المعرض السعودي للوسائل الدعائية والإعلانية.. «حضرت الكرافتة وغاب الشماغ»

فوضى بصرية تعيد النظر في أسباب ابتعاد السعوديين عن العمل في مجال الإعلان

TT

بين أجنحته، وفي أي مكان تحط أنظارك داخل المعرض السعودي الثاني للوسائل الدعائية والإعلانية، يدخلك شك بأن المعرض يقام في مكان آخر غير السعودية، إذ حلت الكرافتات والبدل مكان الثوب والشماغ، في إشارة إلى قلة العاملين السعوديين في مجال الوسائل الدعائية والإعلانية.

وعلى الرغم من أن معرض الوسائل الدعائية والإعلانية، الذي اختتم أعماله أمس في العاصمة الرياض جاء ليواكب التطور الذي تشهده صناعة الإعلان، والمنافسة الكبيرة بين شركاته عالمياً ومحلياً. إلا أن أجنحة الشركات المشاركة خلت من أي أعمال إبداعية واكتفت بتسجيل حضور. وقادت حالة من الفوضى البصرية شهدتها جنبات المعرض، تمثلت في ألوان وأشكال مختلفة من الكرافتات والبدل التي ارتداها جلّ العاملين في مجال الدعاية والإعلان من غير السعوديين، في وقت اعتادت الأنظار في مثل هذه المعارض على رؤية الزي الوطني، إلى أعادة النظر في مسألة ابتعاد السعوديين عن العمل في هذا المجال.

أمام ذلك، قال بندر عسيري المدير العام للشركة الخليجية للإعلان والعلاقات العامة، لـ«الشرق الأوسط»، إن الشركات العاملة في المجال التسويقي والإعلاني لم تطور قدرتها على الاستعداد للتضحية المؤقتة التي من شأنها تدريب وتأهيل شباب سعودي يكون قادرا في المستقبل القريب على قيادة قطاع الإعلان وتطويره. وشدد عسيري على ضرورة أن يستفيد قطاع الإعلان من تجربة البنوك السعودية قبل أكثر من 15 عاماً عندما كان معظم العاملين فيها من غير السعوديين، مفيدا أن البنوك اتفقت على تحمل تبعات المرور بمرحلة انتقالية يتم من خلالها تدريب وتأهيل السعوديين للعمل في المجال المصرفي، وكان من نتائج ذلك أن أكثر العاملين في البنوك الآن هم من السعوديين، حيث تتعدى نسبتهم أكثر من 90 في المائة. وأكد عسيري أن قطاع الدعاية والإعلان بحاجة لكوادر وطنية تتفهم احتياجات وثقافة المجتمع السعودي بحيث تقدم منتجات دعائية إعلانية مقبولة على مستوى المستهلكين والمعلنين على حد سواء، من خلال تصميم الإعلانات بما يتوافق مع عادات وتقاليد ومتطلبات المجتمع، وكذلك تقديم الاستشارات التسويقية المناسبة التي تتواءم مع توجهات المجتمع السعودي.

واعتبر المدير العام للشركة الخليجية للإعلان والعلاقات العامة- إحدى شركات المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق-، أن العمل في مجال الإعلان يتطلب جهوداً فردية، وسعيا مستمرا لتحقيق أهداف تضعها الشركات أمام موظفيها.

وأبان أن ذلك سيؤدي إلى العمل طيلة أيام الأسبوع في بعض الأحيان، وهو ما يخلق نوعاً من التحدي عند بعض الشباب الذين يفضلون نظام العمل التقليدي، المحكوم بوقت دخول ووقت انصراف.

الدكتور محمد آل زلفة، عضو مجلس الشورى السابق في السعودية، أرجع في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أسباب قلة العاملين من الشباب السعودي في مجال الوسائل الدعائية والإعلانية، إلى عدم وجود معاهد ومراكز متخصصة لاحتضان الشباب وتدريبهم، بجانب قصور الجامعات السعودية عن إيجاد وتطوير أقسام متخصصة في مجال الوسائل الدعائية والإعلانية.

ودعا آل زلفة، وزارة الثقافة والإعلام والجهات المختصة في البلاد، إلى تشجيع رجال الأعمال السعوديين والمستثمرين في مجال الدعاية والإعلان، لإيجاد مراكز تدريب وتطوير متخصصة تقوم على تخريج كوادر وطنية قادرة على المنافسة ودخول سوق الإعلان وتطويره بما يخدم المصلحة الوطنية من جميع الجوانب.

وقال عضو مجلس الشورى السابق «مطبخ الدعاية والإعلان السعودي غير جاهز فكيف له أن يقدم مخرجات قادرة على أن تثبت جودتها !»، مضيفاً أن سوق الدعاية والإعلان السعودي يشهد حضوراً قوياً من قبل غير السعوديين، وهو ما يزيد الصعوبات والعقبات أمام الشباب السعودي في إثبات جدارتهم، ويحول دون ثباتهم في السوق وتطوير ذواتهم.

وبين آل زلفة، أن الشاب السعودي على رغم قلة خبرته في هذا المجال إلا أنه يستطيع المنافسة، لكنه بحاجة لدعم من قبل أصحاب تلك المؤسسات، للتغلب على الصعوبات التي تواجهه في منافسة الكوادر الأجنبية، مؤكداً أن من نجح من السعوديين في هذا المجال، هم من صنعوا أنفسهم بأنفسهم وتغلبوا على جميع التحديات.

ويزيد حجم سوق الإعلان في السعودية على 3.5 مليار ريال (933 مليون دولار)، ما يجعلها في الصدارة من بين أسواق المنطقة العربية.

وكانت السعودية قد سجلت زيادة تبلغ نحو 30 في المائة في مجال الإنفاق على الإعلان بنحو 3.3 مليار ريال، (880 مليون دولار) عام 2004م، وتزايدت هذه النسبة بمقدار 15 في المائة سنويا حتى عام 2008م.

وشهدت صناعة الإعلان في السعودية، تغيرا واضحا في مراتب المعلنين طبقا للأنشطة الاقتصادية، حيث تتصدر شركات الاتصالات العاملة في البلاد بقية القطاعات من حيث الإنفاق، في الوقت الذي تراجع فيه نصيب الشركات العقارية من الإعلانات، نتيجة تراجع نشاط المساهمات العقارية.

وكانت إحصاءات الشركة العربية للدراسات والبحوث (بارك)، قد أشارت إلى احتمال انخفاض الصرف الإعلاني الخليجي بين 10 في المائة إلى 15 في المائة في حالة توقف أو انخفاض النشاط الإعلاني بشكل كبير لبعض القطاعات المتضررة بالأزمة المالية والاقتصادية. وذهبت في تقريرها إلى «احتمال أن يراوح الصرف الإعلاني الخليجي مكانه ليظل في حدود الــ 8 مليارات دولار على أحسن الأحوال، في حالة استمرار نشاط قطاعات مثل المواد الاستهلاكية والأغذية والمشروبات، وألا يتجاوز الصرف الإعلاني الخليجي حاجز الـ 10 مليارات دولار كما كان متوقعا بنهاية عام 2009 لو استمرت وتيرة النمو التي شهدتها أسواق المنطقة خلال السنوات العشر الماضية».