مخاوف من تحول الصومال إلى جبهة جديدة لـ «حركات الجهاد» العالمية

المفوض الأوروبي للتنمية يحذر من أنها قد تصبح قريبا «أفغانستان جديدة»

TT

هل باتت الصومال على وشك أن تشكل جبهة جديدة لما يسمى «الجهاد العالمي»؟ تكثر الإشارات المنذرة التي تذكر مع ذلك بأن القرن الأفريقي كان في التسعينات ميدانا يصعب على «القاعدة» ولوجه.

وحذر المفوض الأوروبي للتنمية كارل دو غوشت، في نهاية سبتمبر (أيلول) من أن «تأثير «القاعدة» يتزايد في الصومال»، محذرا من أنها قد تصبح قريبا «أفغانستان جديدة».

وخلال زيارة هذا الأسبوع إلى لندن، قال رئيس الوزراء الصومالي عمر عبد الرشيد شارماركي، أن بلاده أصبحت «ملاذا» للحركات الإسلامية المتطرفة. وأضاف «أنهم يتدربون ويعدون لتنفيذ عملياتهم على أراضينا. الصومال تشكل بالنسبة لهم مكانا مثاليا للتجمع وإعادة الانتشار»، حسب تقرير لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

ولا شك أن تأثير «القاعدة» يتزايد في الصومال مع مخاطر زيادة «تدويل» النزاع، وهي مخاوف عبر عنها «المعهد الاستراتيجي للسياسة الجنوبية» في تقريره الأخير.

ويقول المعهد، إن هناك «اتجاها لتحويل الصومال إلى أرض لمعركة الجهاد» في حين أعلنت حركة الشباب المجاهدين الذين يقاتلون الحكومة الانتقالية الآيلة إلى الانهيار، ولاءها «للشيخ المجاهد» أسامة بن لادن.

ويقاتل مئات من المتطوعين الأجانب، وبينهم الكثير من الصوماليين المقيمين في الخارج، إلى جانب الشباب، ويستخدمون وسائل قتالية استخدمت في العراق كالعمليات الانتحارية والعبوات المفخخة.

وأعلن بن لادن بوضوح، أنه يريد أن يحول الصومال إلى جبهة جديدة للجهاد ضد الغرب، وقد خصص ثلاثا من رسائله للصومال منذ بداية 2009. لكن «القاعدة» فشلت في التمركز في الصومال في سنتي 1993 و1994 وتجميع الإسلاميين المحليين الذين كانوا يقاتلون جنود الأمم المتحدة المنتشرين في هذا البلد. وكتب مركز محاربة الإرهاب (كومباتنغ تيروريزم سنتر) التابع لأكاديمية وست بوينت العسكرية الأميركية في تقرير أن «الفوضى الظاهرة السائدة في الصومال، التي كانت عقبة أمام المنظمات الغربية، وافترض كثيرون أنها تخدم مصالح «القاعدة»، كانت بالمثل عقبة في طريق تمركز (التنظيم) في هذا البلد».

ويقول المركز، إن هذه الظروف «مليئة بالعقبات والمخاطر» بحيث تحد من تحرك المنظمات الإنسانية غير الحكومية، وكذلك «الخلايا الإرهابية». فقد استخدمت «القاعدة» الأراضي الصومالية «ممرا وملاذا مؤقتا» ولكن «عزلة البلاد وقسوتها» شكلت عقبة أمام إقامة قاعدة خلفية ثابتة».

ويقول جان بيار فيليو، أستاذ العلوم السياسية في فرنسا، إنه منذ لجوئها إلى السودان المجاور (1991 ـ 1996) واجهت «القاعدة» في القرن الأفريقي «مشكلات مالية ولوجستية كبيرة». وفيليو مؤلف كتاب «أرواح (القاعدة) التسع»، الصادر عن دار فايار. وفشلت مهمة الجهاديين كذلك «نظرا لتمسك الميليشيات الصومالية بوطنيتها وكرهها للأجانب»، مما «سلط الضوء على الصعوبات التي تواجهها «القاعدة» في التمركز في بيئة غير عربية».

ويقول معهد ويست بوينت إن الصومال المعاصرة «بلا حكومة، ولكنها ليست من دون حكم»، فقد زادت «الخصومات بين القبائل التقليدية والسلطات المحلية» بشكل كبير من تعقيد مهمة «القاعدة»، وكل ذلك في مجتمع ريفي «من الصعب تقليديا تحريكه وتعبئته». وكان الواقع الصومالي «يتجه عموما إلى منع ومحاربة صعود الإسلام المتطرف»، فالإسلام المحلي هو تقليديا إسلام معتدل حيث للمذاهب الصوفية تأثير كبير، في حين أن المذهب الوهابي المتبع في شبه الجزيرة العربية المجاورة، يعتبر غريبا على الثقافة المحلية.

وعلى العكس من ذلك، ساهمت عوامل جديدة مثل إفراغ المجتمع الصومالي وتشتت أهله في أنحاء العالم، والتكتل السريع في المراكز الحضرية و18 عاما من الحرب الأهلية، في إزالة هذه العقبات من أمام الحركات الراديكالية، لتجعل المجتمع الصومالي أكثر تقبلا لخطاب «القاعدة» الحماسي الملتهب.