعلن من خلاله موعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية في 26 يونيو ( حزيران)».

وأضاف أن «الاحتفال العلني بالاتفاق يكون بالتوافق بعد عيد الأضحى المبارك» في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

وأوضح المسؤول أن هذه الصيغة ستدرسها فتح بعد تسلمها وسترسل ردها إلى القيادة لمصرية. ومن جهته، قال صائب عريقات، عضو تنفيذية المنظمة ومركزية فتح، «إن الاستغلال الرخيص لما حدث حول تأجيل تقرير غولدستون من قبل حماس والاتهامات والحملة غير المبررة التي شنتها، كان كل هدفها هو إبقاء الانقسام وإبقاء السيف بيد نتنياهو مسلطا على رقاب الفلسطينيين على حد قوله.

واتهم عريقات حماس بأنها تبحث عن ذريعة لتأجيل الحوار وتأجيل التوقيع على الاتفاق وتريد إعطاء «الشرعنة للانقلاب». ومن المفترض أن الرئيس الفلسطيني وجه أمس مساء خطابا للشعب الفلسطيني تحدث فيه عن حيثيات تأجيل تقرير غولدستون والمصالحة مع حماس، كما يفترض أن يكون خالد مشعل زعيم حماس ألقى خطابا هو الآخر.

وانفجرت خلافات أخرى، بين الحركتين، أمس، بشأن موعد الانتخابات الفلسطينية الرئاسية والتشريعية، وبعد أن أصدرت اللجنة المركزية لفتح بيانا أكدت فيه ضرورة إصدار مرسوم رئاسي، قبل الـ 25 من الشهر الحالي، يحدد موعد إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في موعدها الدستوري، «وذلك التزاما بالقانون الأساسي وقانون الانتخابات العامة وصونا لحق الشعب الفلسطيني في المشاركة في صناعة القرار». ورفضت حركة حماس دعوة اللجنة المركزية لحركة فتح إصدار المرسوم، واتهمت حماس، حركة فتح بمحاولة إشغال الشعب الفلسطيني عن قضاياه الأساسية كالقدس والأسرى واللاجئين.

وقال فوزي برهوم، المتحدث باسم حماس، «واضح أن حركة فتح تعتبر الانتخابات من الثوابت أكثر من قضية القدس ومن حق العودة ومن الدولة ومن الأسرى». وتابع، «إن الانتخابات الفلسطينية لها استحقاقات ولها أجواؤها وهي ملف من خمسة ملفات درست على مدار سبع جولات في حوار القاهرة» واتهم فتح بأنها «تدفع باتجاه اجتزاء هذا الموضوع من الخمسة ملفات المطروحة». متهما فتح بأنها «لم توفر حتى اللحظة الحد الأدنى من الأجواء المناسبة لإجراء الانتخابات، ولم تبد حتى الحد الأدنى من حسن النوايا تجاه النزاهة والشفافية وضمان حرية التصويت وحرية الترشح».

وجدد برهوم تأكيد حركته على الالتزام بكل ما تم التوافق عليه في جلسات الحوار في القاهرة مع الفصائل الفلسطينية وأمام القيادة المصرية وقال «المواضيع يجب أن تحل بالتوافق وليس الاستفراد بهذه الطريقة». أما على صعيد الفصائل الباقية، فقد أكدت عدة فصائل فلسطينية رفضها تأجيل جلسة الحوار الفلسطيني المقبلة المقررة في الخامس والعشرين من الشهر الجاري والتي سيتم خلالها توقيع اتفاق المصالحة برعاية مصرية. وقال القيادي في حركة الجهاد الإسلامي نافذ عزام، إن «اتفاق المصالحة يجب أن يتم اليوم قبل الغد وإن تأجيل المصالحة يمكن أن يضر وهو لا يفيد الفلسطينيين كثيرا». وقالت الجبهة الشعبية إن «استمرار الانقسام جزء لا يتجزأ من أزمة القيادة والبرنامج والأداء، ولا يقل خطرا عن مواصلة الرهانات العقيمة والضارة على الحلول والوعود الأميركية والتفرد والاستئثار المستشري في سلطتي رام الله وغزة».