الفلسطينيون يطلقون أول أكاديمية لتعليم الدراما برعاية ألمانية

ستمنح درجة البكالوريوس بعد دراسة 3 سنوات

أحد العروض المسرحية الفلسطينية (أ ف ب)
TT

افتتح الفلسطينيون أخيرا في رام الله أول أكاديمية لتعليم الدراما، بعد أن كان هذا حلما بعيدا، قبل سنوات، بسبب آلة الحرب الإسرائيلية التي كانت وحدها تتحكم في مصائر الفلسطينيين وتصنع الدراما بطريقتها الخاصة.

واليوم فإن كل من يراوده حلم التمثيل، بإمكانه أن يلتحق بالأكاديمية الفلسطينية، ليتخرج منها بعد 3 سنوات حاملا درجة البكالوريوس، وهي الأكاديمية الوحيدة في فلسطين التي تمنح هذه الشهادة، المعترَف بها عالميا.

والتحق بالفصل الأول 12 هاويا بعد أن خضعوا للفحوصات اللازمة من قِبل أساتذة متخصصين فلسطينيين وألمان، من بين نحو 10 طالبا قدموا طلبات التحاق. وقال رئيس الأكاديمية جورج إبراهيم إن نحو 90 في المائة من التعليم خلال ثلاث السنوات سيكون عمليا بينما 10 في المائة سيكون نظريا، وهذا سيكسب الطلبة خبرات مناسبة للعمل في التمثيل. وتم تطوير البرنامج التعليمي في الأكاديمية بالتعاون مع جامعة فولكوانغ الألمانية، وقدم وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير، ورئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض، رعايتهما للمشروع، الذي دعمته مؤسسة «ميركاتور» الألمانية بـ300 ألف يورو.

وأوضح إبراهيم أن الدراسة في الأكاديمية ستكون مكثفة، وسيتم خلالها تدريس المهن المسرحية ومهارات الصوت والإلقاء والرقص والحركات كافة إضافة إلى المواد النظرية المتعلقة بتاريخ المسرح وتحليل النصوص. ويقول إبراهيم المزين مدير الأكاديمية إن 99 في المائة من النصوص المسرحية التي يتم التدريب عليها غربية الأصل في حين أن الباقي من أعمال المسرح العربي.

ومن المقرر أن يعرض الطلبة في نهاية السنة الدراسية الأولى مسرحية «أنتيغوني» لسوفوكليس في ألمانيا بالإضافة إلى عرض مسرحي مشترك مع المدرسة الفنية العليا في إيسن في نهاية السنة الدراسية الثالثة.

وفي بداية هذا الشهر افتتح فياض الأكاديمية، وقال إبراهيم إن «الحلم بات حقيقية»، معتبرا أن «الاستثمار في الثقافة هو استثمار في الإنسان، وهو استثمار طويل الأمد، وبطيء العطاء».

وسينتظر الفلسطينيون طويلا قبل أن يستطيعوا منافسة دول عربية في المجال الفني بشكل عام.

ويعاني المسرحيون الفلسطينيون قلة الاهتمام والدعم المالي وبعض العراقيل الإسرائيلية أحيانا التي تحد من حرية حركتهم مما دفع الكثيرين إلى عرض مسرحياتهم في الخارج، إذ كانت تلاقي حضورا أفضل واهتماما إعلاميا أكبر، وحتى أولئك الذين كانوا يودون تعلم التمثيل كانوا يلتحقون بأكاديميات عربية وغربية.

وقال ممثل جمهورية ألمانيا الاتحادية لدى السلطة الوطنية كلاوس بيركهارت، إن افتتاح أكاديمية الدراما في فلسطين فرصة نادرة ورائعة في حد ذاتها، ويمكن لها التنافس مع الدراما في القاهرة ودمشق والتفوق عليها.

وقال ممثل مؤسسة «ميركاتور» الداعمة للأكاديمية أوليفر هاك: « من خلال أكاديمية المسرح سيتم اختراق العزلة المفروضة على الفنانين الفلسطينيين». وقال رئيس جامعة فولكوانغ البروفسور كورت مينارت إن رواد الثقافة في ألمانيا يعرفون أنه من غير إسهام الفنون لا يمكن إيجاد حلول لأزمات ومشكلات المجتمع».

ويتطلع القائمون على الأكاديمية إلى أن ينجح المسرح الفلسطيني في أن يصبح شريكا ناقدا في المجتمع. ويتطلع البعض إلى هذه الخطوة على أنها ضمن خطوات أخرى على طريق قيام الدولة الفلسطينية، وقال فياض إن «الدولة التي نعمل على تحقيقها يجب أن لا تتمتع بالسيادة والديمقراطية والازدهار فقط، بل يجب أن تكون على قدر عال من الثراء الثقافي، وفاءً للميثاق الذي تعهدنا به لصون ورعاية ثقافة شعبنا وتراثه الوطنيَّين».

وأضاف فياض في حفل افتتاح الأكاديمية أن «إنشاء أكاديمية للمسرح هنا، وإعادة فتح دار للسينما هناك، وتشجيع القراءة للأطفال في المناطق المهمشة، وضمان حقهم في مدرسة وعيادة صحية، وحديقة جميلة، ليست رفاهية أو ترفا في فسيفساء لوحة مشروعنا الوطني، بل أدوات أساسية، ووسائل فعالة لصمود شعبنا وإصراره على مواصلة ضمان إنجاز مشروعنا الوطني المتمثل في إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة».

وتابع فياض أن «هذا المَعْلم الثقافي يشكّل لبِنة أساسية في مسيرة تجسيد مشروعنا الوطني كما حددتها وثيقة برنامج الحكومة، وخطط العمل المنبثقة عنها، فلا يكفي أن نستمر في تعداد وتفصيل شرور الاحتلال، أو تعثر أدائنا الوطني، على أهمية ذلك، فالشعوب الحية، ذات البعد الحضاري والثقافي الأصيل، هي التي تتمسك على الدوام برؤية تاريخية وثقافية وإنسانية مُسنَدة برافعة العلم والعمل والاجتهاد».

وسيتلقى 8 شبان و4 فتيات لم تتجاوز أعمارهم 24 عاما تعليمهم خلال السنوات الثلاث في فضاء مسرح وسينماتك القصبة في رام الله، في حين تستمر الجهود لإنشاء مبنى متخصص للأكاديمية التي يمكن أن تتحول إلى جامعة للفنون على المدى البعيد.